يتأكد كل يوم بعد انحسار المنافسة علي مقعد رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية ال54 بين مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون ومنافسها عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب أن هناك اختلافات كبيرة في رؤية كل منهما للملفات الخاصة بالشرق الأوسط, وهو ما يتضح فيما يتعلق بمستقبل الاتفاق النووي مع إيران, فخلال سنوات عملها كوزيرة للخارجية الأمريكية كانت هيلاري أحد مهندسي الاتفاق النووي الذي تم تنفيذه بين إيران والغرب, ولذلك فإنها من أشد المؤيدين لهذا الاتفاق, وتعتبره خطوة كبيرة في طريق منع إيران من تخصيب اليورانيوم, ومن ثم تفادي حصولها علي السلاح النووي. ولكن كلينتون أعلنت أن المبدأ الحاكم لسياساتها تجاه الاتفاق النووي هو المتابعة الدقيقة لمدي التزام إيران ببنود الاتفاق, وأنه في حالة انتهاك طهران لأي من هذه البنود, فإنها سوف تعيد فرض العقوبات ضدها, وفي هذه الحالة ستكون كل الخيارات مطروحة للتعامل مع الجمهورية الإسلامية, بما فيها الخيارات العسكرية. وعلي العكس, يرفض ترامب الاتفاق النووي مع إيران, حيث يعتبره تهديدا لأمن أمريكا وأمن إسرائيل, متوعدا بأنه في حال انتخابه سوف يقوم بإعادة التفاوض بشأن هذا الاتفاق, لأن هدفه الأول هو تدمير طموحات إيران النووية بأي وسيلة, كما يطالب بزيادة العقوبات الاقتصادية علي طهران. ارتباطا بالملف النووي الإيراني, تسعي هيلاري إلي طمأنة حلفاء الولاياتالمتحدة في منطقة الخليج العربي, بأن أمريكا لن تتخلي عنهم, وأنها سوف تظل ملتزمة بأمن دول مجلس التعاون الخليجي وحمايتها من التهديدات الإيرانية, مؤكدة أن منطقة الخليج العربي شريك مهم لواشنطن من الناحية الأمنية والتجارية والدفاعية. في المقابل, واستمرارا لتصريحاته المثيرة للجدل, أعلن ترامب أنه سوف يوقف استيراد النفط من السعودية, ما لم تشارك الأخيرة بجيشها في قتال تنظيم داعش أو تعوض الولاياتالمتحدة عن الجهود التي تبذلها في محاربة التنظيم. كما يطالب دول الخليج بأن تتحمل تكلفة إقامة مناطق آمنة في سوريا. وفيما يتعلق بالحرب ضد الإرهاب وتنظيم داعش ترفض هيلاري إرسال قوات عسكرية أمريكية كبيرة لمحاربة التنظيم في سورياوالعراق, وتفضل الاعتماد علي الحلفاء من الدول العربية السنية والأكراد, للقيام بعمليات عسكرية ضد التنظيم علي الأرض, علي أن يقتصر دور الولاياتالمتحدة علي التدريب وإرسال المستشارين والخبراء العسكريين. وتؤكد كلينتون إنها ستعمل علي تدمير البنية التحتية التي تساعد علي تدفق المقاتلين الأجانب للقتال في جانب داعش, والقضاء علي مصادر تمويلهم وتسليحهم, والتعاون مع شركات التكنولوجيا من أجل غلق المنصات الإلكترونية التي يستخدمها التنظيم في الدعاية والتجنيد.. كما أنها تؤيد إقامة منطقة حظر جوي علي أجزاء من سوريا, وتكثيف الضربات الجوية ضد التنظيم, مع التركيز علي الأنظمة الدفاعية في الولاياتالمتحدة, للحد من قدرة داعش علي اختراق الحدود الأمريكية أو التجنيد من داخلها. إلا أن ترامب يؤيد استمرار الغارات الجوية ضد داعش, مهددا بأنه سوف يقوم بقصف آبار البترول في العراق, لحرمان التنظيم من أهم مصادر تمويله, ومهاجمة كل المنصات الإلكترونية التي يستخدمها في الدعاية وتجنيد المقاتلين. وكان ترامب قد أعلن من قبل أنه سوف يأمر القوات المسلحة بقتل عائلات الإرهابيين الذين يهددون الولاياتالمتحدة, ثم تراجع بعد ذلك عن هذا التصريح, مؤكدا أنه لن يأمر القوات الأمريكية بمخالفة القانون الدولي أو الأمريكي. في النهاية ستبقي هذه الاختلافات في الآراء والتوجهات مجرد عناوين في البرامج الانتخابية حتي تحين لحظة الحقيقة مع بدء ممارسة هيلاري أو ترامب مهام الرئاسة.