تساؤلات عديدة تدافعت إلي ذهني وأنا استعرض نصوص مشروع قانون الاستثمار الجديد الذي تجاهد الحكومة لإصداره قبيل المؤتمر الاقتصادي الذي تشهده مدينة شرم الشيخ في مارس المقبل أول هذه التساؤلات لماذا تعود من جديد الإعفاءات الضريبية للشركات بمدد تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات فضلاً عن الإعفاء من ضريبة الدمغة ورسوم توثيق العقود وغيرها؟!! اتفهم جيداً دوافع الحكومة لتيسير إجراءات الاستثمار لتحريك وتنشيط الاقتصاد القومي لكن ان ينص القانون علي عودة الإعفاءات الضريبية التي تم إلغاؤها منذ نحو عشر سنوات بعد أن أثبتت الدراسات عدم وجود عائد حقيقي لهذه الإعفاءات وتم اكتشاف حالات تلاعب كثيرة من جانب الشركات للاستمتاع بمدد جديدة من الإعفاءات بعد تغييرات صورية في النشاط وقد أضاعت هذه الإعفاءات موارد كبيرة علي خزانة الدولة ذهبت إلي "جيوب كبار المستثمرين" وأذكر ان غالبية خبراء الاقتصاد وقتها أكدوا ان المستثمرين الأجانب لا يهتمون بالإعفاءات الضريبية بقدر ما يهتمون باستقرار القوانين والسياسات وسرعة الإجراءات وتيسيرها والشفافية والحد من الفساد ماذا تغير إذن ولماذا نعود إلي ما تم إلغاؤه بجهد جهيد وبعد معارضة وحرب شرسة من جانب كبار المستثمرين الذين استفادوا من الإعفاءات علي حساب خزانة الدولة. ثانياً: ينص القانون علي حق رئيس الحكومة في تخصيص الأراضي المملوكة أو للأشخاص الاعتبارية العامة "أعتقد انها تعني شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام والهيئات الاقتصادية" بدون مقابل طبقاً للائحة التنفيذية!! ويعني ذلك بيع أراضي الدولة "ببلاش" للمستثمرين سواء أجانب أو محليين لأن القانون يسوي تماماًپفي المعاملة بينهما ويسمح للمستثمر المحلي تملك الأراضي والعقارات مهما كان حجم مساهمته في الشركة والغريب ان وزير الاستثمار قال في أحد تصريحاته الصحفية إن وزير المالية غير موافق علي النص الخاص ببيع الأرض بدون مقابل ورغم ذلك صدرت مسودة القانون تتضمن هذا النص بما يعني عدم وجود تنسيق بين أعضاء الحكومة. لا يعني هذا ان حوافز الاستثمار ليست مهمة انها ضرورية في بعض المناطق الجغرافية مثل الصعيد وفي بعض المجالات الاقتصادية خاصة الكثيفة العمالة لكن من غير المعقول أو المقبول ان تكون في شكل إعفاءات ضريبية أو تملك الأراضي دون مقابل ويمكن للحكومة ان تجري حواراً مع المستثمرين حول حوافز الاستثمار في مجالات وأماكن بعينها بعيداً عن الأراضي والضرائب ففي جميع بلدان العالم المتقدم التي تضرب الحكومة المثل بها "حاجة اسمها أراضي ببلاش أو أرباح كاملة بدون دفع حق الدولة" أيضاً لماذا نعمل بنظام تمليك الأراضي؟ لماذا لا يتم تفعيل نظام حق الانتفاع وقد كان هناك تصريحات حكومية عنترية تؤكد اننا سنعمم حق الانتفاع علي جميع أراضي الدولة. ثالثاً: في الوقت الذي يهدف مشروع القانون الجديد إلي مرونة حركة الجهات الحكومية وتيسير إجراءات الاستثمار نجد مشروع القانون يلغي استقلالية هيئة الاستثمار ويجعل وزير الاستثمار هو رئيس مجلس إدارة الهيئة وفي نفس الوقت ينص علي تعيين مدير تنفيذي ونواباً للمدير ومن المعروف ان الوزير عادة لديه مسئوليات ومهام كثيرة واجتماعات أكثر في مجلس الوزراء وخارجه ومع المستثمرين فضلاً عن المؤتمرات والسفريات وخلافه فأين له الوقت اللازم للقيام بمسئوليات رئيس الهيئة وهي كثيرة ومتعددة وفقاً لما ينص عليه مشروع القانون ولذلك سنجد ان من يقوم بالتنفيذ علي أرض الواقع هو المدير التنفيذي للهيئة فلماذا إذن هذا التعديل من أصله ولماذا لا تكون الهيئة كياناً مستقلاً تابع لرئيس الوزراء علي أن تقوم وزارة الاستثمار برسم السياسات وهي لا تقل أهمية عن عمل الهيئة ذاتها. نرجو ان تعيد الحكومة النظر في مشروع قانون الاستثمار الموحد فالهدف في النهاية هو جذب الاستثمارات وتحقيق فوائد مشتركة للاقتصاد القومي وللمستثمر وليس للمستثمر وحده.