عندما يأتي الخريف, ويبدأ الشعر في المشيب, يظن المرء أن الشمس قد غربت, وأقبل ليل الغربة, يسدل ستارة علي رحلة العمر, هذا الإحساس, وتلك المشاعر أرفضها تماما, ويجب أن يرفضها كل من يمر بتلك المرحلة من العمر, فالحياة فصول تتوالي,ولكل موسم من مواسمها رونقه وجماله,وكذب من يقول أن الشتاء لايعني سوي البرد القارس, والثلوج والليل الطويل,ففي البرد الشديد قد تنتعش وتشتعل المشاعر الدافئة, ويمطر الشتاء أيام الربيع بالقبل, التي تبعث الروح والحياة في القلوب. وكثيرا ما يعشق الخريف الربيع,وتطول بنهما أيام الحب والعطاء,ويجد الربيع في أحضان الخريف عطر الزمان وحلاوة الأيام, ممزوجا بخبرة الفصول الأربعة. هذه المعاني الجميلة, لاتعرف عمرا, ولاتسكن عنوانا بعينه,في الكون تحيا بلاحدود أو حواجز, فراشات تطير بلا جوازات سفر, تأشيرة الحب تسري في كافة الأمصار,معترف بها في كافة الأقطار,تنحني لها القامات, مهما علت, تسجد لها الهامات وتهتز لها العروش. الحب كلمة ترسم التاريخ,وتلون وجه الزمان بأزهي وأجمل الألوان,ونادرا ما أشعلت نيران الحب حربا, وكثيرا ما جعلت رايات السلام ترفرف, وتتراقص مع رياح الفرح والسعادة. كلمة من أربعة أحرف, لها مفعول السحر, وتأثير الجان,وقوة السيل, واندفاع النهر نحو المصب.. الشمس والقمر والنجوم والكون كله يدور في فلك الحب, ويسبح بحمد الحبيب, واهب الحب, وزارع المشاعر في الموجودات, جمادات تنطق به حتي ولو لم نسمعها ونباتات تفوح عشقا وتعطر الجو عبيرا, لأنها أحبت ووجدت في الحب طريقا للحياة, الصخور جرت فيها مياه الحب فروت الأودية عواطف عذبة تسقي المحرومين المشتاقين ودا وحنانا. فلا تلوموا الخريف إن عشق الربيع وهام فيه حبا,ولا تحسدوا الزهور إن تفتحت وانتشر شذاها في أحضان الخريف, فكم من حكاية عشق أسطوري ألفت ما بين قلب ربيعي أخضر وقلب خريفي مفعم بالعاطفة العاقلة الحكيمة,مسطرين حروف حب مكتوبة بمداد العاطفة الجياشة الفياضة, تهتف بكل لغات العالم, أن تعلموا منا الحب, واعرفوا كيف بالحب ترتقوا مصاعب الدنيا,وتنجوا بقارب الحياة وسط العواصف والأمواج. صاحبة قلب ربيعي هوت عاشقا خريفيا,قالت له: أحبك, قال:وكيف للزهر أن يهوي الصقيع, أجابته بصوت أذاب ثلوج عمره,وأشعل الدفء في شرايين قلبه, قالت:فيك أري حب العمر, وعواطف ما لم أعشه من أعوام,من عذب صوتك شربت الحنان من كل أنهار الدنيا,في عينيك وجدت عنواني, قبل الكون وأن أكون,حديثك أغنيات عشق ملائكي, كلماتك تغريد عصافير الجنة, همسك نهر سعادة تغتسل فيه القلوب,صمتك تسابيح رضا تحتضن الروح تكتب لها الخلود. بآهة عميقة تصدر من أعماق روح الروح قال:جنات حبك هي التي دوما حلمت بها,اشتقت طفلا أن أحبو في ظل حنانها, أن أجري في جنباتها, اسابق فراشات النور, أطارد بنات الحور, وعيونك تحرسني,خصلات شعرك خيوط حرير تعلقت بها, طرت ألامس الأحلام أعيشها في عينيك, ولكنك حبة القلب جئت في زمن الصقيع, والقلب يلملم بقايا العمر, يعد العدة للرحيل. بصوت رقيق يخرج من حنايا القلب قالت:حبك قدر كتب في لوح حياتي,أو قل أنا سطر مسطور علي جبينك فلا تجعل العمر بيني وبينك سدا, فما السعادة سوي لحظة رضا, وثوان تروي فيها قلبي من شهد حبك,شربة لايظمأ بعدها مهما طال العمر, أنت عمري الذي لم أعشه, وأنا ايام حب طالما اشتاقتها أيامك, فلاترد رجائي, وتعالي أحبك الآن أكثر,فبالحب تطول الأعمار, وتحيا الأماني...بجناحيه الخبيرتين ضمها بين ضلوعة, وذاب حبه في حبها, وطارا يملئان الدنيا تغريدا وغناء.