تبحث الولاياتالمتحدة عددا من الخيارات بعد الإعلان عن انهيار الاتفاق الروسي الأمريكي حول الأزمة السورية, في ظل استمرار حصار واجتياح قوات الجيش السوري وحلفائه للشطر الشرقي من حلب, والذي يتحصن فيه نحو5 آلاف مقاتل, معظمهم من جبهة النصرة المصنفة إرهابية, وبجانبها جماعة نور الدين زنكي وأحرار الشام وبعض الجماعات المسلحة الصغيرة, وأهم الخيارات الأمريكية زيادة عدد قواتها البرية في المناطق الكردية الواقعة في شمال شرق سوريا, وتكثيف الطلعات الجوية, وإمداد الجماعات المسلحة بأسلحة نوعية منها صواريخ مضادة للدبابات والطائرات, والاتفاق مع تركيا علي إقامة منطقة آمنة, يتم حظر الطيران السوري فوقها, وإعادة تشكيل قوة برية من النازحين السوريين علي الحدود الأردنية, لمحاولة التوغل في المناطق الجنوبية والشرقية الواقعة تحت سيطرة داعش والنصرة. روسيا لم تنتظر القرارات الأمريكية وأرسلت منظومة دفاع جوي من طراز إس300 ونشرتها غرب سوريا, وقواتها لا تحتاج مثل هذه المنظومة, لأنها سبق أن نشرت منظومة إس400 الأكثر تطورا في العالم, بالقرب من قاعدتها الجوية في حميميم, والقادرة علي تغطية مساحة نصف قطرها400 كيلو متر, أي تغطي معظم سوريا, وجنوب تركيا وشمال اسرائيل, وبالتالي لا تحتاج نشر منظومة أقل تطورا في طرطوس, التي لا تبعد سوي40 كيلو مترا عن طرطوس, التي تتواجد فيها القطع البحرية الروسية, ولا يوجد مبرر سوي أن روسيا سوف تمنح منظومة إس300 إلي الجيش السوري, ليديرها ويفرض بها حظر طيران علي أي طائرات تراها سوريا معادية, ويمكنها منع الطائرات الأمريكية من دخول المجال الجوي السوري, لتفرض واقعا جديدا, إذا ما تفاقمت الأزمة, وهو ما يجعل التدخل الأمريكي البري أو إقامة منطقة حظر طيران غير ممكن بدون موافقة سوريا. هذا التطور الخطير في المواجهة يرفع من معدل التوتر, الذي بدأ في التزايد عندما بدأ التحالف الروسي السوري الإيراني توجيه الضربات إلي الجماعات المسلحة في شرق حلب, بعد أن أعلنت روسيا فشل أمريكا في الفصل بين الجماعات الإرهابية, وأهمها جماعة النصرة, وغيرها من الجماعات التي تري أمريكا أنها معتدلة, وهو أهم بنود الإتفاق الروسي الأمريكي, وقالت أمريكا إن هذا الفصل ليس سهلا, ويحتاج إلي المزيد من الوقت, وهو ما جعل روسيا تعتقد أن الولاياتالمتحدة تراوغ, وتحاول تمرير الوقت, حتي تتمكن الجماعات المسلحة من إعادة الانتشار, والحصول علي تعزيزات جديدة, تحول دون استمرار تراجعها علي معظم جبهات المواجهة, ثم جاءت الغارة الأمريكية علي مواقع الجيش السوري في دير الزور( شرق سوريا) لتكون الضربة القاصمة للاتفاق, ورأت موسكو أن واشنطن وجهت الضربات عمدا, ليتمكن تنظيم داعش من السيطرة علي مواقع الجيش السوري. مشكلة أمريكا أنها لا تمتلك حلفاء أقوياء علي الأرض, وفشلت عدة مرات في تشكيل وحدات من النازحين السوريين في كل من تركيا والأردن, كما تسبب استعانتها بالأكراد في إغضاب تركيا, مما اضطر أمريكا للتخلي عنهم, وإجبارهم علي العودة إلي شرق الفرات, ولهذا تعتمد واشنطن علي الجماعات المسلحة المتطرفة, وأهمها جبهة النصرة, المرتبطة بتنظيم القاعدة, والمصنفة إرهابية, خاصة أن باقي الفصائل المهمة تتحالف مع جبهة النصرة, وتنسق معها, وتري أن التخلي عنها يعني خسارتها أي مواجهة مع الجيش السوري وحلفائه الأقوياء علي الأرض. هكذا تزداد الأزمة السورية تعقيدا, فلا يمكن لأمريكا أن تعلن صراحة عن رفضها ضرب الجماعات الإرهابية, ولا يمكنها أيضا أن توافق علي التخلص منها, لأن معناه التسليم بانتصار التحالف الروسي السوري الإيراني.