لقد استطاع وزير المالية السابق يوسف بطرس غالي تحويل الضرائب الي شبح مخيف يطارد كل مواطن بسيط ومحدود الدخل يشعر ان عليه دفع ضريبة علي كل شيء حتي تحولت العلاقة بين المواطن المصري ومصلحة الضرائب الي خصومة تكاد تصل الي حد العداء بسبب الضرائب المفروضة عليه والتي تمثل عبئا اقتصاديا واجتماعيا عليه وتمثل معاناة لا يستطيع الفرار منها رغم ان الضريبة في اصلها مبلغ تتقاضاه الدولة لتمويل نفقات القطاعات المختلفة لخدمة المواطنين اي انها لابد ان تخدم في المقام الاول المواطن الذي يريد ان يري حصيلة إنفاقه علي ارض الواقع في صورة خدمات مميزة يستفيد منها كل محدودي الدخل. في البداية يؤكد د.سعيد عبد العزيز استاذ الاقتصاد والمالية وعميد كلية التجارة بجامعة الاسكندرية انه لابد من إعادة النظر في المنظومة الضريبية في مصر بشكل يتناسب مع طموحات ما بعد الثورة لان الضرائب المفروضة حاليا علي المواطنين بها العديد من نقاط الضعف ولابد من تعديلها بما يسمح بمراعاة البعد الاجتماعي وذلك من خلال تطبيق الضريبة التصاعدية خاصة وانها الطريقة المتبعة في معظم دول العالم وتساعد علي تحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية. ويستكمل عبد العزيز حديثه بأنه لابد من اعادة النظر ايضا في الانفاق الحكومي لضمان استفادة اكثر الطبقات فقرا من تطوير الخدمات واتساع نطاقها لتشمل العديد من القطاعات التي تتعلق بالمصلحة المباشرة للمواطنين وزيادة جودتها. تعديل الضريبة العقارية وإلغاؤها ويؤكد أستاذ الاقتصاد والمالية انه لابد من تعديل الضريبة العقارية نظرا لما يشوبها من انتقادات علمية وليس فقط رفض المواطنين ولا بديل عن اعفاء المنازل الخاصة من الضرائب بغض النظر عن قيمته بالاضافة الي تعديل الضريبة المفروضة علي الدخل لان اصحاب الدخول الثابتة اقل استفادة من التطوير في المقابل يكون رجل الاعمال المستفيد الأكبر من الخدمات التي تقدمها الدولة. ويقترح عبد العزيز اخضاع صفقات البورصة للضريبة وفرض ضريبة علي المكاسب الرأسمالية في البورصة حفاظا علي المال العام. و تري د. يمن الحماقي رئيسة قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس ضرورة دراسة الموقف الحالي للضرائب المصرية والتي لابد ان تبدأ بأولويات تحتاجها الدولة الان لبداية الاصلاح من خلال زيادة المجتمع الضريبي بمعني ان هناك قطاعا غير رسمي يعمل بدون دفع ضرائب لانها أنشطة غير مسجلة وهناك ايضا الكثير من المهن الحرة تحتاج مزيدا من الاهتمام لتحصيل ضرائبها وتؤكد ضرورة إلغاء ضريبة المبيعات علي المعدات الرأسمالية او حتي تجميدها لفترة معينة حتي نتخلص من الركود الذي أصاب الأوضاع الاقتصادية الحالية. زيادة الضرائب وتدني الخدمات وتري الحماقي ان علي المواطن ان يشعر بأن هناك مصلحة متبادلة وقد يحدث ذلك من خلال التدرج في دفع الضريبة خاصة وان المواطن لا يشعر بأي خدمات او تطوير في اي قطاع فالخدمات في المستشفيات الحكومية مازالت سيئة ويري يوميا مشكلة النظافة في معظم الشوارع في مقابل دفعه الضرائب المستحقة عليه بالتالي شعر بنوع من العبء الاقتصادي من جراء فرض هذه الضرائب بل اصبح هناك تدن شديد في الخدمات الحكومية. وتضيف رئيسة قسم الاقتصاد ان العلاقة بين المواطن ومؤسسات الدولة تبدلت تماما بعد الثورة حيث بدأت المساءلة من جانب المواطنين بالتالي تحسين علاقة المواطن بالضرائب لن تشهد تقدما الا عندما يشعر المواطن بالخدمة التي يحصل عليها في مقابل ما يدفعه وان تكون هناك آلية للمساءلة والمحاسبة في حال تقصيرها ووضع خطة لتوزيع اموال الضرائب علي القطاعات التي تحتاج التطوير ويحتاجها المواطن حتي يشعر بهذا التطوير. ويري د.