أقولها للمصريين مسلمين ومسيحيين, فمنذ قديم الأزل ونحن لا تظهر قوتنا ولا ترابطنا إلا وقت الشدائد, إن الشهامة والرجولة والمعدن الأصيل في مصريتنا ستصمد ضد كل ما يفعله أعداؤنا معنا, يكفينا أن نتحد ونصطف من أجل وأد الفتنة, دعوني أقص عليكم قصة كمثال بسيط لما كنافيه وما يجب أن نحافظ عليه فينا: في بداية حياتنا في الريف المصري كانت البيوت مبنية بالطوب اللبن وعروشها من الخشب والغاب والقش, وكان كثيرا ما تندلع الحرائق, وكان إذا ما حدث ذلك يهب الناس جميعا لإطفاء الحريق, وكان أول من يندفع لإنقاذ منزل اندلعت به النيران هو ذلك الجار الذي كان علي خلاف مع صاحب المنزل, الرجال والنساء والأطفال يسارعون لنقل الماء بأواني الطعام والحلل والجرادل, كل شخص ينادي صاحبه ويساعده, وبعد أن تزول الغمة وتنطفئ النيران تحل الفرحة محل الهلع, ويسارع الجميع لترميم ما دمره الحريق, وتتحول الكارثة إلي مناسبة للتعاضد والتكافل والتسامح والمصالحة بين من كانوا علي غير وفاق. الكل يدرك أن الكارثة إذا حلت فستدمر الجميع, وإذا تمت مقاومتها فلمصلحة الجميع, وأن الخطر الذي يهدد دار فلان قد تدور الأيام ويهدد داري, فلابد من أن أساعده اليوم لأنه سيأتي اليوم الذي يساعدني هو أيضا بدوره. وانظروا جيدا عند وقوع حادث أو كارثة الكل يقف صفا واحدا ولا نسأل هل هو مسلم أو مسيحي الكل هنا مصري وابن مصري وأبسط مثال وقوفنا صفا واحدا في وجه عدونا في73 وانتصرنا بكلمة واحدة الكل رددها ونريد ان نرددها وهي يا الله. التلاحم والترابط في الأحزان والأفراح في كارثة الحريق وفي فرحة إتمام إعادة البناء, في المآتم والأعراس, الكل يتعاون ويسهم في إعداد الطعام وفي أبسط التفاصيل, كان هذا هو مجتمعنا الصغير الذي يتكرر بحذافيره في كل قرية ونجع من نجوع مصر الطيبة. إن محاولة تدمير اللحمة الوطنية من قبل أعداء مصر لا يتمثل فقط في محاولة الوقيعة بين المسلم والقبطي ولكنه يتمثل في كل تشويه وتدمير للروابط العائلية والاجتماعية, في كل إعلاء لقيمة المال علي الانتماء الجماعي, في كل تشويه لقيمة العلم والتعليم, في كل استهزاء بقيمة العمل, في كل تنازل عن القيم الدينية التي تدعونا لمراعاة الخالق في كل ما نقوم به والتحوط ليوم الحساب, في كل دعوة للتخلص من تراثنا وقيمنا وللتماهي مع قيم المعتدي والمحتل الذي جند أبواقا له أغراهم بالأموال والمناصب وسماهم كذبا بالمتنورين والمثقفين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان, وهم في الحقيقة لا يدافعون إلا عن فكرة واحدة ألا وهي التماهي مع العدو وتبني أفكاره المدمرة. واعلموا ان الأديان تدعوا للبناء والتعمير وأعداؤنا لايرجون ولا يتمنون لنا إلا الخراب والتدمير. ليس أكثر من أن ندافع عن وحدتنا وعن التآخي فيما بيننا بقطع النظر عن الاختلاف والتنوع سواء في الدين أو في اللون أو في درجة التعليم أو المستوي الاجتماعي, كلنا مصريون, والحريق إذا اندلع في منزل أحدنا فإنه حتما سيصل إلي بيوتنا جميعا, فلنسرع جميعا إلي التعاون والله يحمي مصر ويحفظها.