منذ تحرير سعر الصرف في3 نوفمبر الحالي وحتي الآن وما تبعه من إصدار شهادات ادخارية بعوائد مرتفعة بلغت20% تصرف كل ثلاثة أشهرربع سنوية والمصريون في حيرة من أمرهم, ليس نتيجة تردد فهم بالفعل كسروا ودائعهم واشتروا الجديدة, ولكن حيرتهم انصبت علي محاولة معرفة الضرورة الملحة التي استدعت ذلك, ولأنني لا أدعي خبرة في الاقتصاديات المالية والمسائل البنكية طرحت علي نفسي أسئلة وبحثت لها عن إجابة لدي أو لدي غيري. * منذ أن تم تحرير سعر الصرف كم بلغت حصيلة البنوك من الدولار؟.. الأرقام متضاربة, وكل مسئول بنكي يضرب رقما,غير أن وكيل محافظ البنك المركزي أعلن الأسبوع الماضي أن الحصيلة منذ تحرير سعر الصرف بلغت3 مليارات دولار. *هل تحرير سعر الصرف أمام الجنيه يعني أن البنك المركزي رفع يده ولا يستطيع التدخل؟.. التدخل وارد ولكن في حالة الضرورة. * ما هي مصادر العملة الصعبة للاقتصاد المصري؟.. المصادر تتنوع ما بين الأفراد وتحويلات المصريين العاملينبالخارج وإيرادات التصدير والاستثمارات الأجنبية المباشرة, وإيرادات الأجانب الذين عادوا للاستثمار في أذون الخزانة المحلية, وإيرادات قطاع السياحة ورسوم عبور قناة السويس. * وما الهدف المباشر والضرورة الملحة من إصدار الشهادات الجديدة ذات العائد المرتفع؟.. بعض الخبراء يقولون لسحب السيولة من السوق وكبح جماح التضخم, وتشجيع الادخار, كذلك ليكون للشهادات تأثير نسبي علي أرباح البنوك, وتعظيم العائد علي أصوله عبر الاستثمارات المختلفة, بالإضافة إلي محاولة تشجيع حائزي وكانزي الدولار علي بيعه والاتجاه لشراء هذه الشهادات. * وهل هناك من رأي يخالف ذلك؟!.. رأي يزعم- وأنا معه- أن أصحاب فكرة طرح الشهادات لم يكن يقصدون إغراء من يملكون اللحلوح المصري الذي لم يعد لحلوحا, ولكن كانوا يصوبون أنظارهم نحو حائزي الدولار, وتحفيزهم علي إخراجه من تحت البلاطة وتوجيهه للبنوك, ولهذا اعتقدوا أن رفع العائد يجذب الدولارات, وهذا من رابع المستحيلات!. *كلامك يلمح إلي أن البنك المركزي أخطأ التقدير؟.. لن يجني إنسان ويحول السيد دولار إلي جنيه ضعيف مهيض الجناح طبعا, ليس هذا فحسب بل أن يكون عائد الشهادة الادخارية التي مدتها18 شهرا20%, وهو ما يفوق جميع العوائد الادخارية الأخري, أليس في هذا جذب لأصحاب الودائع الأخري ممن كانوا يحصلون علي عوائد تتراوح بين10 و12 بالمائة, مما دفعهم للإسراع بفك ودائعهم وشراء الأخري ذات ال20%, وبدون ورقة وقلم ولا حسبة برما تكون البنوك قد دفعت المشاريب وتحملت فارق العائد, بالإضافة إلي هذه الشهادة هناك شهادة أخري مدتها3 سنوات ولكن عائدها16% فقط!.. لماذا.. وكيف عندما يطول الأجل بل ويتضاعف يقل العائد؟! من يقول بهذا يا رجال البنوك والمال والاقتصاد, عم عبده بتاع العلافة اللي علي الناصية لو أعطيته10 آلاف جنيه للمتاجرة يقول لك لو تتركهم أشغلهم سنة ربحك25%, ولو تركتهم سنتين ربحك30%. * وما هي مخاطر هذه الخطوة؟!.. متعددة منها ظهور حالة كساد في الأسواق نتيجة سحب السيولة المبالغ فيها, وظهور أعباء فوائد الشهادات علي الموازنة العامة عندما يحين وقت فك حيازة هذه الشهادات بعد سنة ونصف سنة أو ثلاث سنوات, وحينها تواجه الدولة نفس مشكلة التضخمووفرة السيولة ثانية. *والحل أين يكمن؟!.. بتشجيع الاستثمار وتحفيز الإنتاج وخلق قيمة مضافة جديدة في السوق تعمل علي جذب السيولة المفرج عنها, وهي بعض من كل الحلول التي يجب الإسراع بها لكبح موجة المخاطر هذه.