أجمع علماء الدين علي أن التأمين الفكري وتصحيح المفاهيم المغلوطة أولي من تشديد الحراسات الامنية علي رموز الامة باعتبارها افضل وسيلة لحقن الدماء, إذ ان المتعدي علي النفوس الآمنة عقله مغيب عن الفكر الصواب بسبب نشأته في أحضان الفكر الإرهابي وتعرضه للقهر النفسي. وأكدواضرورة انتفاضة جميع اجهزة الدولة لمقاومة هذا الفكر وبذل الجهد في تصحيحه بشكل اكثر جدية, وحذر العلماء من التهاون في تأمين عقول ابناء المجتمع وخاصة الشباب حتي لايكون سببا في نزول البلاء وإعلان الحرب من الله علي الناس لما قد يرتكبونه من أعمال ضد الآمنين وخاصة العلماء ورموز المجتمع. في البداية يقول الدكتور علي الله الجمال من علماء وزارة الاوقاف ان العقل السليم والقول السديد والحكمة رزق من الله يهبه لمن يشاء من عباده, وهو من اعظم النعم في هذا الوجود, فهناك عقول ضيقة لاتقبل غيرها من الافكار, وهناك عقول تتسع لتستوعب العالم كله, مؤكدا ان الايمان بالتعددية امر في غاية الاهمية باعتبارها سنة كونية يجب علي الفكر والعقل ان يؤمن به لقوله تعالي لكم دينكم ولي دين كما ان التعددية اللغوية ايضا يجب ان يؤمن بها لقوله تعالي واختلاف السنتكم بجانب التعددية العرقية لقوله تعالي: وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم وكذلك التعددية المذهبية لقوله تعالي ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولايزالون مختلفين. ويوضح الجمال ان الامن الفكري معناه سلامة الفكر ضد الانحراف والجمود والغلو والتطرف والتنطع واللا أخلاق ولان شريعة الاسلام صالحة لكل زمان ومكان, فقد اوصت بتأمين العقول والافكار باعتبارها من الاساليب التي تحافظ علي إحدي الكليات الخمس التي جاء الاسلام للحفاظ عليها باتباع المنهج الاسلامي الوسطي لقوله صلي الله عليه وسلم تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وسنتي وذلك بفهم علماء الاسلام الذين منحهم الله ملكة الاستنباط والفهم لقول النبي الكريم من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين اي يفهمه في الدين فليس المقصود اخذ النص والاعتماد عليه فقط كما تفعل الجماعات المتطرفة ولكن المراد ان تفهم مايحتويه النص طبقا للمنهج العلمي. فالتفرقة والتشرذم والارهاب الذي يعاني منه العالم سببه الرئيسي عدم تأمين الفكر والعقول, وهذه اكبر جريمة في حق العقل المسجون, كما ان مهمة الازهر والاوقاف هي حماية النشء والشباب من الافكار الهدامة المنحرفة والعمل علي استنباط مناهج الفكر السليم. ويشير د.الجمال إلي ان العقل إن لم ينتج عسلا فسوف ينتج سما, وهناك من يضع السم في العسل ولذا قال الامام علي كرم الله وجهه عن مسألة التحكيم التي نادي بها الخوارج كلمة حق اريد بها باطل ويقول الامام مالك رضي الله عنه إن قوما ضلوا العبادة واضاعوا العلم وخرجوا علي امة محمد صلي الله عليه وسلم باسيافهم ولو طلبوا العلم لحجزهم عن ذلك التشدد والتطرف. ويري ان العلاج يبدأ من تربية النشء علي الفهم الصحيح والفكر السليم والثقافة الواعية و اتباع منهج الإسلام بفهم السلف الصالح والعلماء المتفقهين ين في دين الله علي بصيرة وصحبة الصالحين من أصحاب الفكر المستقيم المعتد ل عن طريق المؤسسات المعنية التي تقوم بدراسة الأفكار الهدامة وبيان ما فيها من أوهام وضلالات وتبصير النشء والشباب بها بالإضافة لاستخراج مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة من التراث الإسلامي عن طريق علماء الأزهر والأوقاف والمؤسسات الدينية ولهذا يقول حذيفة بن اليمان:كان الناس يسألون رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الخير, وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني. بجانب إضافة مادة أساسية للطلاب مع التربية الدينية تسمي مادة الأخلاق ويكون النجاح أو الرسوب في هذه المادة من خلال تقييم سلوك الطلاب وليس الامتحان النظري وعقد مجالس للحوار مع الشباب والاستماع لآرائهم ومشكلاتهم وإيجاد حلول لهذه المشاكل واجراء اختبارات لعقول الشباب فكريا وثقافيا للوقاية من مخاطر الثقافات المغلوطة والأفكار المسومة واختبار عقولهم طبيا للوقاية من مخاطر الادمان والمخدرات والمسكراتو إنشاء المراصد التي ترصد ثقافة وعقول وفكر الشباب للعمل علي بيان السلبيات والشروع في تحويلها إلي وإفساح المجال للعلماء المخلصين في وسائل الإعلام ليبينوا للناس صحيح الإسلام. - مقاومة بعض القيادات