رئيس حزب الجيل: إخلاء سبيل 50 محبوسًا احتياطيًا من ثمار الجمهورية الجديدة    الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن عقب زيارة رسمية لدولة رواندا    يُعد من الأصوات القليلة الصادقة داخل المعارضة .. سر الإبقاء على علاء عبد الفتاح خلف القضبان رغم انتهاء فترة عقوبته؟    90.1 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    الاحتلال يجدد قصفه على محافظة درعا جنوب سوريا (فيديو)    احتجزوا زوجته وأولاده الخمسة، آخر تطورات قضية المصري المتهم بتنفيذ هجوم كولورادو    كندا تخطط لإزالة الرسوم الجمركية الصينية على منتجاتها الزراعية    موعد نهائي كأس مصر بين بيراميدز والزمالك والقنوات الناقلة    اتحاد الكرة يحسم مصير زيزو من المشاركة مع الأهلي في كأس العالم    الأهلي ينشر صورا جديدة من إعلان تقديم صفقة بن رمضان    موعد مباراة البنك الأهلي وإنبي في كأس الرابطة المصرية والقنوات الناقلة    كامل الوزير: لم أحزن لانتقال زيزو إلى الأهلي.. ونريد محمد صلاح جديد    ريبييرو: سنقاتل في كل مباراة بمونديال الأندية.. ولست هادئًا طوال الوقت    أكل الأخضر واليابس، لقطات مرعبة لحريق سوق الخضار في الشروق (فيديو وصور)    اعتدى عليه بآلة حادة.. مقتل محام خلال جلوسه بأحد المقاهي في كفر الشيخ    9 ساعات متواصلة، نيابة الأقصر تواصل التحقيقات مع المتهمين في التنقيب عن الآثار بقصر ثقافة الطفل    حالة الطقس اليوم، شبورة مائية على هذه الطرق    زاهي حواس يثير الجدل مجددا: لا دليل أثري على وجود سيدنا إبراهيم وموسى ويوسف في مصر (فيديو)    للتنظيف قبل العيد، خلطة طبيعية وآمنة لتذويب دهون المطبخ    الفيفا يرفع إيقاف القيد عن الزمالك في قضية الفلسطيني ياسر حمد    الهلال يسعى لضم كانتي على سبيل الإعارة استعدادا لمونديال الأندية    تعرف على أهم المصادر المؤثرة في الموسيقى القبطية    ماذا يقول الحاج خلال المسير إلى عرفة.. «الإفتاء» توضح    هزة أرضية بقوة 3.2 ريختر تضرب جزيرة كريت اليونانية    سعر الذهب الآن وعيار 21 بداية تعاملات اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأربعاء 4 يونيو 2025    البيت الأبيض: ترامب سيشارك في قمة الناتو المقبلة بهولندا    سفير روسيا بالقاهرة يكشف ل«البوابة نيوز» شروط موسكو لوقف الحرب في أوكرانيا    رئيس جامعة أسيوط: الطبيب على سيد كان مخلصا فى خدمة المرضى ومحبوبا بين زملائه    كامل الوزير يرد على منتقدي المونوريل: ليس في الصحراء.. وتذكرته 50% من تكلفة بنزين سيارتك    طفاطف جديدة وخطوط سير في رأس البرّ خلال عيد الأضحى بدمياط    قبل العيد.. ضبط 38 كيلو أغذية غير صالحة للاستهلاك بالمنيا    حريق محدود بشقة سكنية بطهطا دون إصابات    نتيجة الصف السادس الابتدائي 2025 بالمنوفية    اقتداءً بسنة النبي.. انطلاق تفويج حجاج دول العالم الإسلامي إلى منى لقضاء يوم التروية    "تنمية المشروعات" يواصل دعم الإسكندرية: تفقد مشروعات بنية أساسية وتوقيع عقد تمويل ب30 مليون جنيه    تغييرات جوهرية.. توقعات برج الحمل اليوم 4 يونيو    ضيف مع خبر غير سار.. برج الجدي اليوم 4 يونيو    احترس من المبالغة في التفاعل المهني.. حظ برج القوس اليوم 4 يونيو    رشوان توفيق ينعى سميحة أيوب: موهبتها خارقة.. وكانت ملكة المسرح العربي    أبرزهم شغل عيال وعالم تانى.. أفلام ينتظر أحمد حاتم عرضها    مي فاروق توجه رسالة نارية وتكشف عن معاناتها: "اتقوا الله.. مش كل ست مطلقة تبقى وحشة!"    