أضعنا وقتا ما كان ينبغي أن يضيع ونحن ندور في حلقة مفرغة منذ أكثر من ثلاث سنوات.. كان من المفترض أن يكون فيها ملف الإعلام في مقدمة أولوياتنا التي لا تحتمل التأجيل. كان من الضروري أن تحتل مهام انجاز القوانين المكملة للدستور, فيما يتعلق بإنشاء المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام, قائمة الأولويات فور إقرار دستور يناير2014, إلا أن ذلك لم يحدث.. تركنا هذا الملف دون الاقتراب منه.. استسلمنا ل الطرف الثالث الذي عمل ضد رغبة وتوجهات الجميع من أجل أن يبقي الوضع كما هو, تحكمه قوانين مؤقتة فرضتها المرحلة الانتقالية بعد ثورة30 يونيو. ما أخشاه الآن هو أن يعرقل الطرف الثالث, الذي نجح علي مدي شهور طويلة في عرقلة صدور التشريعات الإعلامية التي نص عليها الدستور, إجراءات تنفيذ القرار الذي أعلنه الرئيس السيسي في ختام المؤتمر الوطني الأول للشباب نهاية الأسبوع الماضي بشرم الشيخ, والخاص بتكليف الحكومة بالتنسيق مع مجلس النواب للإسراع بإصدار التشريعات المنظمة للإعلام والانتهاء من تشكيل المجالس المنظمة للعمل الصحفي والإعلامي. الطرف الثالث أو اللهو الخفي فرض رؤيته في ان تظل المرحلة الانتقالية الخاصة بملف الإعلام هي السائدة والمتحكمة في تسيير أمور الإعلام.. خاصة ما يتعلق بالصحافة القومية.. وفي كل مرة كانت تسعي فيها الحكومة أو في مرحلة لاحقة- لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب, للتعامل الجاد مع هذا الملف لإنهاء هذه المرحلة الانتقالية من خلال وضع التشريعات التي تؤسس لمرحلة جديدة, كانت تصطدم بالطرف الثالث وهو يكشر عن أنيابه ويحشد أنصاره ليقف بالمرصاد أمام هذه التحركات, ومن ثم ينجح في تقويض التحركات الجادة من جانب الحكومة وإعادة الملف إلي المربع رقم واحد.. وهو الأمر نفسه الذي كان يحدث في مجلس النواب حيث لم تجد لجنة الثقافة والإعلام الدعم المطلوب من جانب رئاسة المجلس للتعامل مع هذا الملف. الآن.. لا حجة للحكومة أو مجلس النواب بهيئة مكتبه ولجانه, بعد أن حصلوا علي الدعم المباشر من رئيس الجمهورية, وفي صورة قرار واضح لا يحتمل التأويل.. كان الله في عون الرئيس فليس من المعقول أن يتحمل وحده أعباء التعامل مع كل الملفات في ظل وجود حكومة وبرلمان!. لا بد من التعامل مع هذا الملف بشجاعة, وإعلان كل الآراء القانونية بشأن مشروعات القوانين المقترحة بشفافية, ودون تخوف من طرف ثالث نجح في تعطيل إصدار القوانين رغم إدراجها بجدول اجتماعات مجلس الوزراء وكذلك مجلس النواب أكثر من مرة.. ولكن أعتقد أن الأمر هذه المرة سيكون مختلفا بعد قرار الرئيس, الذي يتطلب وضع جدول زمني محدد يترجم ما نص عليه القرار الذي تضمن كلمة الإسراع, وهو ما يعني أن أمام الحكومة ومجلس النواب مهمة محددة لا تقبل التسويف وإضاعة الوقت. المهمة الرئيسية التي يجب ألا نحيد عنها الآن, هي العمل علي إنهاء هذه الحالة الانتقالية التي ما كان يجب أن ينفرد بها ملف الإعلام كل هذا الوقت, بينما تجاوزناها فيما يخص الرئاسة والبرلمان, فبقاء هذا الحالة الإعلامية هكذا لم يعد مقبولا بعد الآن.