الدعم النقدي رايح جاي... منذ عشرات السنين ويخرج علينا خبراء ومسئولون حكوميون بالفيلم السنوي عن التحول من الدعم العيني إلي الدعم النقدي ظنا ان ذلك من شأنه ضمان وصول الدعم لمستحقيه وهو مايتردد حاليا بشكل قوي داخل دهاليز الحكومة ومراكز الدراسات. يأتي ذلك في الوقت الذي تباينت فيه آراء الخبراء والمسئولين حيث يري البعض أن مافيا الفساد داخل المنظومة تؤدي إلي عدم حصول المواطن البسيط علي ما يستحقه من الدعم بينما يري البعض الآخر أن الدعم النقدي لن يوفر لمحدودي الدخل نفس السلع مع ارتفاع الأسعار. واكد اقتصاديون انه من الصعب علي الحكومة التحول من الدعم العيني إلي الدعم النقدي, خاصة في ظل العدد الكبير الذي يحصل علي الدعم حاليا, والذي يبلغ طبقا لبيانات وزارة التموين نحو70 مليون مواطن, لافتين إلي ان هذا الامر يعد مغامرة غير محسوبة المخاطر, وقد تؤدي إلي اشكالية كبيرة, فضلا عن انه لا توجد ضمانات لوصول هذا الدعم إلي مستحقيه... وفي السياق نفسه تسيطر حالة من التخوف الشديد علي البقالين التمونيين في ظل تردد العديد من الاقاويل حول تحويل الدعم العيني إلي نقدي خلال الفترة المقبلة, حيث طالبت النقابة العامة للبقالة التموينية بدراسة الامر بشكل متأن قبل اصدار اي قرار في هذا الصدد خاصة ان تحويل الدعم لنقدي سيؤثر بالسلب علي البقال التمويني والمواطن في الوقت نفسه. أكد اللواء دكتور محمد أبو شادي وزير التموين الاسبق أنه لا يوجد نظام مطلق للدعم له مزايا فقط وخال من العيوب وإنما كل من النظام العيني والنقدي له مزايا ويعاني العيوب ويظل علي الحكومة وضع الإجراءات اللازمة لضمان وصوله لمستحقيه. وأشار إلي أن نظام الدعم العيني بالرغم من العيوب والمساوئ فيه لكنه أحيانا يصل إلي الفقراء والبسطاء من الشعب ويوفر لهم احتياجاتهم الشهرية من السلع الأساسية من سكر وزيت وأرز بمخزون يكفي للشهر من مخصصات الفرد بالنظام الموجود والتي كانت تبلغ2 كيلو سكر و5,1 زيت و2 كيلو أرز وكانت تكلفتها10 جنيهات للفرد الواحد. وأوضح أنه من العيوب التي عاناها هذا النظام ومازال يعاني هي توغل مافيا الدعم ومنها مافيا تسلم السلع والتي تقبل بسلع أقل في الجودة من التي تم التعاقد عليه, فضلا عن تلاعب حلقات التداول سواء بين الشركات المنتجة التي تبيع للدولة وشركات الجملة التي تتسلم وهي القابضة للصناعات الغذائية وما بين شركات الجملة والموزعين أو البقالين وتسريب السلع بين هذه الحلقات. وأضاف أن هناك حدوث اختلاسات من البقال التمويني وعدم تقديم السلع للمواطن بصورة كاملة وإنما بعضها تحت أي ذريعة وفي مقدمتها عدم وصول كل السلع وإنما كميات بسيطة. وأوضح أن الانتقال من النظام العيني إلي النقدي سوف يفجر أزمة لدي البقالين التموينيين والذين يصل عددهم إلي25 الف بقال نظرا إلي أن النظام الجديد لا يعتمد عليهم وبالتالي لا يوجد لهم عمل. وحول النظام النقدي أشار إلي أن له عيوبا أيضا وفي مقدمتها التضخم حيث إن النشاط الاقتصادي في أي مجتمع لا يسير علي وتيرة واحدة ولا يمكن ثبات الأسعار للسلع, مشيرا إلي أن الدعم النقدي الذي سوف يقدم للمواطن لشراء سلع محددة قد لا يستطيع شراء نفس السلع غدا في ظل التغيرات الاقتصادية نظرا لارتفاع أسعار السلع. وأضاف أنه في بعض الاسر قد تعاني هذا النظام وبصفة خاصة في حالة سوء سلوك رب الأسرة حيث إنه قد يحصل علي هذا الدعم النقدي الموجه لأفراد العائلة وصرفه في أي إرضاء شهواته او متطلباته الخاصة علي حساب باقي الأسرة. وأشار إلي أنه يقترح وضع نظام وسط يجمع بين مميزات الدعم العيني والدعم النقدي وهو مطبق في عدد كبير من الدول ومنها الولاياتالمتحدة ويطلق عليها بطاقة الضمان الاجتماعي حيث يوضع بها قيمة مالية محددة ويتم صرفها من أي سوبر ماركت بنفس القيمة من سلع غذائية ولا يتم صرفها نقدا ولا يحظر سوي صرفها في الخمور أو السجائر مشيرا إلي أن هذا النظام سوف يقضي علي حلقات التدوال الكثيرة وما بها من أوجه فساد. وأضاف أن بقالي التموين يمكن تحويلهم إلي محال بقالة لتعامل المواطنين معهم سواء لشراء السلع منهم بهذه البطاقات أو لغيرهم, وقال: إن المنظمات العالمية ومنها الفاو والصحة تنصح الدول بتقديم الدعم للفقراء ومحدودي الدخل في صورة عينية لضمان حصول أفراد الأسرة علي الغذاء وعدم صرفه. وأكد أن تحديث البيانات وتوثيقها ليست مشكلة حيث إن وزارة التموين يمكن أن تحدد فترة محددة للمواطنين لتقديم المعلومات اللازمة والإخلال بها يعرض الشخص للعقوبة مشيرا إلي أن المشكلة ليست في الدعم العيني أو النقدي وإنما في كيفة تطبيق هذا النظام والإجراءات والآليات اللازمة لوصول هذا الدعم لمستحقيه والرقابة للتخلص من أوجه الفساد المختلفة. ومن جانب آخر أكد الدكتور عمرو الأتربي عميد كلية التجارة بجامعة عين شمس أن الدعم العيني في كثير من الاوقات أثبت أنه غير مناسب في ظل الظروف الحالية وعد بحصول محدودي الدخل علي الدعم بصورة متساوية مع غيرة ومنها علي سبيل المثال أنبوبة البوتاجاز التي يحصل المواطن البسيط علي واحدة فقط لعمل البوتاجاز بينما آخر يحصل علي أكثر من واحدة سواء للسخان أو البوتاجاز أوغيره, مشيرا إلي أن أكثر من70% من المواطنين ليس من حقهم الحصول علي الدعم العيني. وأوضح أن هناك أوجها للدعم لا يستفيد منها البسطاء من الشعب المصري ومن البنزين المدعم حيث أن شريحة كبيرة من محدودي الدخل ليس لديها وسائل مواصلات خاصة ومحرومة من قيمة هذا الدعم الذي تحصل عليه شريحة أخري. وأشار إلي أنه مع الدعم النقدي بالصورة التي تضمن وصول هذا الدعم لمستحقيه من الشعب المصري فضلا عن وضع الحكومة الآليات اللازمة لضمان توفير نفس السلع بهذه القيمة دون تأثر المواطن بالتغيرات الاقتصادية أو ارتفاع الأسعار.