جاء تباطؤ الحكومة في فتح مجال الاستثمار أمام كبري الشركات المتخصصة في مجال البحث والتنقيب عن الذهب وإنتاجه في نطاق الصحراء الشرقية رغم تواجد ما يقرب من120 موقعا للذهب منها مناجم شهيرة منذ عهد الفراعنة بنطاق محافظة البحر الأحمر خاصة في المنطقة المحصورة ما بين سفاجا والقصير ومرسي علم والشلاتين ليفتح الباب أمام العابثين بثروات مصر للقيام بعمليات بحث عشوائي عن الذهب لدرجة أن هذه العمليات تحولت خلال السنوات الأخيرة لظاهرة, حيث بدأ المئات إن لم يكن الآلاف يحترفون هذه الأعمال خاصة في المنطقة الواقعة في زمام مناجم الفواخير بمدينة القصير مرورا بمرسي علم. وتزداد هذه الأعمال حدة في نطاق المناطق الصحراوية بشلاتين وحلايب رغم الدور الذي تقوم به القوات المسلحة متمثلة في قوات حرس الحدود ومعها أجهزة الأمن بمديرية أمن البحر الأحمر في مطاردة هؤلاء الذين يقومون بعمليات بحث عشوائي عن الذهب والتي استطاعت عبر حملاتها المتكررة خلال الفترة الماضية ضبط عشرات من هؤلاء الأشخاص بينهم عدد كبير من السودانيين الذين تسللوا من أجل هذا الغرض. يقول محمد جمعة أبو عاصي, أحد مواطني مدينة القصير: لابد من قيام الحكومة باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للتصدي لعمليات التنقيب والبحث العشوائي عن الذهب التي انتشرت في المنطقة الصحراوية خاصة بنطاق منجم الفواخير الواقع علي جانب طريق القصير قفط وفي نطاق صحراء مرسي علم والشلاتين وحلايب لأن تلك الأعمال اتخذت خلال السنوات الأخيرة شكل الظاهرة والأشخاص الذين احترفوا هذه العملية يستخدمون وسائل تنقيب مختلفة منها الخفيف ومنها معدات ثقيلة وهذه الأعمال أصبحت تمثل خطورة علي ثروات مصر التعدينية في المنطقة ويري أن الدولة مازالت تتجاهل أهمية الثروات التعدينية الهائلة التي تحتويها الصحراء الشرقية بنطاق محافظة البحر الأحمر سواء خامات الذهب أو عشرات الخامات الأخري التي تدخل في صناعات ذات أهمية إستراتيجية رغم حاجة الاقتصاد القومي المصري إلي هذه الثروات وحاجة سوق العمل لفرص عمل جديدة للمواطنين خاصة أن التصنيع في هذا القطاع بالذات يضيف فرص عمل كثيفة للغاية. ويضيف الدكتور أبو الحجاج نصير, جيولوجي, أن عملية البحث والتنقيب عن الذهب بطرق غير شرعية تحولت مؤخرا لظاهرة تمثل خطورة علي الثروة المعدنية بصفة عامة والذهب بصفة خاصة, فهؤلاء المنقبون يقومون بالسطو علي المناجم القديمة بوجه خاص وإحداث تخريب بجيولوجية المكان تشبه عمليات النبش والنهب وتدمر المناجم بما يصعب بعد ذلك من عملية استغلالها بشكل قانوني. وتابع: هؤلاء الباحثون عن الذهب استطاعوا خلال السنوات الأخيرة الحصول علي كميات من الذهب ربما تفوق ما تم استخراجه بشكل رسمي من خلال مصنع إنتاج الذهب بجبل السكري بمرسي علم وأن الدولة لا تستفيد مليما واحدا من هؤلاء الباحثين عن الذهب سوي إهدار ثروتها القومية, ويتساءل: لماذا تكتفي الدولة حتي الآن بمصنع إنتاج الذهب الذي أقيم منذ عدة سنوات بجبل السكري في الوقت الذي تترك فيه الدولة مواقع أخري منتشرة في نحو120 موقعا بنطاق الصحراء الشرقية خاصة المنطقة التي تنحصر بين سفاجا مرورا بالقصير ومرسي علم والشلاتين وحلايب دون استغلال؟. من جانبه أكد اللواء أحمد عبد الله, محافظ البحر الأحمر, أن الحكومة اتخذت عدة إجراءات عاجلة للتصدي لظاهرة التنقيب العشوائي عن خامات الذهب بمنطقة الصحراء الشرقية, مشيرا إلي أن هذه الظاهرة ستصبح تحت السيطرة التامة قريبا من خلال هذه الإجراءات التي تتمثل في قيام شركة الشلاتين للذهب والمعادن والتي أنشأتها الحكومة تحت إشراف هيئة الثروة المعدنية بطرح مناقصة أمام الشركات الاستثمارية الصغيرة لاستغلال16 موقعا في عمليات التنقيب السطحي عن الذهب علي أن تقوم كل شركة مسئولة عن أي موقع من تلك المواقع بتقنين أوضاع المنقبين بهذه المواقع وإخضاعهم للعمل وبشكل قانوني تحت إشرافها التام وتحت إشراف شركة الشلاتين للذهب وبما يحفظ للدولة حقها وبما يحفظ أيضا حق أي عامل يمارس هذا النشاط بطريقة شرعية من خلال تسليم كمية الذهب التي يجمعها للشركة التي يعمل بها والحصول علي حقه وفقا للائحة التي أعدت بهذا الشأن. وأضاف أن شركة الشلاتين هي شركة حكومية مائة في المائة حيث تساهم فيها هيئة الثروة المعدنية بنسبة34% وجهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة بذات النسبة علاوة علي امتلاك بنك الاستثمار القومي لبقية أسهم هذه الشركة. وأضاف المحافظ أحمد عبد الله, أنه بالنسبة للتنقيب في المواقع التي تقع داخل المحميات الطبيعية ومنها محمية جبل علبة فسيتم بشكل سطحي ووفقا للضوابط التي يحددها جهاز شئون البيئة, وكشف أن هناك إجراءات آجلة تتعلق باستغلال مناجم الذهب الكبيرة الموجودة بالمنطقة خاصة في المنطقة الصحراوية الواقعة بين مرسي علم والقصير علي غرار ما تم في منجم السكري بمرسي علم, حيث يجري التجهيز لطرح مناقصات أمام الشركات العالمية الكبري التي تمتلك رأس مال ضخما وذلك عقب الانتهاء من تعديل قانون الثروة المعدنية.