عقب تطبيق منظومتى الخبز وتوزيع السلع التموينية بالبطاقة التموينية اختفت الطوابير من أمام المخابز، وأصبح الحصول على رغيف الخبز أمرا سهلا، كما توفرت المقررات التموينية لدى محال البقالة والمجمعات الاستهلاكية بصورة كبيرة، وقد تباينت ردود أفعال المواطنين والتجار التموينيين وأصحاب المخابز تجاه تنفيذ المنظومتين وتحدثوا عن الإيجابيات والسلبيات التى تواجه المشروع الجديد على أرض الواقع . ورصدت تحقيقات " الأهرام " آراء المواطنين بعد مرور 5 أشهر على بدء تنفيذ منظومة التموين الجديدة.. وكيف يراها أطراف العملية التموينية والتى تضم المواطن والتاجر ومفتش التموين ، كما استمعت إلى رأى المسئولين وأصحاب المخابز فى منظومة الخبز وهل بهذه التجربة الجديدة يصل الدعم إلى مستحقيه وهل قيمة الدعم تعد كافية لسداد احتياجات المواطنين ؟ التفاصيل فى السطور التالية.. فى البداية تقول سامية السعيد – ربة منزل من الإسكندرية – إن نظام صرف الخبز بالبطاقة التموينية أسهم فى القضاء على مافيا الخبز التى كانت تستغل بعض أصحاب المخابز للحصول على كميات كبيرة من الخبز بدون وجه حق. ويرى محمد عبد اللطيف – بالمعاش – أن تطبيق منظومة الخبز الجديدة ساعد المواطنين على تحديد كمياتهم من الخبز يوميا وشراء ما يحتاجونه فقط، وما يتم توفيره يحصلون على سلع تموينية مجانية مقابل ذلك، كما أن تجربة منظومة التموين التى بدأت منذ شهر يوليو الماضى إيجابية جدا فقد أتاحت صرف المقررات التموينية مجانا بعد تحديد مبلغ 14 جنيها لكل فرد داخل البطاقة الذكية، وبالتالى يستطيع صاحب البطاقة الحصول على سلع تموينية متنوعة دون أن يدفع أكثر من ثلاثة جنيهات، وبذلك يحصل كل مواطن على دعمه كاملا . أما شيماء عبد الله – مدرسة من الهرم – فترى أن نظام التموين الجديد يساعد الأسرة على توفير متطلباتها من المواد الغذائية بتكلفة بسيطة ، فى ظل تنوع المقررات التموينية بعد أن كانت 3 أنواع فقط هى الزيت والسكر والأرز أصبح الآن يتوفر فى المجمعات الإستهلاكية ومحال البقالة أكثر من 30 صنفا يختار منها المواطن ما يريده . ويعلق رشاد محمود – موظف من القبة – قائلا : المنظومة الجديدة للتموين أسهمت فى تلبية رغبات المواطنين من السلع، كما أن تعميم صرف السلع التموينية للمواطنين بقيمة الدعم من أى بقال تموينى أو مجمع إستهلاكى داخل محافظته ساعد على ارتفاع قوة الشراء لدى محلات البقالة ويرى محمود عبد الحميد – بدال تموينى بمدينة 6 أكتوبر- أن هذا النظام أدى إلى قيام البقالين التموينيين إلى المنافسة مع بعضهم لجذب أكبر عدد من المواطنين لصرف السلع التموينية لهم من خلال تطوير محالهم، وعرض أكبر قدر من السلع التموينية، وعدم البيع بأسعار أعلى من المقررة رسميا وتقديم خدمة جيدة وحسن معاملة المواطنين. ويضيف البدال التموينى أنه سيتم صرف السلع الغذائية المجانية مقابل ما يتم توفيره من الخبز مع بداية الشهر التالى لصرف الخبز، تيسيرا على المواطنين لعدم التزاحم أمام محال البقالة التموينية خلال حصولهم على هذه السلع . " القرارات السلبية " ويقول شريف السباعى – تاجر تموينى من مدينة نصر – إن تطبيق المنظومة الجديدة يأتى ضمن سلسلة القرارت السلبية التى اتخذتها الحكومة فى الفترة الأخيرة لتقليل نسبة الدعم بالموازنة العامة للدولة دون إجراء أى حوار مجتمعى حوله حيث تم تحويل الدعم