مسلم يطرح أحدث أغانيه "سوء اختيار" على "يوتيوب"    رئيس الأركان يعود إلى مصر عقب انتهاء زيارته الرسمية إلى دولة رواندا    دعاء يوم التروية مكتوب.. 10 أدعية مستجابة للحجاج وغير الحجاج لزيادة الرزق وتفريج الكروب    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد شراكة وتطوير لإطلاق مدينة «جريان» بمحور الشيخ زايد    بمكون منزلي واحد.. تخلصي من «الزفارة» بعد غسل لحم الأضحية    رجل يخسر 40 كيلو من وزنه في 5 أشهر فقط.. ماذا فعل؟    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    لأول مرة.. الاحتلال يكشف أماكن انتشار فرقه فى قطاع غزة..صورة    «قبل ساعات من العيد».. الضأني والماعز يتصدران أسواق الأضاحي بالمنيا عام 2025    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    هل تكبيرات العيد واجبة أم سنة؟.. أمين الفتوى يُجيب    الشيخ خالد الجندي: من يأكل أموال الناس بالباطل لا حج له    حزب المؤتمر يقدم ورقة عمل لمجلس حقوق الانسان المصري حول تضمين المبادئ في برنامجه    وزير العمل يلتقي مسؤولة ب"العمل الدولية" ويؤكد التزام مصر بمعاييرها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال سليمان
في وصلة فضفضة بصالون الأهرام المسائي(1 من2): الإسلاميون أفسدوا ثورات الربيع العربي

استقبلت أسرة الأهرام المسائي الفنان العربي السوري الكبير جمال سليمان في جلسة ودية حميمة, وفي وصلة فضفضة استمرت أربع ساعات تحدث خلالها كما لم يتحدث من قبل,
ليكشف كل ما يدور بخاطره وأهم آرائه ومواقفه السياسية, كما تطرق إلي الوضع في سوريا وأسبابه وتأثيره علي الفنانين السوريين الذين انقسموا بين موال ومعارض للنظام, وتحدث عن تاريخنا العربي وضرورة تخليصه من الخرافات لنراه علي حقيقته دون تقديس, وغيرها الكثير والكثير من التفاصيل والأسرار التي تنشر لأول مرة..
نبدأ بمشروعك الجديد أوركيديا, فما هي تفاصيله؟
هو مسلسل تاريخي متخيل ليس قائما علي وقائع حقيقية, كتبه كاتب سوري أحبه اسمه عدنان العودة وسبق أن تعاونت معه في مسلسل يحمل اسم فنجان الدم قائم علي احداث تاريخية موثقة يسرد وقائع تعود للقرن التاسع عشر حول كيفية محاولة الغرب الدخول الي منطقة الشرق الأوسط عندما كانت جزءا من الامبراطورية العثمانية وكانت تحكمها القبائل والعشائر آنذاك.
بينما يقدم عدنان العودة هذه المرة وقائع تاريخية خيالية من خلال أوركيديا وهي مملكة مكونة من عدة ممالك متناحرة ومتصارعة وكل منها تعاني من مشاكل كثيرة, وبينها وبين جيرانها مشاكل وصراعات, وسيقوم حاتم علي بإخراج المسلسل في تعاون جديد بيننا بعد أن قدمنا سويا عددا كبيرا من المسلسلات مثل الفصول الأربعة, وهو مسلسل قريب لقلبي, ثم صلاح الدين الأيوبي ثم صقر قريش ثم ربيع قرطبة وبعدها ملوك الطوائف ثم عصي الدمع وقدمنا اخيرا مسلسل العراب الذي شاركت في الجزء الأول منه وتم اغتيال الشخصية التي أؤديها في نهايته, كما أن حاتم علي قدم بمصر عدة مسلسلات منها الملك فاروق وهو من المخرجين العرب الذين نفخر بهم.
