أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي, أن ملحمة حرب أكتوبر وما حققته من نصر غال, لم تكن لتحدث دون تحلي شعب مصر العظيم خلال تلك الفترة العصيبة من تاريخ الوطن بقيم التضحية والانضباط والجدية, لافتا إلي أن نصر أكتوبر أكد قدرة شعب مصر علي تجاوز مختلف الصعاب والتغلب علي كل التحديات, أيا كانت طبيعتها ومهما كانت صعوبتها. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الرئيس السيسي في ذكري الاحتفال بالذكري43 لنصر أكتوبر, والتي استهلها بالوقوف دقيقة حدادا علي جميع شهداء مصر, وفيما يلي نص الكلمة: أود في البداية أن أتوجه بالتهنئة للشعب المصري العظيم وقواته المسلحة بمناسبة مرور43 سنة علي ذكري نصر حرب أكتوبر المجيدة, كما أتوجه بالتهنئة لكل العالم العربي في ضوء ما قدمه من تضحيات خلال تلك الحرب دفاعا عن الأراضي العربية المحتلة وسعيا لتحريرها, وهو ما مثل ملحمة عظيمة في التضامن والتكاتف والدفاع العربي المشترك, ما أحوجنا اليوم إلي التعلم من دروسها واستدعاء روحها والتسلح بقيمها, حتي نتمكن سويا من التغلب علي التحديات غير المسبوقة التي تواجه أمتنا العربية. وفي هذا الإطار, يشرفني اليوم أن أرحب بالأخ العزيز الرئيس السوداني عمر حسن البشير, الذي يشاركنا اليوم في إحياء هذه الذكري الغالية لحرب الكرامة التي خاضتها الشعوب والجيوش العربية. وأود في هذا السياق أن أشيد بالمساهمات القيمة التي قدمتها عدة دول عربية خلال حرب أكتوبر, وفي مقدمتها السودان الشقيق الذي حرص علي إرسال لواء مشاة من الجيش السوداني الباسل للجبهة المصرية ضم بين صفوفه الرئيس عمر البشير شخصيا, بالإضافة إلي المتطوعين السودانيين, الذين عبر عدد منهم القناة جنبا إلي جنب مع أشقائهم من الجيش المصري ليوفقهم الله في تحقيق النصر واسترداد الأرض الغالية. إن كل ذلك لا يعكس فقط خصوصية ما يربط بين شعبي وادي النيل من تاريخ مشترك وعلاقات مودة وجيرة وصداقة ممتدة, ولكنه يؤكد صلة الدم ووحدة الهدف والمصير التي تجمع بين الشعبين الشقيقين. واسمحوا لي أن أتقدم في هذه المناسبة للشعب السوداني الشقيق وللرئيس البشير شخصيا بكل التحية والتقدير والاحترام, واثقا في أن أواصر التعاون والتكامل والتضامن القائمة بين الدولتين ستشهد خلال الفترة القادمة مزيدا من الازدهار والتقدم والنمو, بما يتناسب مع التاريخ الكبير الذي يجمعهما. أبناء مصر الكرام, لقد مر أكثر من أربعين عاما علي حرب أكتوبر المجيدة, وهي الحرب التي ساهمت في تغيير الكثير من المفاهيم العسكرية التي كانت سائدة حينها, وضرب بها المصريون مثلا عظيما في تحدي الواقع المرير والعبور إلي مستقبل أفضل. إن ملحمة حرب أكتوبر وما حققته من نصر غالي لم تكن لتحدث دون تحلي شعب مصر العظيم خلال تلك الفترة العصيبة من تاريخ الوطن بقيم التضحية, والانضباط, والجدية, والتصميم, والإصرار, وهي القيم التي تمثل دروسا تتطلب منا استيعابها والتفكر فيها طويلا عند أحياء ذكري هذا النصر الجليل. فقد جاء هذا النصر عقب هزيمة مريرة تعرضت لها البلاد عام1967, وفي خضم مصاعب وتحديات سياسية واقتصادية كبيرة لم يكن من الممكن التغلب عليها إلا بوحدة الشعب المصري واصطفافه الوطني, وبفضل الله وإرادة هذا الشعب تحقق النصر. الإخوة والأخوات, لقد أكد نصر أكتوبر قدرة شعب مصر علي تجاوز مختلف الصعاب والتغلب علي كل التحديات, أيا كانت طبيعتها ومهما كانت صعوباتها, إذا ما تحلي بعزيمة راسخة لتحقيق تطلعاته المشروعة وتسلح بقيم الانضباط والعمل والإصرار للوصول إلي غاياته وتحقيق آماله. وإني علي ثقة في أن شعب مصر سيتمكن من تجاوز كل ما يواجهه الوطن من تحديات تنموية واقتصادية راهنة, فكما حققنا النصر عام1973 بالتضحية والانضباط والإصرار, سنحقق التنمية والتعمير والبناء بعزيمة المصريين وعملهم الجاد وتصميمهم علي تشكيل مستقبل أفضل لهم وللأجيال القادمة. وأؤكد لكم في هذه المناسبة أننا نعمل جاهدين علي تحقيق آمال المصريين في توفير الواقع الأفضل الذي يستحقونه, ونسابق الزمن من أجل تحقيق الإنجازات التي طال انتظارها, إذ قمنا علي مدار العامين الماضيين بإطلاق مشروعات قومية في مختلف المجالات والقطاعات, بالإضافة إلي تعبئة جهود الدولة من أجل تحسين الظروف المعيشية للمواطنين. ولا يخفي عليكم أن حجم التحدي كبير وأن علينا بذل جهود مضاعفة من أجل تعويض ما ضاع من وقت خلال السنوات الماضية, لاسيما في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها الوطن, فضلا عما يشهده عالم اليوم من متغيرات وتحديات كبيرة تؤثر علي الجميع, إلا أنني علي ثقة في أن ما يتم بذله من جهود ضخمة من جانب أبناء مصر المخلصين كفيل بتحقيق التقدم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يطمح إليها الشعب المصري. شعب مصر العظيم, لقد علمتنا حرب أكتوبر أيضا أن العلاقة الخاصة التي تجمع بين الشعب المصري وقواته المسلحة هي مفتاح النصر, حيث تضامنت جميع أطياف الشعب مع القوات المسلحة, وضحت العديد من الأسر المصرية بأحبائها فداء لهذا الوطن. لقد أدي الجميع دوره ووقف الشعب خلف جيشه بحب واحترام, وقد أثبتت الأحداث عبر السنوات الماضية أن القوات المسلحة المصرية ظلت تقوم بدورها مخلصة لهذا الشعب, وأنها لم ولن تتردد في حمايته والدفاع عنه من كل شر.