العينى على بطاقات التموين إلى دعم نقدى، وبدون تخطيط بدأت الوزارة فى تطبيق المنظومة الجديدة على مستوى المحافظات فى توقيت واحد بعكس منظومة الخبز التى تم تطبيقها على مراحل حتى بدأت تتضح معالمها. وأكد أن المنظومة الجديدة أدت إلى نشاط السوق السوداء ورفعها لأسعار السلع استغلالا لحاجة المواطنين البسطاء من محدودى الدخل الذين لا يكفيهم حصتهم الشهرية . " مبلغ الدعم " وتقول ريهام عطية – موظفة من المطرية – إنه مع تطبيق النظام الجديد للتموين ظهرت أولى مساوئه وهى أن مبلغ الدعم 14 جنيها قليل جدا عن الدعم العينى، كما أن النظام الجديد يلزم المواطن بصرف قيمة الدعم كاملة فى مرة واحدة حتى لو لم يتوافر فى المنفذ التموينى سوى سلعة واحدة فعليه أن يصرف بحصته كاملة هذه السلعة. وأضافت أن تطبيق المنظومة الجديدة قضى على مخزون السلع الراكدة لدى الوزارة أو بعض المنتجين، وهو ما يؤدى إلى إمكان ظهور الفساد فى ظل المنظومة الجديدة من خلال التركيز على سلع المنتج الذى يقدم هامش ربح أكبر، وإجبار المواطن على أن يشترى السلع المتوفرة مهما تكن وإلا ضاع عليه مبلغ الدعم ويرى أحمد راشد – مدرس من الغربية – أن قرار صرف التموين والخبز فى المنظومة الجديدة كارثة على محدودى الدخل الذى لا يكفيه الكميات التى يحصل عليها من التاجر التموينى ويضطر إلى شراء سلع تموينية من السوق الحر. وأشار إلى أن المنظومة عبارة عن بداية لتحويل الدعم العينى إلى نقدى مما تعد أزمة كبيرة على البسطاء ومحدودى الدخل .وطالب بضرورة تفعيل الدور الرقابى لوزارة التموين حتى لا يستغل التجار الجشعون الظروف ويرفعون الأسعار دون مبرر حتى يحصلوا على الدعم النقدى الموجه لمحدودى الدخل والطبقة المتوسطة، وبالتالى فإن المواطن سيحرم من الدعم العينى والنقدى فى آن واحد. وتقول إيمان إبراهيم – طبيبة من حلوان - هذه المنظومة ما هى إلا وسيلة لإيصال الدعم لمستحقيه خاصة مع تشديد الرقابة التى تحولت من الرقابة التموينية للمفتشين بالتموين إلى رقابة المواطنين على جميع السلع والحرية فى اختيار الأفضل لهم ومن المكان الذى يتناسب مع احتياجاتهم، مما يجبر منتجى السلع على تحسينها لزيادة السحب عليها. وترى أميرة فوزى – كلية دراسات إسلامية - أن المنظومة الجديدة جاءت كحل جذرى لضعف الرقابة التموينية على محال البقالة، حيث إنها جعلت المواطن هو الرقيب على التجار ومنتجى السلع، فالمواطن الآن سيأخذ فقط السلع جيدة التصنيع وما يراه مناسبا له. " ماكينات الصرف " ويقول عبدالنبى توفيق – صاحب مخبز من الغربية - إن ماكينات صرف الخبز تعرضت لأعطال كثيرة خلال الأيام الماضية الأمر الذى يؤدى إلى تعثر حصول المواطنين على الخبز، إضافة إلى تعرض أصحاب المخابز إلى خسائر كبيرة بسبب تعطل الماكينات رغم الاتفاق مع وزارة التموين بتخصيص 2 ماكينة آلية لصرف الخبز بكل مخبز، إلا أن الوزارة خصصت ماكينة واحدة فقط رغم أعطالها المتكررة . وأضاف أن هناك الكثير من المواطنين لا يستطيعون صرف الخبز المدعم، نظرا لأن لديهم بطاقات تموين ورقية وعمليات الصرف لا تتم إلا من خلال البطاقات الإلكترونية، الأمر الذى أدى إلى حرمانهم من صرف الخبز. " الكارت الذهبى " وحذر هشام غانم رئيس مكتب تموين المحلة الكبرى من تأخر استخراج البطاقات الذكية بديلا للبطاقات الورقية لحصول المواطنين على حقوقهم من الخبز المدعم