اقتضت حكمة الله تعالى ان تكون لنفحاته مقدمات فجعل لشهر رمضان شهر القرآن شهرى رجب وشعبان مقدمة له حتى يتهيأ المسلم للدخول فيه وهو بكامل لياقتة البدنية والنفسية والروحية وشهد شهرا رجب وشعبان احداثا أثرت فى حياة الامة الاسلامية سواء كان الاسراء والمعراج فى رجب أو تحويل القبلة فى شعبان وحول فضل هذه المواسم التى تفضل الله بها على امة الحبيب صلى الله عليه وسلم وكيفية الاستفادة منها يوضح الدكتور طه أبوكريشة- نائب رئيس جامعة الازهر الأسبق أن شهر شعبان هو المقدمة التي تؤدي إلي دخول المؤمن في نفحات شهر رمضان بلياقة إيمانية كاملة تعينه علي اداء فريضة الصيام اداء ايمانيا من أول يوم بدنيا ونفسيا وروحيا, وذلك من خلال الاقتداء بسنة الرسول صلي الله عليه وسلم من خلال اكثاره من الصيام في هذا الشهر عن أي شهر آخر غير رمضان, فأخبر الرسول صلي الله عليه وسلم ان ذلك من اجل رمضان ومن أجل أن يكون المسلم في خير إعداد له خاصة أن الاعمال ترفع في شهر شعبان لقوله صلي الله علية وسلم هوشهر ترفع فيه الاعمال إلي الله واحب أن يرفع عملي إلي الله وانا صائم كما ان من فضائل شهر شعبان مايتعلق بفضل ليلة النصف منه والتي يتجلي فيها الملك سبحانه وتعالي لعباده الذين يتوجهون إليه عابدين مخلصين طالبين أن يحقق لهم مايريدون تحقيقه في حياتهم حيث تتجلي الرحمة الإلهية تنادي عباد الله وتخبرهم بماجاء الوعد في خطاب الله عزوجل لهم ألا من مسترزق فأرزقه ألا من مستغفر فاغفرله ألا من مبتلي فأعافيه ألا من كذا ألا من كذا حتي يطلع الفجر, ومن هذا أن الشهر العظيم هو بمثابة الصحوة الايمانية الكاملة التي تعين المسلم علي دخول شهر رمضان والمسلم في كامل اللياقة الايمانية التي تؤدي من خلالها فريضة الصيام التي تحقق المثل الاعلي في تقوي الله دون ان يضيع وقتا من أوقاته في اي جانب من الجوانب الجسدية أوالنفسية أوالروحية. ويقول الدكتور علي الله الجمال- من علماء الأوقاف- إن شهر شعبان حافل بالذكريات الاسلامية العظيمة ففيه انتصر النبي صلي الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق وكانت فيه حادثة الإفك وتزوج النبي صلي الله عليه وسلم من السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب, لكن أبرز حدث فيه هو تحويل القبلة من المسجد الأقصي للمسجد الحرام من خلال خطاب مباشر يبين مكانة النبي صلي الله عليه وسلم عند خالقه, وذلك ردا علي بعض المشككين وكأنه يقول لنبيه الكريم لاتلتفت لما سيقوله السفهاء لماذا ترك محمد وأصحابه القبلة التي كانوا عليها بهدف زرع البغضاء, وهو ماحدث بالفعل وترجمته الآية الكريمة في قوله تعالي' سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ومن هنا كان فضل شهر شعبان وكان تحويل القبلة للمسجد الحرام أبرز حدث في هذا الشهر وهو مايتطلب من المسلمين وقفة تجاه قبلتهم الاولي لأنها قبلة عز وشرف فلاتوجد قبلة للكفار كما أن الاعمال ترفع فيه إلي الله وتستقبلها الملائكة لقولة صلي الله علية وسلم' إذا كان ليلة النصف من شعبان أطلع الله إلي خلقه فيغفر لمؤمنين ويملي للكافرين ويدفع أهل الحقد بحقدهم حتي يدعوه' ويشير الدكتور عبد الغفار هلال- عميد كلية اللغة العربية الأسبق إلي أن الرسول صلي الله عليه وسلم صلي في أول الأمر إلي بيت المقدس لمدة16 شهرا او17 شهرا وهي قبلة الانبياء ثم جاء الامر الالهي بالتحويل إلي الكعبة المشرفة في مكةالمكرمة تلبية لرغبة الرسول صلي الله عليه وسلم لارتباطه بالخليل ابراهيم جده الأكبر لقوله تعالي' قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون' وقد حدث ان اليهود كانوا يشككون في الإسلام واتخذوا من تحويل القبلة مجالا للتشكيك فيما كان صلي الله عليه وسلم يصلي لبيت المقدس وانه تبع قبلتنا ولما تحول إلي الكعبة قالوا تخلي عن قبلة الانبياء وهذا يعتبرعدم وفاء وقد اخبر الله نبيه بماسيقوله اليهود في قوله تعالي' سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب علي عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا علي الذين هدي الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم' وهذا اعجاز إلهي لأنه اخبره قبل ان يقولوه واعطاه الاجابة في قوله تعالي' قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم' وقدجاء ذكر الآية الوسط بآيات تحويل القبلة في قوله تعالي' كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله' وقيل ان تحويل القبلة جاء ليلفت الانظار لبيت الله الحرام الذي جعله مثابة للناس و امنا لقولة تعالي' وإذجعلنا البيت مثابة للناس و امنا' وقوله تعالي' إن أول بيت وضع للناس الذي ببكة مباركا ومن دخله كان أمنا' وهذا التحويل يدل علي الالتزام بالاوامر الالهية ويعيد النظر إلي أن البيت الحرام هو المقر الاقدس, ولذلك فالصلاة في المسجد الحرام ب100 الف صلاة فيما سواه لقوله صلي الله عليه وسلم' الصلاة في المسجد الحرام ب100 الف صلاة وفي مسجدي بألف صلاة وفي المسجد الاقصي ب500 الف صلاة وبهذا التحويل نجد أن الامة الاسلامية تحولت تحولا جذريا في اتجاهها مع الله فقد اوضح الحق تبارك وتعالي مكانة المسجد الحرام والكعبة التي يقابلها البيت المعمور في السماء فأقسم في قرآنه بها في قوله تعالي' لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد' وبتحويل القبله اتجه المسلمون في مشارق الارض ومغاربها في صلاتهم للبيت الحرام بمكة لترتبط بها قلوبهم ويأتون للحج إليه بعد ان صارت ملاذا للأمن والطمأنينة لكل المسلمين.