ماذا تعني الرسالة القوية التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي حول مياه النيل خلال زيارته الأخيرة إلي أسوان؟ والتي قال فيها لا أحد يستطيع العبث بحصة مصر من مياه النيل, يبدو أن هناك تلاعبا فيما تم الاتفاق عليه في اجتماعات اللجان الفنية لسد النهضة ليس من الجانب الاثيوبي فحسب ولكن من جانب السودان أيضا, ويبدو أن هناك طريقين الأول مسايرة مصر بالمفاوضات واللجان الفنية, والثاني تنسيق بين السوادان واثيوبيا لما هو قائم علي أرض الواقع, وان هناك تلاعبا سودانيا واضحا لمصلحة إثيوبيا بتقديم السودان لسيناريوهات ملء وتشغيل السد بشكل ثنائي بعيدا عن مصر التي تتصرف حتي الآن وفقا لحسن النوايا وروابط الاخوة والحقوق المشروعة في حصة مياه النيل, الأمر بالنسبة لمصر هو شريان الحياة, ولذلك كانت الرسالة القوية التي صدرت من الرئيس فاثلجت قلب كل مصري غيور علي وطنه في هذا التوقيت الذي اظهرت فيه اطراف سودانية واثيوبية انها تتعمد تعطيل عمل المكاتب الفنية للسد بما يضمن عدم الاضرار بحصة مصر من المياه, خاصة بعد ان كشف رئيس اللجنة الفنية الثلاثية لسد النهضة من الجانب السوداني, سيف الدين حمد, عن السبب وراء تعطيل شركتي بي آر إل وأرتيليا الفرنسيتين, مؤكدا أن السودان ليس سببا في المشكلة, ولكن العقوبات الأمريكية التي تمنعها من تحويل أموال المكاتب الاستشارية, السودان يري أن الآثار الحقيقية للسد ستكون بعد التشغيل, وليس كما تري مصر ان الخطر قائم من لحظة بدء ملء السد, والسودان يري أن بإمكانه التنسيق الثنائي مع اثيوبيا بعد ان وضعت لجنة سودانية مكونة من11 جهة, دراسات حول التأثيرات, واستعانت إثيوبيا ببعضها بعيدا عن مصر, وان السودان أعد سيناريو شاملا لمرحلة ما بعد بناء سد النهضة, وسيتم طرح تلك السيناريوهات مع اثيوبيا بعيدا عن مصر حول عملية التشغيل أو بين الدول الثلاث, والغريب حقا أن الاتفاقية الإطارية لسد النهضة التي وقع عليها الرؤساء الثلاثة بالخرطوم في مارس من عام2015, نصت علي أن تكون هناك لجنة تنسيقية للتشغيل بين الدول الثلاث, ولكن يبدو ان للسودان رأيا خفيا بعيدا عن التنسيق مع مصر, وتصريحات المسئول السوداني تثير الريبة والحذر, وتدفع مصر للتفكير مجددا في النوايا السودانية التي لا تتسق مع الروابط الأخوية, لأنها تحمل تأكيدا واضحا وصريحا هذه المرة علي تعاون السودان مع إثيوبيا بعيدا عن مصر, وليس الامر مجرد شكوك مصرية كما كان في السابق, فالآن السودان يؤكد أنه سلم إثيوبيا عدة سيناريوهات لمرحلة التشغيل, دون التفاهم والتنسيق مع مصر ما يؤكد التعاون الوثيق بينهما, ولا نعرف سرا للخضوع السوداني لإثيوبيا, هل هو بحث عن مصلحة ام مكايدة في مصر؟ السودان يطمع في كهرباء السد وفي مشروعات تنموية مشتركة مع اثيوبيا هذا لا يعيب السودان, ولكن كل العيب أنه يحاول حتي اللحظات الأخيرة إعاقة المكتب المختص بالدراسات الفنية عن القيام بدوره بتحريض مباشر من إثيوبيا, وهو ما يدفع مصر دفعا للريبة والشك في الموقف السوداني كله, فالسودان ينظر إلي سد النهضة علي أنه مصدر تنمية له, ويصدق الوعود الاثيوبية, وليس سدا سيضر بمصالحه, وهذا هو الفرق بين مصر والسودان, هم في الخرطوم يتجاهلون عن عمد التحذيرات الفنية بان عاصمتهم ستمحي من الأرض إذا حدث أي انهيار او تصدع لسد النهضة ورغم أن تلك الحقائق واضحة فإن السودان مصمم علي تجاهل كل كذلك والبحث عن الوعود الإثيوبية التي لن يتحقق منها شيء ولكن سنكرر دوما لا أحد يستطيع المساس بحصة مصر من مياه النيل.