بالمنظومة الجديدة التى يتقاعس بها أصحاب المخابز عن صرف الخبز المدعم للمواطنين من الكارت الذهبي، لحين حصولهم على البطاقات الذكية . وأكد غانم ضرورة ضغط الوزارة على شركات تكنولوجيا المعلومات المنوط بها إصدار البطاقات الذكية ليتمكن المواطنون من صرف جميع مستحقاتهم من السلع التموينية المدعمة بعيدا عن تلاعب أصحاب المخابز ويصف عادل حمزة - مدير إدارة التموين بالغربية - المنظومة الجديدة للتموين بأنها رائعة وذلك بعد أن وفرت الوزارة 33 سلعة من أجود الأصناف فالمواطن يحصل على السلع التى يريدها بكل حرية وحسب احتياجاته وكل فرد مقيد له 14 جنيها شهريا يمكنه استلام سلع تموينية موازية لهذا المبلغ، كما أن الهدف الأساسى من هذه المنظومة هو القضاء على فساد بعض التجار، والحد من تلاعب الشركات الموردة، ففى هذه المنظومة تم السماح لجميع الشركات بتوريد منتجاتها لوزارة التموين ضمن السلع التموينية بعد أن كانت قائمة على المناقصات، لذلك فاستمرار هذه الشركات سيعتمد على مدى جوده منتجاتها وإقبال المواطنين عليها من حيث السعر أيضا. وأكد حمزة أن نظام الجديد يمنح للمواطن الأفضلية فى معادلة الدعم وهو ما سيساعد على تطوير نوعية وجودة البضائع ، بينما سيكون للمواطن الفرصة لاختيار السلع الأكثر جودة ، وهو ما يعنى أن مصنعى السلع المدعمة سيتنافسون من أجل رفع جودة منتجاتهم لأن الأقل جودة سيعود إليهم مرة أخرى . " البطاقات التموينية " ويقول الدكتور خالد حنفى وزير التموين والتجارة الداخلية إن هناك خطوات يتم دراستها حاليا بحيث يتم تعميم صرف السلع التموينية من أى بقال على مستوى الجمهورية. وإنه من المقرر تعميم منظومة بيع الخبز الجديدة عن طريق البطاقات التموينية، وبطاقات صرف الخبز على كل محافظات الجمهورية حيث تم تطبيقها حتى الآن فى 15 محافظة وحققت نجاحا كبيرا من حيث توفير الخبز للمواطنين بكميات كبيرة، وجودة عالية وبدون طوابير خاصة أن أكثر من 70 مليون مواطن يستفيدون من هذه المنظومة الجديدة. وأن المنافسة بين أصحاب المخابز المدعمة أدت إلى قيام البعض منهم فى مناطق عين شمس، والوراق، وبنى سويف، بإعطاء الخبز مجانا للمواطنين لجذب أكبر عدد منهم والإكتفاء بالمقابل المادى الذى يحصلون عليه من الدولة مقابل رغيف الخبز. وأن نظام بيع الخبز المدعم الجديد يتضمن تخصيص 150 رغيفا شهريا لكل مواطن مسجل على البطاقة التموينية أو بطاقة صرف الخبز وسيحصل المواطن على سلع غذائية مجانية من البقال التموينى مقابل ما يتم توفيره من استهلاكه للخبز وذلك فى أوائل الشهر التالى لصرف الخبز، بالإضافة إلى السلع التموينية المخصصة للبطاقة التموينية. وأشار حنفى إلى أنه تم صرف سلع غذائية مجانية للمواطنين مقابل فرق نقاط الخبز بقيمة 400 مليون جنيه منذ تطبيق منظومة بيع الخبز الجديدة فى نحو 15 محافظة. وأن الهدف المستقبلى من نظام الدعم التموينى الجديد هو تحويل محال البقالة التموينية إلى مجمعات استهلاكية تقود السوق إلى الانخفاض خاصة أن هناك نحو 25 ألف بقال تموينى فى جميع أنحاء الجمهورية وهو الأمر الذى سيؤثر بشكل إيجابى على استقرار أسعار المواد التموينية ويوفر 75 ألف فرصة عمل مستقبلا نظرا للتوسعات التى سيجريها أصحاب البقالات التموينية وأصحاب المصانع المنتجة للسلع الغذائية لاستيعاب عشرات السلع التى ستباع تحت مظلة الدعم التموينى .