حتى القطريين ينقلبون على الإخوان، هذه ملامح المؤشرات الأولية مع تخلص الأمير «تميم» من رجال والده «حمد»الإخوان القريبين للتيارات الدينية فور تسلمه الحكم فى انقلاب ناعم من ماركة «موزة»، التى اختارت «تميم» ابنها المدلل من بين 18 ابنا للأمير «المتختخ» المريض، بعد أن انقلبت على ابنها الأكبر ورفضت أن يعطى «حمد» الولاية لابنيه الكبيرين من زوجتيه الأخريين! فهل تنقلب إمارة «موزة» على الإخوان كما هو واضح فى مواقفها الأخيرة، ومنها تجاهلها لأزمة الوقود فى مصر!
منذ تناقلت الوكالات أخبار نقل السلطة إلى الشيخ تميم، علق الكثيرون الآمال على الأمير الجديد فى أن يحمل تغييرات فى السياسة القطرية، التى تحابى وتتحالف مع «الإخوان المسلمين» التى تلقى معارضة شديدة من دول وشعوب بأكملها، خاصة أن قطر ساعدت الإخوان كثيراً فى مصر فى كل خطوات الجماعة.
أمير قطر الجديد الذى يبلغ من العمر 33 عاما يمثل وصوله إلى السلطة تناقضا كبيرا مع حكام الدول الخليجية الأخرى التى يحكم شعوبها صغيرة السن ملوك وأمراء فى الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من عمرهم ويرث عروش بعضهم أمراء من الفئة العمرية ذاتها.. ويضع بعض القطريين الأمل فى تميم ليعمل على تصحيح علاقات البلاد مع الدول الخليجية المجاورة وإعادة البلاد إلى كنف مجلس التعاون الخليجى.
«تميم» الابن الأصغر للشيخة موزة بنت المسند، المرأة الخليجية القوية التى يعتبرها الكثيرون وراء توجيه سياساته، ووصفتها صحيفة التايمز اللندنية من بين قادة الأعمال الأكثر تأثيرا فى منطقة الشرق الأوسط.
بدأت حكاية تولى تميم، منذ أشهر عندما اشتعل الصراع وبشكل غير مسبوق بين أبناء الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى للسيطرة على الحكم فى ظل تضارب الأنباء عن صحة الأمير وبروز الصراع بين أبنائه الثمانية عشر والذين أنجبهم من ثلاث نساء على رأسهن الشيخة موزة المسند التى سعت لتسليم ولاية العهد لابنها «تميم» بعد أن قررت خلع نجلها الأكبر «جاسم» من ولاية العهد ورأت فى «تميم» صلاحيات مناسبة بشكل أكبر، وبدأت موزة فى ترتيب الأوراق داخل قطر لتهيئة الأمور أمام نجلها لوراثة حكم قطر بعد والده الشيخ حمد المريض بالفشل الكلوى.
وكانت الشيخة موزة قد نجحت فى تنصيب ابنها جاسم وليا للعهد ثم أزاحته وأتت بتميم بدلا منه، إلا أن هذا لم يمنعها من تطوير علاقاتها ودورها فى أوساط الأسرة الحاكمة حتى تضمن بقاء قطر بين يديها بعد وفاة زوجها الذى يعانى من فشل كلوى.
ولاشك أن موزة تعلم أن طريق ابنها ملىء بالمخاطر والخصومات خاصة أن هناك 17 شقيقا بخلاف أبناء العمومة يتنافسون على وراثة الحكم فى حالة رحيل حمد، وكانت موزة قد بدأت خطواتها لتوريث الحكم لأحد نجليها «جاسم أو تميم» بعد أن كثرت الأحاديث حول اثنين من أبناء حمد هما الشيخ «مشعل والشيخ فهد»، حيث يحظيان بشعبية واسعة فى قطر.
سياسة قطر القديمة التى تبناها الأمير حمد فى دعم الأنظمة المتأسلمة التى أمسكت بزمام الحكم فى ليبيا وتونس ومصر أغضبت الشعوب وخاصة الشعب المصرى الذى أحرق الأعلام القطرية قبل ذلك فى ميدان التحرير، فضلا عن الأوبريت الذى قدمه الإعلامى باسم يوسف «قطرى حبيبى» وهو الأوبريت الذى لاقى استحسانا كبيرا من جموع الشعب المصرى الذى يرى قطر سندا للإخوان.
ومع توليه المنصب أقال الأمير تميم رئيس الوزراء وتم تعيين الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثانى وزير الدولة الحالى للشئون الداخلية، فى بداية للانقلاب الفعلى والتخلص من رجال والده المقربين وفى مقدمتهم رئيس الوزراء ووزير الخارجية.
د. عصام العريان - نائب رئيس حزب الحرية والعدالة - نقل قلق الإخوان من هذا التغيير فى قطر، بقوله إنها خطوة غير مسبوقة فى المنطقة.وأضاف: لن تتغير السياسات الداخلية والخارجية كثيرا، ولن تحدث مفاجآت.
وبالرغم من تصريحات العريان إلا أن الأمير تميم له رؤية مختلفة فقد بدأ عهده بإبعاد عدد من وكلاء الوزارات المختلفة المحسوبين على تيار الإخوان وكذلك بدأ عملية تطهير واسعة داخل وزارة الخارجية من الموظفين المحسوبين على الإخوان بينما كان ممثلو قطر فى منظمات الإغاثة الإسلامية وغيرها من المنظمات التى تتخذ من ذلك الشعار ستارا لدعم التيار الإسلامى فقد تم استدعاؤهم إلى الدوحة بشكل نهائى.
ليس من المؤكد أن الأمير تميم سيتخلى عن سياسة والده فى دعم الإخوان، ولكن هناك بوادر تؤكد هذه الرؤية، خاصة مع تزايد أزمة البنزين ونقص السولار فى مصر وقطر لم ترسل يد العون إلى مرسى كما كانت تفعل من قبل، كل هذه المؤشرات ترجح تغيير الأمير تميم سياسة والده القديمة.