لنكن صرحاء, فقد ماسبيرو بريقه وتألقه, تعب وشاخ, لم يعد قادرا علي صنع البهجة, وقع صريعا في معاركه مع القنوات التي برحته ضربا وبخاصة معركة الإعلانات ثم تركوه لمصيره المحتوم..لم يعد أمام ماسبيرو المريض سوي ثلاثة سيناريوهات.. الأول( إعادة الهيكلة مع حفظ الحقوق) الذي لا نعتقد في دقته طبقا لما توافر لدينا من معلومات واجتهادات وسنطرح بعض التخمينات بشأنه. أغلب الظن أن هيكلة ماسبيرو بدأت فعلا لتستبق تفعيل مواد الدستور التي تقضي بإنشاء مجلس أعلي للإعلام..وهيئة قومية للإذاعة والتليفزيون.. ويعزز هذا الظن موافقة رئيس الوزراء علي إنشاء شركة راديو النيل التي تضم إذاعات إف إم, كما نظن أيضا ان القرارات المقبلة الخاصة بمستقبل ماسبيرو ستكون مفاجئة للجميع مثل تعيين رئيس المجلس الوطني للإعلام الذي يضغط رجال الأعمال بقوة ليكون من رجالهم وهو ما يعني بداهة أن أزمة الإعلام التابع للدولة وكياناته قد تخرج بعيدا عن أيادي الحكومة إذا لم تنتبه لما يحيكه ملاك الفضائيات الخاصة. فضلا عن تعقد ملف المؤسسات الصحفية القومية وضعف أداء المجلس الأعلي للصحافة وعدم توافق واضح بين الأعضاء..وفي هذا الجو المشحون بالترقب والتكهنات قفز رجال الأعمال الي صدارة المشهد..سواء بعضوية في اللجنة التي شكلها محلب..أو في مؤتمرات لتلميع رجالهم للدفع بهم الي سدة المجلس الأعلي للإعلام لتحقيق أهداف ثلاثة علي وجه السرعة وهي: الحصول علي ترددات إذاعية( إف إم), وقد سبق لهم تقديم عروض معروفة لم يحن بعد وقت مناقشتها..السيطرة علي مدينة الإنتاج الإعلامي وشركة صوت القاهرة ذات الموقع الخطير..تسمية التابعين لهم في الكيانات الإعلامية.. تلك أمانيهم!..فهل تيسر لهم الحكومة تحقيقها؟.. نخشي ذلك! السيناريو الثاني:يتحدث عن إعادة هيكلة مؤلمة.. لا تطوير.. وهو سيناريو وزارة التخطيط التي تعمل علي إعادة الهيكلة من خلال جراحة صعبة لإعادة الرشاقة الي جسد ماسبيرو المترهل المثقل بقطاعات عدة لن يبقي منها سوي قطاع التليفزيون بقناتيه الأولي والثانية..أرضية وفضائية..وقطاع الإذاعة بإذاعاته الثلاث الأساسية:البرنامج العام وصوت العرب والقرآن الكريم.. ثم قطاع الهندسة الإذاعية..والذي سيطلق عليه قطاع الخدمات الإنتاجية. السيناريو الثالث:خصخصة مقيتة نحذر منها فليس وقتها الآن في ظروف سياسية دقيقة تمر بها البلاد..إنه سيناريو مقلق ولعل مصدر القلق نابع مما صرح به وزير التخطيط بإمكانية دخول رجال الأعمال علي الخط وبنك الاستثمار القومي الدائن الأكبر لماسبيرو..وقالت مصادر داخل وزارة التخطيط: إن البنك شريك أساسي في إعادة هيكلة اتحاد الإذاعة والتليفزيون لما يمتلكه من أسهم داخل مدينة الإنتاج الإعلامي. ولعل ما يجعلنا نقلق من السيناريو الثالث هذا أن عددا من الاجتماعات قد تمت مع ملاك الفضائيات الخاصة( وهو أمر غريب جدا).. فتحت ستار اجتماعات تشكيل المجلس الوطني للإعلام جري الحديث مع هؤلاء التماسيح حول هيكلة ماسبيرو دون الرجوع للعاملين فيه من الأساس وهو ما شهد ضغوطا من ملاك الفضائيات لإقامة هيكلة علي مقاسهم بحجة ترشيد الإنفاق وإن كان الهدف الأكبر يمضي نحو أمرين..الأول:منح الفرصة لهم للاستثمار في مال الدولة سواء من خلال عملية تفكيك ممنهجة لمدينة الإنتاج الإعلامي..ومن بعدها صوت القاهرة.. أو من خلال عمليات دمج وطرح للبيع بعد التعويم. الثاني:الاستحواذ علي موجات إف إم وتسكين رجالهم في الوظائف الأساسية الحاكمة لملف الإعلام المصري. قد تكون السيناريوهات التي نطرحها مثار نقد..أو تعليق..أو قلق لدي أبناء ماسبيرو..ولكن يبقي شيء واحد لا خلاف عليه..هو أن الحكومة قد ضاقت ذرعا بمؤسسة عريقة..عتيقة.. شاخت وترهلت.. وتكلفنا أموالا طائلة دون مردود ملموس.. ومن ثم وجبت الجراحة لاستعادة ماسبيرو نضارته.. ويصبح قادرا علي إمتاعنا وإثارة دهشتنا. أستاذ الإذاعة والتليفزيون بجامعة المنيا رئيس جمعية حماية المشاهدين