سنبدأ تصوير المسلسل في يناير المقبل إما في تونس أو رومانيا, لم نستقر بعد, حيث جاءنا عرض ضخم من رومانيا التي تمتلك استديوهات كبيرة للغاية وقدمت أسعارا وتسهيلات تحفيزية كبيرة, فهم يريدون لفت انتباه المنطقة العربية لهم, ويقدمون مغريات بأسعار خيالية للتصوير لديهم.
كفنان عربي لك باع طويل في الدراما التاريخية, كيف تري وضعها حاليا؟
للأسف مشكلتنا أننا نسير وفقا للموضة في الدراما, فكانت هناك فترة ازدهار للمسلسلات التاريخية ومصر قدمت عددا من الأعمال ومن بينها هارون الرشيد وعمر بن عبد العزيز, كما قدمت سوريا أعمالا تاريخية مميزة ومهمة للغاية, وعندما حققت هذه النوعية من الدراما التاريخية النجاح, بدأ الجميع في تقديمها لتكراره, ولكن للأسف كان مستوي هذه الأعمال يقل مع الوقت حتي أصبحت دون المستوي.
ومن الغريب أن يظهر فجأة شخص ويقول إن الجمهور لا يريد أعمالا تاريخية, وينصب نفسه نائبا عن350 مليون عربي ويتحدث بلسانهم, ويقول إن الجمهور يرفض مشاهدة الأعمال التاريخية, من رأيي الشخصي هذا ليس صحيحا بدليل انه في السنة الماضية عرضت احدي القنوات الفضائية الكبيرة والمهمة مسلسلات تاريخية قديمة مثل صقر قريش وربيع قرطبة وملوك الطوائف فحققت نسبة مشاهدة كبيرة لم تحققها مسلسلات حديثة.. في اعتقادي نحن نحتاج إلي التأكيد علي مسألة الوعي وفهم الذات, فلابد من فهم تاريخنا جيدا حتي نفهم أنفسنا, ولذلك نحتاج لعدد كبير من المسلسلات التاريخية المقدمة علي مستوي عال تقنيا وفنيا وإنتاجيا وان يكتبها أشخاص لديهم عين نقدية في مراجعة التاريخ, لان مراجعة التاريخ العربي الإسلامي أصبحت ضرورة كبري بالنسبة لنا لكي نؤسس علي فكر ديناميكي بعيدا عن الخرافات والانحياز المطلق أثناء فحص تاريخنا, ثم أننا لا ينبغي ان يكون لدينا مركب النقص الغريب من نوعه, حيث اننا إذا وجدنا صفحة سوداء في تاريخنا نحاول تجنبها وعدم الحديث عنها, وكأننا الأمة الوحيدة التي لديها صفحات سوداء في تاريخها, فكل الشعوب علي مستوي العالم لديها مئات وآلاف الصفحات السوداء في تاريخها, والفرق بيننا وبينهم انهم واجهوا أنفسهم وتاريخهم وخلصوا هذه العلاقة بالتاريخ وأقروا أن هذا التاريخ ماض وكما كان به جوانب سلبية كانت به أيضا جوانب مشرقة وإيجابية.. نحن كعرب لا يزال الماضي بالنسبة لنا جرحا ينزف ونعتبر أحداثه وقعت هذا الصباح, فالناس يريدون ان يقتلوا ويحاربوا ويكفروا ويشيطنوا بعضهم البعض بسبب وقائع حدثت قبل1400 سنة, وزاد في ذلك أننا خلطنا بين الأحداث التاريخية والسياسية وبين المقدس, فمنحنا مثلا لأبطال أي خلاف سياسي علي السلطة أثوابا مقدسة, وأصبح لكل شخص أبطال مقدسة يحارب من اجلهم ويربي أولاده علي ذلك, ومن منطلق ذك يجب ان نجرد تاريخنا من هذه الخرافات ونعود إليه بعقل نقدي وندع الناس تراه علي حقيقته.
أتذكر أنني قدمت شخصية ابن خلدون في مسرحية الراحل سعد الله ونوس منمنمات تاريخية وكان بها جوانب سلبية, وبعد العرض انتظرني فتاة وشابان فاعتقدت انهم يريدون التقاط صورة معي, ولكنني اكتشفت أنهم انتظروني طويلا ليسألوني عن صحة ما جاء في المسرحية لأنهم لا يصدقون أن يفعل ابن خلدون ذلك!
