أكل الحرام سبب للشقاء والعناء, يقول النبي,: كل لحم نبت من سحت فالنار أولي به. إن الرشوة آفة مجتمعية قديمة مستجدة لا يكاد يخلو أي مجتمع من المجتمعات من آثارها. وخطورتها تمس الفرد والمجتمع والدولة علي السواء, والمعاناة منها تكاد تكون علي كافة المستويات الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية, بل يتعدي أثرها إلي المستوي السياسي أيضا. فهي من الجرائم الفاسدة والمفسدة, وهي إن تمكنت من السريان والانتشار في جسد المجتمع أفسدت ذلك الجسد حتي يغدو جمادا بلا روح, وكلما تمكنت واستفحلت كانت كمعاول الهدم والتخريب لا تنفك تطرق في أركان الدولة حتي تزعزعها. فالرشوة كما عرفها الفقهاء هي اتجار بالوظيفة, تتمثل في انحراف الموظف في أدائه لأعمال وظيفته عن الغرض المستهدف من هذا الأداء, وهو المصلحة العامة, من أجل تحقيق مصلحة شخصية له, وهي الكسب غير المشروع من الوظيفة. من أعظم الموبقات التي يجب علي المجتمع محاربتها: استغلال السلطة الوظيفية, والتحايل علي النظام الذي سنه ولي الأمر, وليتق الله من يتعاونون علي سلب الأموال العامة; من أراض وعقارات وأموال ومقدرات عن طريق الرشوة أو غيرها, فهذه أموال يجب علي كل مسلم الحفاظ عليها وصيانتها; فكيف بأخذ الرشوة علي تفويتها وتضييعها والتفريط فيها وعدم القيام بما يجب فيها. قال تعالي: يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون, الأنفال:27]. ونبينا, يحذر كل من يتهاون في الأموال العامة للدولة الإسلامية, فيقول: إن أقواما يتخوضون في مال الله بغير حق, فلهم النار يوم القيامة; رواه البخاري. وعند أبي داود: أن النبي, قال: يا أيها الناس! من عمل منكم لنا علي عمل فكتمنا فيه خيطا فما فوقه فهو غل يأتي به يوم القيامة. عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: استعمل النبي صلي الله علية وسلم رجلا من الأزد يقال له: ابن اللتبية علي الصدقة, فلما قدم قال: هذا لكم, وهذا أهدي إلي!!.قال: فقام رسول الله,, فحمد الله وأثني عليه, ثم قال:أما بعد:فإني أستعمل الرجل منكم علي العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول: هذا لكم وهذا هدية أهديت لي, أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتي تأتيه هديته إن كان صادقا؟ والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله بحمله يوم القيامة فلا أعرفن أحدكم منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء, أو بقرة لها خوار, أو شاة تيعر, ثم رفع يديه حتي رئي بياض إبطيه يقول: اللهم هل بلغت. وفي هذه الوصية يحذر النبي من استغلال المناصب, ويكبح جماح كل من ولاه الله تعالي منصبا عن أموال الناس وهداياهم, ويبين فيها: أن من استعمل علي عمل فمد يده لهدايا الناس أو أموالهم فهو آثم ومرتش. من علماء وزارة الأوقاف