عبد الرحمن بركه الخبير الاقتصادي ان مصلحة الضرائب اختلفت كثيرا في التعامل مع عملائها واصبح لديها الكثير من الافكار الجيدة والمتقدمة ولكن رغم كل ذلك لابد من إعادة النظر في النسب المحدده لأصحاب الدخول حتي لا تكون ضرائب موحدة بل تكون بنسب تصاعدية وتختلف بإختلاف دخل العميل لان ذلك يضمن تحقيق العدالة بين المواطنين. ثقة متبادلة ويضيف بركه انه علي المواطن ان يعي تماما ان الضرائب في مصلحة الدولة لذلك لابد ان تكون هناك ثقة متبادلة بين العميل ومصلحة الضرائب خاصة وان هناك العديد من المشروعات التي قامت في مصر بفضل الضرائب التي يدفعها المواطنون مثل اصلاح بعض الطرق وبناء مستشفيات وصيانة شبكات الصرف الصحي لذا علي مصلحة الضرائب ان تثق في كشوف المصروفات المقدمة اليهم وان يثق العميل في مصلحة الضرائب ويعي انها تقوم علي خدمته هو وكل المواطنين وبالتالي عليه ان يتأكد من سلامة سجلاته وان يكون امينا في عرضها. ويري بركه انه لابد من تأجيل الضريبة العقارية والانتظار لحين الفصل فيها من الناحية الدستورية وان يتم ابعاد المساكن الخاصة من الضريبة العقارية في حال تطبيقها. يقول د. رشاد عبده خبير الاقتصاد الدولي وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ان الثقة المفقودة بين المواطن البسيط والضرائب كانت بسبب ربطه بين دفعه لأي مبلغ مهما كان ضئيلا وما هو موجود علي ارض الواقع في كافة القطاعات من تعليم وصحة ومرافق عامة اذا شعر بالتطوير فيها سيدفع ما هو مطلوب منه عن طيب خاطر. التهرب الضريبي ويؤكد عبده اننا شهدنا العديد من حالات التهرب الضريبي خلال الفترة الماضية والتي تحتاج لتجريم وفرض عقوبات رادعة علي مرتكبيها مهما كان منصب او صفة الشخص المتهرب ويصف المتهرب من الضرائب بأنه شخص تهرب من تأدية واجب وطني لان الضريبة حق الدولة التي تتمكن من خلاله من الانفاق علي احتياجات مواطنيها. ويقول إن نسبة كبيرة من المجتمع المصري تحت حد الاعفاء الضريبي وفي نفس الوقت تعد هذه الفئة هي المستفيد الاكبر من الخدمات التي كانت تقدمها الدولة نظرا لزيادة عدد أفراد اسرهم ويتساءل كيف نشعر بالتطوير وهناك زيادة سكانية تزيد الضغوط لانهم من الفئة التي لا تدفع ضرائب بالتالي ضرائبنا محدودة وفي المقابل ايراداتنا محدودة وتحسين الخدمات يحتاج مزيدا من الانفاق وكل ذلك يؤثر علي نسبة الحصيلة العامة. تؤكد د. إجلال راتب العقيلي مستشارة العلاقات الاقتصادية بمعهد التخطيط القومي ان تعديل ضريبة الدخل حيث ان تحصيل نسبة20% من الدخول تعد نسبة كبيرة خاصة وان الدخول في مصر متفاوتة بالتالي لابد من تطبيق الضريبة التصاعدية حتي لا يشعر المواطن البسيط بعبء اقتصادي بالاضافة الي اهمية وجود خدمات ملموسة علي ارض الواقع يشعر معها المواطن ان الدولة تقدم له خدمة في مقابل ما تقتطعه منه وهذا لن يتم الا بإعادة تقييم نظام الضرائب بالكامل وان يكون هدف المصلحة الوحيد ارضاء المواطن. وتري د. إجلال راتب ان الضريبة العقارية تساوي بين شخص يسكن في شقة وشخص آخر يسكن القصور بالتالي لابد من اعفاء اصحاب الشقق مهما كان ثمنها لان الضريبة العقارية جعلت المواطن يشعر بأن الدولة تحصل منه جباية يستفيد منها في النهاية الفئة صاحبة الدخل الأعلي.