هدايا الحكام والمسئولين سحت

* في سؤال من احدي الجهات الاعلامية حول حكم الشرع في قبول الحاكم أو المسئول للهدايا.
أجاب الامام الاكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الازهر السابق:
خلا الدستور المصري من النص الذي يبيح للموظف بالدولة أياً كانت درجة وظيفته وموقعه قبول الهدايا. سواء من الافراد أو الهيئات وطنية أو أجنبية أو يمنع ذلك ويجرمه. فإنه قد نص في المادة الثانية منه علي أن الاسلام دين الدولة. واللغة العربية لغتها الرسمية. ومبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وتنفيذاً لهذا النص ينبغي الرجوع إلي مصادر الشريعة الاسلامية عندما يعوزنا النص القانوني الصريح في الاباحة أو التحريم. ذلك ما يجب حتي لا نضل السبيل إلي الطريق المستقيم الذي نرجو أن يكون هدفنا فيما نبتغي من الطهارة والابتعاد عن الريب والشكوك. ولعلنا لسنا في حاجة إلي التنبيه إلي أن القوانين الحالية قد اعتدت بمبادئ الشريعة الاسلامية في التطبيق كما جاء في المادة الاولي من التقنين المدني. وإن جاء حكمها في غير الموضع الواجب. وعندما نطالع سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم نراه قد قطع وأبان الحكم جلياً لاشبهة فيه. ولا يحتمل التأويل في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه. ونقله المنذري في كتابه الترغيب والترهب. قال "استعمل النبي صلي الله عليه وسلم رجلاً من الازد "اسم قبيلة باليمن" يقال له ابن اللتبية علي الصدقة "أي يجمع الزكاة ممن وجبت عليهم" فلما قدم قال: هذا لكم. وهذا أهدي إلي قال: فقام رسول الله فحمد الله وأثني عليه ثم قال: أما بعد: فإني أستعمل الرجل منكم علي العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول: هذا لكم. وهذا هدية أهديت لي. أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتي تأتيه هديته إن كان صادقاً..؟ والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه رلا لقي الله يحمله يوم القيامة فلا أعرفن أحداً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاد أو بقرة لها خوار. أو شاة تيعر "أي تصيح" ثم رفع يديه حتي رؤي بياض إبطيه يقول: اللهم هل بلغت.." هذا حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي أمر الدستور بتنفيذه. يقول واضحاً صريحاً للموظف في الدولة أياً كان موقعه. إن الهدايا لا تقدم إليك إلا لانك في هذا الموقع من الخفير إلي الوزير. وإلا فاجلس في بيتك دون وظيفة في الحكومة فانظر أيهدي إليك؟ وقطع بتحريم قبول هذه الهدايا معلناً أن من قبل الهدية بوصفه من عمال الدولة واصطفاها لنفسه. يأتي يوم القيامة وقد حمل ما أهدي إليه باعتباره استغلالاً لموقعه.
لابد أن يعمل الموظف ويؤدي واجباته باعتبارها واجباً عليه. وليس منه أو منحة يتفضل بها علي أصحاب المصالح والحقوق التي وضعته الدولة أميناً عليها. وأن تحريم قبول الهدايا لشخص الموظف ولحسابه الخاص يجعله مؤدياً لواجباته بالذمة والصدق. ولا يتهاون في تنفيذ صفقة من الصفقات بشروطها ومواصفاتها. ولا يثري علي حساب مصلحة الوطن والمواطنين. بل ولا يغالي في تنفيذ ما عهد إليه تنفيذه من أمور الدولة. وما أكثرها. إن الاسلام قد حرص في أحكامه علي نقاء عمال الدولة الذين يباشرون مصالح الوطن والمواطنين واحتسب كل فائدة أو عائد أياً كان وصفه يعود عليهم بسبب وظائفهم غلولاً وسرقات. يحمل وزرها في الدنيا وعقاباً وتشهيراً به علي الملأ في الآخرة. يوم يقوم الناس لرب العالمين. لسنا بحاجة لنقل التشريع من هنا أو هناك. فلدينا شرع ينطق بالحق ويرشد إلي الاستقامة قال تعالي: "إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم أجراً كبيراً" "الاسراء الآية:9".