دعوني استشهد بعبارة للشاعر الكبير أدونيس حيث يقول: من شدة ما مجد العرب تاريخهم حولوه إلي خرافة مستحيلة التصديق, وأؤكد أنه يجب أن ننزع ثوب الخرافة عن تاريخنا ليس بدافع جلد الذات ولكن لتصفية الحساب, وأن نتذكر أنه تاريخ مضي, ولا يستوجب أن يتقاتل من أجله الناس إلي الأبد.
ما حقيقة اعترافك بأن مسلسل صديق العمر به أخطاء تاريخية؟
لم أقل إن به أخطاء تاريخية بل اعترفت فقط بمشكلة اللهجة, وعلي العكس العمل يتمتع بدرجة كبيرة من التوثيق ولكن قراءة الأحداث في مرحلة تاريخية مهمة قد تختلف من شخص لآخر, فهذا المسلسل أصحابه قرأوا وسردوا الأحداث بهذه الطريقة, ويمكن أن يقوم آخرون بقراءة وتقديم الأحداث بطريقة مختلفة. قرأت مثلا نقدا بأن البغدادي لم يكن يرتدي نظارة, هذه أمور هامشية ولا تدل علي براعة فنية في النقد.
كما أنني متابع جيد لهذا الملف المهم والحيوي حيث تعمقت فيه لأنني قدمت مسلسلا عن قيام وانهيار الوحدة بين سوريا ومصر اسمه خان الحرير من جزءين, والحقيقة أنني قرأت الكثير عنه حتي محاضر جلسات البرلمان السوري عشية الوحدة, ولم أفعل ذلك للتحضير للمسلسل فحسب ولكن القضية أثارت الفضول لدي, وعندما شاركت في صديق العمر حدث نقاشات طويلة بيني وبين المؤلف حول قضايا كثيرة ومن بينها دخول مصر في حرب اليمن, فعلي سبيل المثال كانت هناك خلافات كبيرة بين أعضاء مجلس قيادة الثورة حول دخول مصر حرب اليمن ومصلحتها في ذلك, وتأثيره علي الوضع العسكري المصري عشية حرب1967, وهناك من يحملون الرئيس عبد الناصر مسئولية دخول مصر في حرب مع إسرائيل في ظل عدم وجود4 ألوية علي الجبهة لوجودها في اليمن, فحب جمال عبد الناصر لا يمنع ان هناك أسئلة مشروعة ينبغي ان نسألها ونعيد قراءة الأحداث.
صديق العمر مثل تحديا كبيرا لك لأنك تجسد شخصية زعيم مصري.. كيف واجهته؟
الحقيقة قبل أن أبدأ التصوير تحفظت علي نقطتين وعبرت عن مخاوفي آنذاك لمخرج ومنتج ومؤلف العمل, وقلت لهم إن شرائح كبيرة من الجمهور لن تتقبل المسلسل وتخوفت من أن يلعب كوني سوريا دورا سلبيا ضد المسلسل لحساسية ذلك عند المصريين, فكان جوابهم أن الزعيم ناصر كان رئيس مصر وسوريا وطالما ارتضي السوريون ان يصبح عبد الناصر رئيسهم, فعلي المصريين ان يقبلوا ان يقدم ممثل سوري هذا الدور.. أما النقطة الثانية فكانت الاشكالية المطروحة في المسلسل وهي أن كل من تحدثوا عن عبد الناصر توقفت قبل1967 وقبل حرب اليمن, وهذا الملف, الذي يبدأ بانهيار الوحدة بين مصر وسوريا وينتهي بوفاة ناصر مرورا بحرب اليمن و67, لا يريد أحد أن يقترب منه لأنه يمثل فترة فشل وهزائم, وليس بالضرورة أن يكون عبد الناصر مسئولا عنه وحده. من ضمن الأسئلة التي وجهت لصديق العمر: لماذا الآن؟ وكنت أجيب: إن لم نقدمه الآن فمتي؟ وأتذكر جملة لكاتب أعمال تاريخية عندما سألته المذيعة عن منهجه في الكتابة قال: اتبع قول الرسول( ص) اذكروا محاسن موتاكم, ولكني مع احترامي له ينبغي أن نذكر في تاريخنا محاسن ومساؤي الماضي حتي نعالجها ولا نكرر الأخطاء مرة أخري, فالدراما ليست نصبا تذكاريا لشخص كما ان المسلسل التاريخي ليس الهدف منه نبش القبور, ولكن استخلاص العبرة والدرس وعلينا أن نتعلم من التاريخ, ولدينا في تاريخنا دروس كثيرة إذا أدركناها وتعلمناها لتغير مسار حياتنا للأفضل.
