غير الكويتيون برلمانهم بالانتخابات كما أرادوا. أسقطوا22 مرشحا بينهم وزيران سابقان, يمثلون44 في المائة, من الوجوه القديمة في مجلس الأمة( البرلمان) السابق. وجددوا الثقة في20 فقط من النواب السابقين. وجاءوا ب11 شابا, يمثلون22 في المائة من الاعضاء, تتراوح أعمارهم بين30 و40 عاما. انتخبوا صفاء الهاشم عضوا رغم اعتراضات أصحاب المصالح والفاسدين والمستفيدين من الفساد الذين بذلوا الكثير لإبعادها عن البرلمان. اختار الكويتيون أيضا ما بين22 إلي25 مرشحا للبرلمان الجديد من التجمعات والأفراد المعارضين لسياسات الحكومة الذين عادوا للمشاركة الانتخابية بعد قطيعة استمرت4 سنوات. ومن بين هؤلاء إسلاميون, من الإخوان المسلمين وغيرهم, وسلفيون, وشيعة, وسنة, وليبراليون. أقر الناخبون الكويتيون هذه التركيبة الجديدة بنسبة مشاركة بلغت70.1 في المائة ووفقا للائحة مجلس الأمة, فإن المعارضين لن يكون لهم حجة لو قصروا في محاسبة الحكومة ووزرائها علي أي تقصير أو انتهاج سياسات لا يرضي عنها الشعب. فيحق استجواب أي وزير, بمجرد موافقة10 أعضاء علي الاستجواب. وبدا جليا أن غضب الناخبين الكويتيين من أداء المجلس السابق, خاصة تمريره الوثيقة الاقتصادية التي استندت إليها الحكومة في القرارات غير الشعبية الأخيرة المتعلقة برفع أسعار بعض الخدمات, وعدم مراقبته تطبيق الحكومة قوانين مكافحة الفساد. غير أنه وفقا لسوابق العلاقة بين المجلس والحكومة, لن تكون مهمة البرلمانيين, بمن فيهم الشبان والوجوه الجديدة, سهلة, لاسيما لو اختير مرزوق الغانم, الثري وممثل قطاع كبير من التجار والأعمال, مرة أخري رئيسا للمجلس. فخلال الحملات الانتخابية, تعهد النواب بتعديل أو إلغاء سلسلة قوانين وتدابير صدرت في أثناء فترة المجلس السابق, الذي يوصف بأنه سييء الصيت ومعاد لمصالح الكويتيين. ومن أمثلة ذلك برنامج التقشف وقوانين مثل سحب الجنسية واختبار الحمض النووي, وفرض بعض القيود علي الإنترنت. وقال بعض النواب إنه لا بد من تشديد إجراءات محاسبة الوزراء. أما الحكومة, وأنصارها الذين لم يعرفوا حتي الآن, فتصر علي تطبيق ما صدر من تشريعات وتدابير أقرها المجلس السابق ومن المتوقع أن يتعزز إصرار الحكومة لو عاد الغانم الذي تصدر قائمة المنتخبين عن الدائرة الثانية بفضل قوة عائلته وعائلة زوجته, لمنصة رئاسة المجلس, وهو الذي دافع بقوة علي أداء المجلس السابق, واشتهر بدهائه في مساعدة الوزراء علي الإفلات من المحاسبة. فقليلون يستبعدون حل مجلس الأمة, وإجراء انتخابات جديدة ستكون الثامنة خلال10 سنوات فقط, في ظل عودة المعارضة بهذه القوة بعد غياب إلي البرلمان. وفي ضوء قائمة القضايا الشائكة المطروحة علي البرلمان, فإن احتمالات الصدام بين المجلس والحكومة قوية. وكما السوابق, إذا تعذر التعاون بين الطرفين فإن استقالة الحكومة أو حل المجلس سيكون هو المخرج. عندما سألت صلاح خورشيد المرشح الفائز عن الدائرة الأولي, وزير التجارة والصناعة السابق وعضو مجلس الأمة في4 دورات سابقة, عن أولويات المجلس الجديد, تحدث بضيق عن الفساد. وقال مجلس2013( المنحل) هو من ساهم في الفساد. وأضاف أكثر من80 في المائة من المناقصات يحوم حولها الفساد, سواء في مناقصات تجهيز المطار أو السلاح... الأسعار مبالغ فيها. ويؤمن خورشيد بأن البرلمان هو الذي يجب أن يراقب مكافحة الفساد المكافحة ستعني الضرب في قلب مصالح شركات ومؤسسات وتجار أنفقوا مئات الملايين لايصال شخصيات تمثل مصالحهم إلي البرلمان. كما تستدعي أيضا مساءلة الوزراء, واستجوابهم, وهذا ما أدي سابقا إلي صدام بين الحكومة والمجلس, وحل الأخير. ومع أجواء الانتظار المثيرة في الكويت ترقبا لعودة المجلس للانعقاد وتشكيل الحكومة, يحدث الكويتيون أنفسهم, بهدوء أعصاب, عن موسم انتخابي قريب, ربما قبل نهاية العام المقبل. وليس هذا غريبا علي المناخ السياسي في بلد ديمقراطي حر مفتوح يتعامل مواطنوه, حوالي1.5 مليون, والمقيمون فيه, حوالي2.5 مليون, والسياسيون والإعلام مع الانتخابات علي أنها مهرجان من شأنه أن يغير فقط من المزاج العام لأسابيع, وتنشط فيه حرف مرتبطة بالدعاية الانتخابية التي لا يضع القانون حدودا مالية للإنفاق عليها. لكن هذا المهرجان لا يؤدي عادة إلي تغير سياسي يتحدث عنه الناس منذ سنوات. أمل الكويتيين الوحيد الآن هو أن تدرك الحكومة, مغزي مدي إحباطهم الذي دفعهم لاختيار الشباب والمعارضين, وأن تفهم المعارضة العائدة بأصوات الناس أنها أمام اختبار صعب معيار النجاح الوحيد فيه هو أن تثبت للشارع أنها قادرة علي إحداث التغيير المنشود.