تعود علاقتي باللواء منصور العيسوي إلي عام1992 عندما كان مديرا لأمن الجيزة, جاء الرجل بعدها مديرا لأمن القاهرة في عام1993, واستمرت العلاقة منذ ذلك التاريخ حتي وقتنا هذا. روي لي أنه يمتلك مكتبة تضم1300 كتاب, من بينها الكثير من أمهات الكتب الإسلامية والمسيحية واليهودية, ولا أذيع سرا أنه عندما تم ترشيح اللواء العيسوي لمنصب وزير الداخلية في أثناء توليه منصب محافظ المنيا, جاء الاعتراض عليه من الرئيس السابق بعد أن وصلته معلومة نصها إن اللواء العيسوي دماغه ناشفة وصعب المراس, فتم اختيار اللواء حسن الألفي بدلا منه. في ساعة متأخرة من ليل أمس جلست إلي اللواء منصور العيسوي في مكتبه, وامتد الحوار بيننا: وأكد الوزير أن مايتردد حول التخطيط لمؤامرة لاقتحام سجن مزرعة طرة والافراج عن كبار المسئولين المحبوسين فيه دعوة للانتحار.. والذي يريد أن ينتحر فليحاول اقتحامه وأنه تسلم من المجلس العسكري200 سيارة جيب لتجوب شوارع القاهرةوالجيزة وأكتوبر في دوريات راكبة تقل كل سيارة ثلاثة أفراد أمن مسلحين بأسلحة آلية, وأكد أنه لا يوجد نقص في أعداد الضباط لكن الوزارة تواجه عجزا موروثا من عهود سابقة يبلغ45 ألف فرد أمن ما بين عسكري درجة أولي, ومندوب, وهم عصب العمل الأمني, وأن الوزارة نشرت إعلانا علي مستوي الجمهورية لشغل هذه الوظائف فلم يتقدم سوي2000 فقط برغم حالة البطالة التي يعانيها الشباب!! وأشار إلي عدم وجود ما تسميه بعض وسائل الإعلام رجال العادلي في وزارة الداخلية, فكل من يعمل بالوزارة موظف بالدولة, ومحدش بيشتغل عند حد, والكل يعمل لدي الدولة ويتقاضي أجره منها. ونفي الوزير نفيا قاطعا تراخي التحرك الأمني في أحداث إمبابة, ومعتصمي ماسبيرو, وعن الثلاثة الكبار الهاربين بطرس غالي, وحسين سالم, ومجدي راسخ أكد الوزير أن الإنتربول الدولي يبحث عنهم وبمجرد القبض عليهم سيتم ترحيلهم إلي مصر للمحاكمة, وإلي نص الحوار: * إذا كان للعدالة وجوه كثيرة فإن للانفلات الأمني أيضا وجوها أكثر تتجلي ظواهره في تدخل البلطجة لإحداث الفتنة في إمبابة, واقتحام أهالي المحبوسين احتياطيا لأقسام ومراكز الشرطة في العديد من مديريات الأمن للإفراج عنهم وهروب المحبوسين علي ذمة النيابة من الأقسام بعد تدمير غرف الحجز, و حفر أنفاق كما حدث في قسم أكتوبر, وإطلاق مجهولين النار علي معتصمي ماسبيرو, كل هذا الإنفلات وجه اتهامات للداخلية بتراخي قبضتها الأمنية.. فما ردك علي ذلك؟ ** لابد أن تقرأ المشهد جيدا قبل أن تطلق هذه الاتهامات, والمنطق يقول إن لكل مقدمة نتائج, ودعني أشرح لك المقدمات التي أدت بنا إلي هذه النتائج, مع أحداث ثورة25 يناير خرج من السجون24 ألفا, ومن الأقسام ومراكز الشرطة8 آلاف محبوس علي ذمة تحقيقات النيابة, و25 ألف قطعة سلاح تمت سرقتها, وبمجهود الضباط تمت استعادة15 ألف سجين, و15 ألف قطعة سلاح, وبقي الآخرون بحوزتهم10 آلاف قطعة سلاح ميري, وطوال عملي في مجال الأمن العام كنا نري أنه لو ظهر بلطجي وارتكب أكثر من جريمة يروع المجتمع كله ويثير الرعب والفزع فيه, فما بالك ب8 آلاف سجين, ومعهم هذا الكم من السلاح, وما يثير دهشتي أن كثيرا ممن لا يعرف ألف باء الأمن تحولوا بقدرة قادر إلي خبراء أمنيين, وللأسف تروج لهم عن غير قصد وسائل الإعلام المقروءة والمرئية, خاصة الفضائيات, ويقوم كل من هؤلاء بطرح رؤيته في معالجة الإنفلات الأمني, ومن بين ما يطالبون به ضرورة قبول دفعة استثنائية من خريجي كليات الحقوق لمواجهة العجز في أعداد الضباط. وأقول: إن وزارة الداخلية لا تعاني نقصا في الضباط فأعدادهم كافية تماما, لكننا نواجه نقصا حادا في أعداد أفراد الأمن يبلغ45 ألف فرد, والغريب أننا أعلنا عن قبول دفعة جديدة منهم علي مستوي الجمهورية فلم يتقدم سوي2000 فقط برغم حالة البطالة التي يعانيها الشباب, وقد يكون سبب ذلك تدني الراتب, لكن الوزارة ستعيد الإعلان مرة أخري, وسأطلب من د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء زيادة رواتبهم في ضوء الدراسات التي تعدها الحكومة لتحديد الحد الأدني للأجور. وأكد الوزير أنه لو افترضنا أن الحكومة أقرت1000 جنيه كحد أدني للأجور سيكون راتب فرد الأمن نحو1300 جنيه بحيث أمنحه ال300 الجنيه كحوافز من ميزانية الوزارة, وذلك لتشجيع الشباب علي الالتحاق بهذه الوظيفة التي تعتبر عصب العمل الأمني, وعندما يلتحق ال45 ألف فرد أمن بوظائفهم سيعود الاستقرار الأمني, لأنه سيتم توزيعهم بجميع محافظات الجمهورية, ويكون لكل منهم درج مسئولا عنه يعرف ساكنيه, وفي حالة ظهور أي غريب يبلغ قادته فورا, وكان هذا النظام معمولا به وأنا ضابط صغير, وللأسف أهملناه مع منتصف السبعينيات كان كل عسكري درج مسئولا عن شارع يعرف سكان كل عمارة, فلو هناك هارب من التجنيد يبلغ عنه, ولو هناك هارب من تنفيذ حكم يساعد رجال تنفيذ الأحكام في القبض عليه, فضلا عن أن وجوده الدائم يردع اللصوص والبلطجية, فتخيل أن هذا العسكري عاد مثلا وسيعود بإذن الله إلي مناطق المطرية وعين شمس ومنشية ناصر سيساعد قياداته في القبض الفوري علي أي بلطجية, ويصبح العصب الأمني للقضاء علي الإنفلات. وفي إطار جهود تطويق الانفلات الأمني قال اللواء العيسوي مسترسلا طلبت من السيد المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة تزويد الداخلية ب200 سيارة جيب لتسييرها كدوريات راكبة يستقل كل سيارة ثلاثة أفراد أمن, يحمل كل واحد منهم سلاحا آليا للتعامل الفوري مع أي حادث يخل بالأمن في الشارع, وسنبدأ بالقاهرةوالجيزة, وقد وعد سيادة المشير بإمدادنا بأعداد كبيرة من هذه السيارات لتغطية باقي المحافظات, وسيشعر المواطن بمردود وجود هذه الدوريات الراكبة التي يحمل أفرادها لأول مرة السلاح الآلي, ولا تنس أنه في أحداث ثورة25 يناير أحرق المتظاهرون4 آلاف سيارة,1800 منها أحرقت تماما ولا يجدي معها الإصلاح, وال2000 سيتم إصلاحها. * هناك فكرة يمكن أن تقضي علي الانفلات الأمني سريعا وأود أن أطرحها عليكم.. لماذا لا يتم جمع جميع المسجلين جنائيا الذين تضم صحف الحالة الجنائية لكل منهم خمس سوابق فأكثر, وهم نحو70 ألف مسجل, ونضعهم جميعا لبس في سجن أو معتقل, ولكن تطلب من الحكومة توفير200 ألف فدان وتبني فيها الداخلية من ميزانيتها بالإضافة إلي تبرعات جميع أفراد الشعب ولو بجنيه مساكن علي شكل عمارات كإسكان الشباب كل مسجل يسكن في وحدة ونسمح لهم بزيارة ذويهم كل جمعة, ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي في هذا اليوم, وليكن معسكر العمل هذا في شرق العوينات, ويعملون في استصلاح وزراعة هذه المساحة ويقيمون فيها إقامة دائمة, ويكون لكل مسجل راتب شهري من حصيلة بيع المحاصيل التي يزرعونها.. فما رأي سيادتكم؟ ** هذه فكرة غير تقليدية, لكن يستلزم تطبيقها صدور تشريع قانوني يمكن وزارة الداخلية من جمع هؤلاء المسجلين وضمان عمل شريف لهم ولأسرهم, بالإضافة إلي إقامة صناعات علي المحاصيل التي يزرعونها, وأتمني أن تنهض منظمات المجتمع المدني بهذه الفكرة وننفذها معهم. * علمت أنك جلست مع شيوخ قبائل سيناء لإزالة الاحتقان الذي خلفه التعامل الأمني معهم علي مدار السنوات العشرين الماضية.. ماذا دار في هذا اللقاء؟ ** أبناء سيناء مصريون وطنيون حتي النخاع, ولا أنكر أنه كانت هناك بعض التجاوزات الأمنية في التعامل معهم, فمثلا عند القبض علي أحد المتهمين لا يصح أن تقتحم الغرفة التي يوجد بها نساء وأطفال لتروعهم, وهذه كانت تثير لديهم حساسية شديدة, وطمأنتهم إلي أن هذه الممارسات لن تعود مرة أخري, فضباط الداخلية هم اخوانهم ووطنيون, والأمن والمواطن المصري بصفة عامة يلتقيان عند هدف واحد هو أمن مصر. * ألم يطلبوا منك مطالب محددة؟ ** أبدا.. لكن طلبوا من خلال محافظ شمال سيناء أن يتم قبول أبنائهم كأفراد وضباط بجهاز الشرطة ووافقت علي ذلك, وإن شاء الله عندما نفتح باب القبول قريبا لأفراد الشرطة سيكون من بينهم أبناء سيناء.. هذا الجزء العزيز الغالي علي قلب كل مصري. * هناك من يري أن تجميع كبار المسئولين السابقين المتهمين في سجن مزرعة طرة فيه قدر كبير من الخطورة الأمنية خشية أن يقوموا بمؤامرة مع أعوانهم في الخارج في أثناء زيارتهم لهم ويقتحموا السجن لتهريبهم.. فما رأيك في هذا الطرح؟ * ضاحكا: سجن المزرعة مؤمن بشكل ممتاز, ومن يرد أن ينتحر فليحاول اقتحامه * لاحظنا في الفترة الأخيرة أنك قلت إن مستشفي سجن طرة غير جاهز لاستقبال الرئيس السابق مبارك, وتكرر الوضع مع سوزان ثابت قبل أن تتنازل عن ممتلكاتها للدولة.. فلماذا لا يكون هناك مستشفي مثل مستشفي الشرطة خاص بالمحكوم عليهم والمحبوسين احتياطيا؟ ** علي فكرة رئيس الطب الشرعي السابق هو الذي قال إن مستشفي سجن المزرعة ليس به الأجهزة الطبية الكافية لعلاج الرئيس السابق, ومع ذلك فالوزارة بصدد إنشاء مستشفي ضخم, وتم رصد الميزانية لبنائه, وسيكون موجودا علي أرض الواقع بعد15 شهرا علي الأكثر. * حسين سالم وبطرس غالي ومجدي راسخ أسماء هربت للخارج, وصدر قرار بإحالتهم للجنايات غيابيا.. ما هي الجهود التي تبذلها الوزارة من أجل إعادتهم ومحاكمتهم؟ ** الإنتربول المصري يتابع هذا الأمر مع الشرطة الجنائية الدولية الإنتربول الدولي, وقد أصدر نشرة حمراء بأسمائهم وصورهم, وعند القبض عليهم في أي دولة يكون بين مصر وبينها اتفاقية تبادل المتهمين ستتم إعادتهم فورا إلي مصر. ** هناك العديد من قيادات وضباط الشرطة محالون إلي محاكم الجنايات بتهمة قتل المتظاهرين, وبرغم ذلك مازالوا يؤدون عملهم, ومنهم من يشغل منصب مدير أمن, ألم يكن من الأفضل إيقافهم عن العمل حتي تثبت براءتهم فيعودوا مرة أخري لمواقعهم؟ * هناك فارق كبير بين من تدينه المحكمة بقتل متظاهر, والضابط الذي يدافع عن قسم الشرطة الذي يعمل فيه, أو مبني مديرية الأمن, فالذي يدافع عن مقار أجهزة الشرطة ضد البلطجية الذين يريدون اقتحامه لتهريب محبوسين, أو لإشاعة حالة من الفوضي, الواجب عليه أن يدافع عن مقر عمله وعن نفسه بإطلاق النار, وقد تناقشت مع وزير العدل في ذلك واقتنع برأيي, وفي الوقت نفسه سأفصل أي ضابط تثبت التحقيقات أنه أطلق النار وقتل متظاهرة سلميا في أي مديرية أمن, لأنه من واجب الشرطة الدفاع عن مقارها وليس واجبها قتل شاب خرج في مظاهرة سلمية. * كان هناك منظر يؤلمني ويثير غيظ كل مواطن, وهو عساكر الأمن المركزي المرصوصين علي أرصفة الشوارع وظهرهم للشارع كتشريفة للرئيس السابق وزوجته وابنيه ورئيس مجلس الوزراء.. أتري جدوي من استمرار هذه التشريفات؟ ** لقد اتخذت قرارا بإلغاء هذه التشريفات لأنه في اعتقادي ليس لها أي جدوي أمنية.