الدينية الذين يعملون علي تهميش النماذج الدعوية المشرفة خاصة من يحملون الدكتوراه, لأن بعض القيادات تريد أن تختزل النجاح لنفسها فقط فهم لا يحبون الفاشل ومع ذلك فهم يكرهون الناجح. وشدد علي ضرورة العمل علي ايجاد حلول لتفريغ طاقات الشباب بالطريق المشروع لكي يستفيدوا منه ماديا ومعنويا وعلميا وصحيا. ويضيف الدكتور أشرف فهمي مديرعام التفتيش والمتابعة بوزارة الاوقاف إن واقعة محاولة اغتيال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهور ية الاسبق علي يد مجموعة من الشباب المغرر بهم كان أبرز مثال لعدم التامين الفكري لعقول مثل هؤلاء الشباب فلو علم هؤلاء ان العلماء ورثة الأنبياء وان الإسلام رفع قدرهم في الدنيا والآخرة لقوله تعالي يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ماتجرأوا علي ارتكاب مثل هذه الجرائم. وطالب مديرعام التفتيش والمتابعة بوزارة الاوقاف بضرورة تشديد الحراسات الفكرية قبل التأمينية لأن التأمين الفكري وتصحيح المفاهيم المغلوطة اولي من اي شيء لأن المتعدي علي النفوس الآمنة عقله مغيب عن الفكر الصواب بسبب نشأته في أحضان الفكر الإرهابي والقهر النفسي, مؤكدا أن الاعتداء علي العلماء خرق في الدين, لقول ابن المبارك-: من استخف بالعلماء ذهبت آخرته, ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه فما احترمهم إلا كل مؤمن بالله حق الإيمان وما اهانهم او انتقصهم إلا كل خبيث خسيس, فعن أبي الدرداء- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله- صلي الله عليه وسلم- يقول:(( من سلك طريقا يلتمس فيه علما, سهل الله له طريقا إلي الجنة, وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم; رضا بما يصنع, وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض, حتي الحيتان في الماء, وفضل العالم علي العابد كفضل القمر علي سائر الكواكب, وإن العلماء ورثة الأنبياء, وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما; وإنما ورثوا العلم, فمن أخذه, أخذ بحظ وافر. ويشير الشيخ أحمد ترك مدير عام التدريب بوزارة الأوقاف إلي أن الوزارة بصددعقد دورات تأهيلية للأئمة الجددمن مختلف المحافظات لتأمين أفكار وعقول الشباب ضد الافكار المتطرفة, حيث تعتبر مثل هذه الدورة ذات اهمية كبري يتوقف عليها حصول الامام علي تقرير الصلاحية باجتياز الاختبارات التي تعقد في نهاية الدورة التي تؤهله للعمل بوزارة الاوقاف كإمام رسمي حيث تتناول المواد التي يتم التركيز فيها علي النشاط التدريبي علي المهارات الدعوية التي تساعده علي إعطاء الدروس والقدرة علي الخطابة وكيفية الارتجال وفهم انماط الناس فضلاعن مواجهة الافكار المتطرفة وكيفية التأثير علي الناس من خلال الخطبة والدروس والمواعظ والاندماج مع الشباب وطرق حل مشكلاتهم بجانب عقد ورش عمل علي هامش الدورة التدريبية التي تستمر لمدة شهر تتناول القضايا المستجدة والمطروحة علي الساحة من خلال كوكبة من العلماء المتخصصين سواءمن الازهر والاوقاف أو عن طرق خبراء مدربين يتم الاستعانة بهم من مختلف التخصصات الاخري حيث تعقد في نهاية الدورة التدريبية عمليات تقييم للإمام ومدي استيعابه تلك المهارات التي تساعد في عمليات التأمين الفكري لأبناء المجتمع علي ارض الواقع. ويوضح الشيخ عبد العزيز النجار مديرعام الوعظ بالأزهر الشريف أن ماحدث هو نقلة نوعية في تخطيط العمليات الارهابية لاستهداف القيادات الدينية وبعض الاعلاميين والكتاب ووضعهم علي قوائم الانتظار بالنسبة للاغتيالات ممايتطلب الانتفاضة من جميع اجهزة الدولة المعنيةومقاومة هذا الفكر وسرعة تصحيحه بشكل أكثر جديةلتوحيد الصف وبذل الجهد في مواجهة هؤلا ء الارهابيين الذين يكفرون العلماء الذين قال الله في حقهم ومن احسن قولا ممن دعا إلي الله وقول النبي صلي الله عليه وسلم فضل العالم علي العابد كفضل القمر علي سائر الكواكب وان موت قبيلة باكملها اهون عند الله من موت عالم فهؤلاء الذين يكفرون أئمة الدعاة وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا وقد ضل سعيهم وانحرف فكرهملابد أن يعلموا ان ما يفعلونه من قتل وتكفير وسفك للدماء يهوي بهم في نار جهنم فالله الذي ادخل امرأة النار في هرة حبستها ومنعت عنها الطعام والشراب لن يسامح في دماء العلماء الكبار وتساءل النجار اذا كان العلماء كفرة فمن هم المؤمنون ؟ ولو فرضنا جدلا انهم كما قالوا فمن الذي افتي بمقاتلة الكفار.