أنا امرأة عشت عمري كله علي فكرة أن الحب الحقيقي مازال موجودا في الحياة ومجسدا في الرجل الذي أحببته عمرا طويلا عشناه سويا لم أجد منه غير مشاعر متدفقة ترفعني حتي عنان السماء, وكنت أظنني الوحيدة في هذا العالم التي تعيش بكل هذا الحب وكنت أخشي علي حبي هذا من عيني قبل أعين الناس. أظلل حياتي معه بالحب والحنان حتي إنني أخاف عليه أكثر ما أخاف علي نفسي, ولم يدر بخلدي يوما أن تطعنني الدنيا في قلبي, ويغدر بي حبيبي بحبه لامرأة أخري, وقد مضي علي حياتنا أكثر من عشرين عاما. انفجر بداخلي بركان يكاد يحرقني ليس غيرة من امرأة أخري, ولكن لأنه أحب غيري وهل يسع القلب حبين في وقت واحد؟ اكتشفت حبه وتيقن عقلي ولكن قلبي لم يصدق.. واجهته ولم ينكر وبلسان بارد قال إنه يحبها ويحبني أيضا.. يريدني ويريدها.. ولا يطيق فراقي أو فراقها. أكاد أجن لم يعد وعيي يطيق ما أعيش فيه وتمنيت لو أني أعيش كابوسا إما أستيقظ منه أو يأخذني إلي العالم الآخر كي لا أواجه في دنياي خيبة أملي في رجل أحبه ولا أستطيع أن أكرهه حتي لو أحب امرأة غيري. أجل مازلت أحبه ولا أطيق فراقه, ولكن روحي تتعذب لحبه غيري. قلت له أتركني وعذاباتي وافعل ما تريد, ولكن لا تجعلني أراك ليل نهار وأتعذب بك.. غادرني حتي تغادرني الدنيا وأستريح من نهاية لم أدرك أني أتجرع مراراتها يوما, وكأنها سم زعاف قتل الروح مني وبقي القلب يرقص مذبوحا بين الحياة والموت. طلبت الانفصال عنه وتدثرت بحب أولادنا وتيقنت في نفسي أن الله جعلني أعيش بعد هذه الصدمة من أجلهم خادمة لهم, وفي الحقيقة أراني عاشقة في معبد الحب أري فيهم الرجل الذي أحببته وغادرني.. أنا محبوبته الوحيدة في هذه الدنيا. أليس من حقي أن أغادر حياته كما غادرني هو؟ يقول لي إن الشرع أباح له الزواج وأنا لا أنكر هذا, ولكن كما أن له حقا يريده أنا أيضا لي حق أريده وهو أن يطلق روحي من عبوديته حتي لا أموت كمدا. و ل القاهرة لك الله يا سيدتي فأنت في شقاء حقيقي إن من يتعذب بالحب ليس كمن يتعذب بأي شيء مهما كانت قسوته, ولكن لو تركنا أنفسنا لهذه العذابات لقضت علينا, ولكن مع شيء من عقل قد تعتدل بعض الأمور, ونستطيع أن نخلق بأيدينا أسبابا مختلفة من السعادة, ولعل النظرية الفلسفية التي طرحها الدكتور مصطفي محمود في أحد كتبه الفكرية بصيص من نور تستضيئين بها في ظلمة اليأس الذي تملك من قلبك حيث قال إن السعادة ليست في الجمال ولا في الغني ولا في الحب ولا في القوة ولا في الصحة.. السعادة في استخدامنا العاقل لكل هذه الأشياء. ولتنظري سيدتي في حكمة الخالق عز وجل من فكرة الزواج سواء كان قائما علي حب أو غير ذلك عندما قال في محكم آياته ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون( الروم:21). وهنا دستور الحياة بين المسلمين في حياتهم الزوجية من خلال عنصرين مهمين يضمنان السعادة الأسرية. الأول يكمن في فكرة السكن وهو العشرة الطيبة, والأمر الثاني يكمن في المودة, وهي الحب بكل مشاعره الجياشة, وأنت عشت حياتك تنعمين في هذين الأمرين سنوات طويلة فلا تنسيها له, وترفقي به لعله يعيش محنة كبيرة في صراعه مع نفسه بينك وبين من أخذت عليه نفسه وأحبها. وأنا معك أنه من حقك الابتعاد لأنك لا تطيقين حبا آخر إلي جوار حبك, ولكن ألا ترين تسرعا بعض الشيء في اتخاذ القرار لما لا تعطيان نفسيكما فرصة تعيدان فيها ترتيب أوراق حياتكما لعل واحدا منكما يجد الخلل الذي أودي بحبكما إلي طريق مسدود. وفي النهاية لا تنسي أن الله تعالي أحل للرجل الزواج, ولم يجعل في ذلك خطيئة مثل من يتحالف مع الشيطان, ويعيش علاقات عشوائية فهذه هي الخيانة بعينها. يقول الله تعالي وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامي فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثني وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدني ألا تعولوا( سورة النساء الآية3). وأجمع المسلمون علي جواز تعدد الزوجات, ولكن التعدد مشروط بشرطين الشرط الأول: العدل وهو مأخوذ من قوله تعالي فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة. والشرط الثاني: هو المقدرة علي الإنفاق علي الزوجتين أو أكثر, ويدل علي ذلك قوله تعالي وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتي يغنيهم الله من فضله( سورة النور الآية33).