أنا سيدة في أواخر العشرينيات نشأت في قرية صغيرة لأسرة بسيطة الحال لكنها اهتمت بتعليمي أنا وإخوتي فحصلت علي مؤهل من كلية مرموقة فتحت لي أبواب العمل في القاهرة التي تعرفت فيها بالمصادفة البحتة علي شاب من نفس قريتي فجمعتنا قصة حب سريعة انتهت بالزواج بعد3 أشهر فقط من تعارفنا, فتزوجنا في شقة إيجار قانون جديد كنا ندفعه من مرتبينا الصغيرين, وبعد زواجنا بأشهر قليلة جاءني من حيث لم أسع عقد عمل في دولة خليجية بمرتب يفوق الخيال فلم أتردد في قبوله رغم أنني كنت سأضطر لترك زوجي لأنه كان مرتبطا بإنهاء دراسته العليا وبعمله الأكاديمي فسافرت إلي بلاد الغربة وحيدة, ولحق بي زوجي بعد عدة أشهر لقضاء إجازة قصيرة معي حملت خلالها في طفلي الوحيد. ومضت سنوات قليلة استطعت خلالها جمع ثمن شقة فاخرة وسيارة صغيرة لزوجي كما كنت أرسل له عن طيب خاطر كل احتياجاته المادية لدراسته ومشروعه الصغير, ومنذ عدة شهور بدأ يتنامي إلي علمي بطرق مختلفة علاقات غريبة يقيمها زوجي, وكلما واجهته بما علمت ينكر إنكارا كاملا فأميل لتصديقه لأنني أعلم حبه الشديد لي لكنني عدت إلي بلدي في إجازة قصيرة لأفاجأ بأكاذيب كثيرة لزوجي الحبيب, صحيح أنني لم أكتشف خيانته لكن أكاذيبه التي كان يحاول بها مداراة عيوب بعض من أهله وأخطائهم, جعلتني أفقد الثقة فيه وأستعيد الوقائع التي واجهته بها في السابق وأنكرها... فمن يكذب في واقعة يكذب في كل شيء, وبدأت تدب بيننا الخلافات التي وصل أحدها لأن أطلب منه الطلاق, وألمحت له أنني سأطلب إيصال أمانة بما أنفقته في السنوات الماضية فأبدي استعدادا لكنه لم ينفذ بحجة أن هذا يعني موافقته علي الطلاق وهو لا يرغب في تطليقي, وانتهي الخلاف بيننا مثل سابقيه وعدنا لحياتنا معا ولم يأت أحدنا علي ذكر حقوقي المادية مرة أخري. والآن يا سيدتي وقد اقترب موعد سفري أجدني أفكر كثيرا: هل أخطأت عندما قبلت السفر بعيدا لتحسين أحوال معيشتنا بعد أن كنا لا نجد قوت يومنا؟ وهل أخطأت عندما وفرت له كل احتياجاته المادية بمجرد أن يطلبها, وأحيانا قبل أن يطلب؟ وهل سيصمد زوجي للإغراءات من حوله وأنا بعيدة ؟ وهل يجب علي مطالبته بحقوقي المادية أو أن هذا سيزيد الفجوة بيننا؟ ومتي يجب علي إنهاء غربتي والعودة؟ أرجو أن أجد عندك الإجابات عزيزتي عائلة زوجها قصتك تمثل عظة مهمة لكل زوجة تملك موازين القوة المادية والشرائية في بيتها, أو التي تصرف علي زوجها مثلك, تسألينني بداية إذا كنت قد أخطأت بسفرك لتحسين أحوالكما المادية, وإجابتي أنني أظن أن توقيت السفر ربما لم يكن الأنسب, فقد كنت حديثة الزواج ولم تهنأي مع زوجك بالقدر الكافي الذي يوطد علاقتكما ويتيح لك أن تتعرفي علي كافة جوانب شخصيته, وحين أقرأ كلماتك لا أستطيع أن أصم أذني عن رنين تعبير وتركت زوجي عندما اخترت تحسين معيشتكما, نعم يا سيدتي أعلم أن هدفك النبيل في تحسين مستواكما الاجتماعي والمادي هو ما دفعك للاختيار الصعب لكن أظن أنك ارتديت البنطال في العلاقة مع زوجك يوم قمت بالإنفاق والإعالة نيابة عنه, وربما ألبستيه قميص نومك طواعية ظنا منك أنه بالتأكيد سيحفظ الجميل ويزداد حبا وتقديرا لك وسينعم بنوم هادئ دافئ حتي يلقاك كلما سنحت الفرصة! عزيزتي المعطاءة أعتذر عن إفاقتك علي الحقيقة التي لا تتفق بالضرورة مع المعطيات الاجتماعية أو المعايير الأخلاقية: إن معظم الرجال لا يستمتعون بارتداء قميص النوم ويميلون لارتداء البنطال في علاقتهم بالأنثي التي تحرك رجولتهم ولا أستبعد أن يمارس زوجك هذا الدور مع المحيطين به من النساء وهو محروم منه معك, أما معايرتك له واستخدام الضغط المادي فأظن أن ذلك يزيد الطين بلة ويجعلك تلبسين البدلة وتمسكين سوط حاجته إليك في يدك, كيف لك أن تصدقي أنه يحبك ويخلص لك وأنت لا تمارسين الحب معه بل تمارسين ما هو أشبه بالأمومة المشروطة باستمرار علاقتكما, وكيف لي أن أحكم إذا ما كان زوجك تلميذا نجيبا ووفيا للعهد أم أنه ولد شقي يهوي اللعب؟ لقد ذكرت أنك تزوجته بعد3 أشهر وتركته بعد بضعة أشهر أخري فهل تظنين أنك تعرفينه بالقدر الكافي لتكملي التضحيات المادية والمعنوية معه؟ ثم تسألينني إذا ما كان عليك إنهاء غربتك والعودة إلي جواره وأسألك ومن الذي سينفق عليكما وابنكما في هذه الحالة التي تعودت فيها علي مستوي مختلف من الإنفاق؟ ثم ماذا لو اكتشفت خيانته, هل أنت علي استعداد للغفران وبدء صفحة جديدة معه إيمانا منك بعلاقتكما؟ أنا لست في موقف أستطيع منه إرشادك فيما يخص قراراتك المادية والعملية لأنني غير ملمة بحقيقة تصرفات زوجك, أما فيما يخص علاقتك الزوجية به فأظن أنه حان وقت تنفيذ الزواج الحقيقي ومعرفته عن قرب ومعاشرته لتبين أمرك ولن يجدي سفرك وحيدة مرة أخري لتتحولي إلي بقرة تحلب له مالا كما يحلو له. وأخيرا تسألينني إذا ما كان زوجك سيصمد أمام المغريات؟ وأجيبك بسؤال: كيف له أن يصمد وهو يتوق للعب دوره كرجل؟ أظن أنه معرض للخيانة إن لم يكن فعلها بالفعل. أتمني لك كل التوفيق في القرار الذي ترتاحين له بشرط أن يحمي حقوقك المادية والمعنوية.