هل تري ان المردود السلبي للمسلسل أثر علي نجوميتك وترتيبك في السوق المصرية؟
نعم, ويجوز أن يكون هو السبب, وربما هناك أسباب أخري لا أعرفها أو لا أرغب في الحديث عنها لأنني غير متأكد منها.
ما رأيك في تبدل مواقف الكثيرين من الثورة السورية بعد الثورة علي حكم الإخوان في مصر ومزاعم بشار الأسد بأنه يحارب المتطرفين والإرهابيين هو الآخر؟
سأبدأ الجواب من تعبير الربيع العربي لان فيه مشكلة كبيرة, وقد لعب دورا في مسألة الانقسام لأن به رومانسية زائدة عن الحد, حيث يوهم الجميع بأنه سيكون موسم تفتح الزهور وإشراق الشمس وزقزقة العصافير, والحقيقة أن هذا الاسم كان له تأثير كبير علي شرائح واسعة من الناس وأخطأنا حين اعتقدنا ان الثورة شكة دبوس وستنتهي بعد شهرين أو ثلاثة علي الأكثر لدرجة أنني كلما قابلت صحفيا مصريا بعد ثورة يناير أجده يسأل سؤالا واحدا: هل تري أن الربيع العربي سيؤثر علي الفن ليتغير رأسا علي عقب ويختفي بعض النجوم ويظهر جيل جديد علي المشهد.. الكل تعجل في الحكم علي الربيع العربي, وكنت أري أن هناك تفاؤلا بريئا مصدره أسباب مختلفة أحدها الاسم نفسه, ولذلك عندما رأي الناس هذا المخاض المؤلم وهذا التجاذب الشديد بين الداخل والخارج والوطنية مقابل المؤامرة الخارجية والنزاع في الداخل واستخدام مصطلحي التكفير والتخوين, بدأوا يشعرون أن الموضوع معقد وطويل.
لدي رأي شخصي ودوما أهاجم بسببه ولكني لن أغيره إلا عندما تثبت الأيام عكسه وسأعتذر عنه, وهو أن الإسلاميين أفسدوا الربيع العربي. أنا مؤمن بالثورات العربية وان المجتمعات العربية كانت تعيش واقعا انتهت صلاحيته ولا يمكن ان يستمر وأنه لو كان يصلح للبقاء لبقي, لكن الأنظمة الحاكمة فرغت الحياة السياسية وجعلتها مقصورة علي الحزب الحاكم والإسلاميين, وبسبب هذا التصحر السياسي فعندما يختفي الحزب الحاكم عن المشهد يترك فراغا هائلا جدا يسارع الإسلاميون لملئه مستغلين حماس المواطنين العاديين ومن يطالبون بالتغيير.
وفي سوريا بدأت الحكاية بشباب تظاهروا بعدوي تونسية مصرية من اجل الإصلاح السياسي والحرية, وكنت في مصر أهاجم بضراوة شديدة في الإعلام المصري لأنني لم أرفع شعار الشعب يريد إسقاط النظام في سوريا في بداية الأمر وكتبت ضدي مقالات من كبار الكتاب, وكنت أقول للناس إن شعار إسقاط النظام في سوريا كلفته عالية للغاية لذلك أفضل الضغط من اجل الإصلاح السياسي حتي يتبين أن ذلك غير ممكن.. والنخبة لم تقد أي مظاهرات أو ثورة إطلاقا, وذلك لأنها كانت في حيرة, ولذلك من البداية المسألة واضحة بالنسبة لي وهي أن السوريين خرجوا من أجل الإصلاح السياسي والاقتصادي, وكانت مطالبهم محددة وهي الانتقال نحو دولة ديمقراطية وهذا محرج جدا بالنسبة للنظام, الذي كان يرغب وقتها في شيئين: الانتقال من الحركة السلمية الي الحركة العنيفة وخروج السلاح ووقوع ضحايا, وثانيا رفع شعارات غير التي يريدها الشعب, وبحمل الجماعات الإسلامية السلاح اكتسب شرعية إطلاق النار لمحاربتهم, وهذا ما يريده للبقاء.
