في ظل استمرار أزمة الجزيرتين تيران وصنافير المعروفة, وفي ذروة احتدام الصراع بين محاولات الحكومة المصرية لنفي الملكية المصرية عن الجزيرتين وبين محاولات شعبية مقابلة للدفاع عن مصريتها, تخرج علينا لجنة الإستثمار والمستثمرين التابعة لإتحاد الصناعات المصرية, بأطروحات جديدة تتعلق بالتنازل عن الأراضي المصرية وبيعها للأجانب والغرباء. وعلي مبدأ الغاية تبرر الوسيلة, ظن المسئولون ورجال الأعمال علي حد السواء, أن رغبة وحرص الشعب المصري علي تشجيع الاستثمار وتنمية المشروعات والشراكات الدولية قد يبيح لهم أحقية التحكم في الأراضي المصرية وطرح فكرة قانون يسمح ببيعها للأجانب ومنحهم حق تملك الأرض وليس فقط الانتفاع بها, كما يبيح استخدامها كقيمة رهنية للبنوك, فهل من الحكمة أن نمد البساط ونقدم كافة التنازلات ونرضخ لتلك الأوضاع بحجة إنعاش الاقتصاد؟! ورغم أن اللجنة المقترحة والمعدة لتلك البنود أشارت إلي أنها قد تترك بعض المناطق الحدودية لمعايير الأمن القومي, إلا أنها أقرت بأنها ليست حكرا علي المصريين كإشارة منها لفكرة التملك الأجنبي للأراضي المصرية, بحجة اقامة المشروعات, وهو ما يفسح المجال لدخول كبار المستثمرين الأجانب وعلي رأسهم عملاء الصهاينة; لاغتنام فرصة تملك الأراضي المصرية, وما أسهل الأمر عليهم أن يدفعوا المال مقابل شراء وطن, بينما من لديهم وطن لا يقدر بثمن لا يدركون قيمته ويعرضون أراضيه للبيع بحجة جذب الاستثمار! فقد دققت النظر في دراسة أهم بنود مشروع قانون الاستثمار الجديد, والذي يحتوي علي115 مادة, بدلا من تعديلات قانون الاستثمار الأخيرة, فوجدت أن مشروع القانون يتضمن منح حوافز ضريبية وغير ضريبية للمشروعات الاستثمارية, من بينها إعفاء بعض الأنشطة من الضرائب لمدة5 سنوات وأخري لمدة10 سنوات, بجانب إعفاء المشروعات المقامة بمناطق سيناء وسيوة والصعيد والنوبة من الضرائب لمدة10 سنوات. كما أن مشروع القانون يتضمن إعفاء المصدرين من ضرائب الدخل إذا تم تصدير أكثر من80% من المنتج, وإعطاء حوافز لمشروعات الثروة السمكية, كذلك تفعيل الشباك الواحد وإنشاء نافذة عقارية فيما يخص تخصيص الأراضي للمستثمرين, علي أن يضم هذا الشباك كافة الجهات صاحب الولاية, علي أن تقوم بتخصيص الأراضي بناء علي خرائط ومساحات محددة, وإنشاء مكاتب خبرة ومكاتب اعتماد..وأنه يجوز لصاحب المشروع التعامل بالأرض المخصصة له حق انتفاع كقيمة رهنية لدي البنوك, ويتضمن المشروع أيضا استحداث شركات للأمن والحراسة, وإعفاء جمركي كامل علي الآلات والمعدات, وضريبة مبيعات5 علي المعدات ترد لاحقا, بجانب دعم للمستثمرين بمناطق الصعيد وسيناء. وفيما يتعلق بالمستثمرين الأجانب, فإن القانون لا يفرق بين المستثمر الأجنبي والمصري, ويعطي للمستثمر الأجنبي الحق في تحويل أمواله خلال مدة أقصاها3 أشهر ومن حقه تملك الأراضي وعقار سكن خاص له ولأسرته, كما أنه من حق المستثمر استقطاب العاملين الأجانب وفقا لحاجة وطبيعة مشروعه. وبالنسبة للمناطق الحدودية وسيناء فيما يخص تملك الأراضي, فإن تلك المناطق متروكة للمعايير الأمنية والأمن القومي حتي بالنسبة للمستثمرين المصريين, إلا أن التملك فيها ليس حكرا علي المصريين. وبالتالي ليس من العجيب علي اللجنة التي تفرط بمنتهي السهولة والاستخفاف في الملكية العامة والأراضي المصرية, أن تصف المشروع حال إقراره بأنه سيكون أفضل قانون للاستثمار بالمنطقة العربية, فلا عجب في قوم يبيعون أرض الوطن مقابل حفنة أموال ومصالح شخصية وخارجية, إذا كان هناك فصيل مواز آخر يحرق ويفجر ويستبيح الوطن وأبنائه من أجل السلطة والنفوذ.