ربما تسخر منى لأنى أعيش مشاعر يراها الناس فى أيامنا هذه مجرد أوهام مؤمنين بأن الواقع يفرض أنماطا اجتماعية تستند للمنطق والمصلحة وهنا تكمن أزمتي الحقيقية. وما دفعنى للكتابة هو أنى أعيش صراعا مع نفسى يكاد يفتك بى وإحساسا قاتلا باليأس يتملكنى يدفعنى للخلاص من حياتى لعل من حولى يستريحون من مشقة الصراع والمغالبة. ربما تسخر منى لأنى أعيش مشاعر يراها الناس فى أيامنا هذه مجرد أوهام مؤمنين بأن الواقع يفرض أنماطا اجتماعية تستند للمنطق والمصلحة وهنا تكمن أزمتي الحقيقية. وما دفعنى للكتابة هو أنى أعيش صراعا مع نفسى يكاد يفتك بى وإحساسا قاتلا باليأس يتملكنى يدفعنى للخلاص من حياتى لعل من حولى يستريحون من مشقة الصراع والمغالبة لإقناعى بالزواج من رجل لا أحبه وترك الانسان الوحيد الذى استطاع أن يطرق قلبى حتى أننى عندما عرفته كنت بعد صبية وكبرت وكبر معى حبه. من خلاله عرفت الدنيا وتفتحت عيناى على أحلام الرومانسية فأنا لم أعرف رجلا غيره فكيف لى بعد أن مضى على حبنا قرابة الست سنوات أن أخنق مشاعرى بيدى لمجرد أن أسرتينا تريان إننا لسنا مناسبين لبعضنا البعض فأمه تكرهنى ربما لأنى أقف عقبة فى طريق رغبتها فى تزويج ابنها من فتاة قريبة لها اختارتها له وترى أنها الإنسانة الوحيدة التى تصلح شريكة لابنها ويمكنها أن تسعده. وأسرتى ترى فى حبيبى أنه شاب مستهتر غير جاهز للزواج فهو لا يعمل وعاجز عن أن يفتح بيتا أو أن يتحمل مسئولية زوجة وأولاد. وأنا بين رفض الأسرتين أعيش سيناريو طويلا من الصراع مع نفسى التى تحب إلى حد الجنون ومع حبيبى كى أدفعه لاتخاذ أى خطوة إيجابية مع أهلى قبل أن أضيع منه إلى الأبد. ولأن حبيبى كان يحبنى بنفس الدرجة التى كنت عليها قرر أن يسافر لإحدى دول الخليج ويعمل هناك كى يتمكن من تدبير شقة ويفرشها لكى نتزوج فيها. هكذا قال لى وهكذا أكد على وأنا أودعه قبل أن يركب الطائرة وغادر البلاد وغادرنى ولم يعد بيننا الا المكالمات الهاتفية. ثلاث سنوات مضت على سفره كأنها الدهر كبرت فيها إلى حد العجز وهرم قلبى إلى حد اليأس الذى يحيطنى بسياج من حديد يضيق على شيئا فشيئا حتى يوشك أن يخنقنى. منذ أن سافر وأنا أتحايل على أمرى وابتدع الحجج والأسباب حتى لا أتزوج من أى عريس يتقدم لخطبتى ومرة يقتنع والدى وأخرى يرضخ لإرادتى فرغم قسوته حتى على نفسه فى كل أمور حياته إلا أنه يضعنى فى منزلة خاصة ويسبغ على من عطفه وحنانه منذ طفولتى ما قد يصل إلى حد التدليل المرضى. ولكن فى النهاية لم يعد لدى من الحيل والأسباب ما أستطيع معه رفض أى عريس آخر وإلا فقد يشك فى أهلى ويظنون بى الظنون وقد يهيىء لهم الشيطان خيالات مرعبة وأنا يعلم الله أحافظ على نفسى وكرامتى حتى لو كلفنى ذلك حياتى نفسها ولكنه قلبى الذى أحب قبل أن يدرك حتى معنى الحب وكما قلت لك إنى تعلمت الحب مع حبيبى الغائب هذا فبات من المستحيل أن أشعر برجل غيره أو أتخيل نفسى ملكا لغيره. وما بين عذاب الفراق وصراع دائم لا ينتهى للخلاص من محاولات تزويجى التى لا تنتهى أجدنى وقد خارت قواى وعجزت عن المواجهة. هل استسلم. أم أواجه والدى بعذابات قلبى ورغبتى فى انتظار حبيبى؟. م - ن - الجيزة الحب إحساس راق يغلف كل شيء فى حياتنا وهو من أعظم الأحاسيس والمشاعر الإنسانية التى ترقى لأن تكون من المراتب المتقدمة للإيمان بالله عز وجل وهى حب الله والحب فى الله. وبالتأكيد العواطف الجياشة فى قلوب المحبين هى وقود السعادة الانسانية ولكن الحب المجرد وحده لا يكفى فكيف يرقى الانسان مثلا إلى أعلى مراتب الإيمان بحب الله وهو لا يعمل لترسيخ هذا الحب بطاعة من يحب واتيان فروضه وتجنب محرماته؟ وكيف يشعر الانسان بالسعادة ويستسيغها وهو لا يعمل عقله فى تدبير الآليات التى يستطيع بها إسعاد حبيبته. هل يمكن أن يسعدها وهو غير قادر مثلا على تحمل مسئوليتها وتلبية طلباتها الحياتية العادية. هل يمكن أن يشعرها بحبه وقد أفقدها احترامها له وتقديرها لرجولته؟. أما أنت يا فتاتى فمازلت بعد صغيرة لكل أحاسيس اليأس التى تشعرين وتتعذبين بها ودائما ما تأتى الأحاسيس والمشاعر الأولى فى حياة الانسان مع مقتبل العمر باهتة لا ثقل لها مفعمة بشقاوات المراهقة والإقبال غير المحسوب على الدنيا ولعلك تجدين فى يوم من الأيام الانسان الذى يقدرك حق قدرك ويقدم لك إلى جوار الحب الحقيقى ما يوفر لك الكرامة وكل أسباب السعادة ولو كان حبيبك الذى تركك وسافر يحبك بشكل جاد فعليه أن يبادر بالاتصال بوالدك ويقنعه بجدية موقفه ويثبت له أنه سيأتى لطلب يدك والزواج بدلا من المراوغة وتذكرى قول الله تعالى فى محكم آياته "يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور" صدق الله العظيم غافر: 19.