أعتقد أن المستنقع الذي دخلناه في سوريا سببه أولا أن النظام لم يبد أي نية جدية حقيقية في استيعاب مطالب الناس وتفهم أن شكل هذه الدولة لم يعد صالحا, رغم انه كان مدعوا ليكون جزءا من التغيير والمستقبل وكان مدعوا لكي يقود هذه العملية. والسبب الثاني هو التدخلات الإقليمية والدولية لأن سوريا أصبحت ساحة لتنفيذ أجندات إقليمية ودولية, ولذلك أنا ناشط في الشأن السوري وكلما تعمقنا أكثر في القضية السورية نجدها ورقة في ملف كبير جدا علي المستويين الإقليمي والدولي, وبالتالي تم الدفع دوليا في اتجاه أسلمة الثورة وتحول الأمر من ثورة تطالب بالتغيير الديمقراطي إلي نوع من الحرب الأهلية وأصبحت كل أجهزة الاستخبارات العالمية والمقاتلين من جنسيات مختلفة موجودين علي أرض سوريا.
وماذا عن انقسام الفنانين السوريين إلي فريقين متخاصمين أحدهما مع النظام والآخر ضده؟
هناك بعض الفنانين الذين أتفهم موقفهم, خاصة أن وقوفهم بجانب النظام لم يكن إعجابا به وإنما لعدم إعجابهم بالطرف الآخر وعدم اطمئنانهم إليه, وحالهم هي حال كثير من السوريين المعروفين باسم الموالين للنظام. وهناك فنانون لم يفهموا المشهد الحالي ولم يمعنوا النظر في الطرفين, ولكنهم آثروا الأمان ورزق العيال, رافعين شعار لا يكلف الله نفسا إلا وسعها, وقسم ثالث من الفنانين الذين دفعتهم انتهازيتهم الشديدة لاستغلال الأوضاع وهذا ما لا يمكن قبوله أو تفهمه.
البعض يري أن الفنانين الذين يعيشون داخل سوريا أكثر وطنية ممن يقيمون خارجها لأنهم تحملوا أوضاع بلادهم وصبروا عليها ولم يفروا مثل غيرهم؟
هذا غير صحيح, لأن الفنانين الذين يعيشون داخل سوريا وضعهم أحسن كثيرا من الذين تركوا بلدهم.
هل يمكنك توضيح ذلك أكثر؟
لأن الجميع تنكر للفنانين الذين خرجوا من سوريا, ومعظمهم يعيشون علي المعونات البسيطة من الحكومات الغربية التي تؤمن لهم كفاف عيشهم, وما قيل بأن الفنانين السوريين الذين تركوا بلادهم اشترتهم المحطات الخليجية ودفعت لهم ملايين الدولارات محض أكاذيب, علي العكس تماما أري أن المحطات التليفزيونية أدارت ظهرها لأي فنان سوري عبر عن رأيه بصراحة, ولا يعني ذلك ان من يعيشون بسوريا ليس لديهم معاناة, ولكن من العيب افتراض أن كل من يعيش خارج سوريا لا يعاني.
هل أنتم مهددون من النظام وشبيحته؟
بالطبع, فهم يريدون تقطيع أجسادنا وصلبنا وإعدامنا وسحب الجنسية منا!
(الحلقة القادمة غدا: لا أصلح لتقديم الكوميديا في مصر.. وأؤجل عملي في المسرح وأفكر في كتابة الدراما)
شارك فيها: خالد عيسي محمد عبدالعلي - هبة إسماعيل ناهد خيري - تصوير: محمد عادل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.