حل البابا فرانسيس ضيفا عزيزا علي مصر بحفاوة استثنائية رسمية وشعبية من الشعب المصري لأنه مع أسباب كثيرة أخري بدأ حوارا لا سابق له مع الإسلام ومعرفة صادقة بأسس الإسلام السمحة. وهذا البابا سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه. وفق لقب استعمله للمرة الأولي غريغوريوس الكبير(590 604) يعتبر أسقف روما خادم خدام الرب. وتعترف الكنيسة الكاثوليكية ب266 من هؤلاء الخدام كبابوات شرعيين, فمنهم من دخل التاريخ من بابه الواسع ومنهم من جاهد في الظل طوال حياته. بعضهم صار من القديسين بينهم أكثر من20 شهيدا وآخرون كانت حياتهم ملأي بالخطايا الآثمة. بعضهم كان من الاصلاحيين الذين لا نزال نري حتي اليوم إرثهم في عقيدة الكنيسة الكاثوليكية وممارساتها, وآخرون كانوا يتسترون علي الفساد. بعضهم كان من النوابغ علي الصعيدين الفكري والتنظيمي وآخرون كانوا عاديين جدا. قبل بضع سنوات, أشار أحد كبار البيروقراطيين في الفاتيكان إلي أن الرب كان رءوفا معنا; فلم نحظ ببابا سيئ منذ500 عام. ويدل هذا الإعراب عن الامتنان عن القوة المستمرة للبابوية ملمحا في الوقت نفسه الي تاريخها المعقد. ان البابا فرانسيس وهو من الأرجنتين, وهو- أول بابا غير أوروبي منذ1300 عام- هو بابا استثنائي بكل ما تحمله الكلمة من معني. وهو أتي الي مصر ارض الحضارة والرسالات وملجأ الانبياء وارض السلام بسمعة حسنة, وآمال جديدة للكاثوليكية; فمنذ انتخابه عام2013 يحاول البابا لفت انتباه الفقراء والشباب والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة باعتباره بابا الفقراء, واعتبار الكنيسة الكاثوليكية الجديدة كنيسة الفقراء. وهو سبق أن أصدر إعلانه اللافت عن الاختلال المناخي, واستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأعلن عن اعترافه بدولة فلسطين, كما عين لجنة للتحقيق مع المطارنة الذين تساهلوا في قضية الجنوح الجنسي لدي مئات من الكهنة في سائر أنحاء العالم, خاصة في الولاياتالمتحدة وأوروبا. وقد اشتهر الآن أنه قام بدور مؤثر في العلاقة الجديدة بين واشنطن وكوبا وقام بدور حاسم في احلال السلام في كولومبيا بعد سنوات من القتل والخراب. وهو رفض الانغماس في أي من زخارف منصبه, وهو جعل الهيكل الكهنوتي الكاثوليكي أقرب إلي أتباعه الذين يبلغ عددهم1.2 مليار نسمة حول العالم. قيام بابا الفاتيكان, السلطة الروحية والدينية الأعلي والأقدس لدي مئات الملايين من الكاثوليك عبر العالم, بزيارة إلي العاصمة المصرية القاهرة بعد الحادثين الإرهابيين في كنيستين في طنطا والاسكندرية وقبلهما حادث ارهابي في الكنيسة البطرسية في القاهرة دليل علي نظرة الحبر الاعظم لدور مصر والأزهر كرمز للإسلام الوسطي, ودور الأزهر التاريخي المشرق ومصر كمنارة للمعرفة وكملجأ للانبياء وانها آمنة تماما. وقد أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي, عن خالص تقديره واعتزازه بالبابا فرانسيس بابا الفاتيكان ومواقفه الإنسانية النبيلة التي تنزع الشر واليأس من حياة الناس, مشيرا إلي أن البابا فرانسيس يتمتع بحكمة عميقة تدرك أهمية التعامل مع تعقيدات واقع صعب. البابا يلبي فعليا الأمل فيه منذ سنوات وهو أن تلعب الأديان دورا تقدميا في بناء الأمم وتطور الشعوب للأمام وليس دفعها للخلف, واستراتيجية البابا فرانسيس تقوم علي ان الافكار الدينية والاخلاقية قادرة علي تغيير مسار البشرية. وهو يتلاقي مع الأزهر الشريف والكنيسة الارثوذكسية في نشر قيم التسامح ورفض الإرهاب وإدانة الدول الراعية للإرهاب.