عندما اقترب من الباب الرئيسي لمحكمة الأسرة انتابه شيء من التردد وفكر أن يستدير ويعود من حيث أتي, ولكنه استدرك أنه يجب أن يقوي من عزيمته ويدخل تلبية للاستدعاء الذي تلقاه من نجوي حسين مديرة مكتب تسوية المنازعات بمحكمة الأسرة, وقال في نفسه لعله يجد عندها قبسا من نور يقشع الظلام الذي يعيش فيه منذ أن تعرف علي زوجته حتي الآن. استقبلته مديرة المكتب وهدأت من روعه وعندما استكانت نفسه بدأ م.ن يحكي حكايته وكيف كان قبل أن يتزوج حالما يرسم صورة رومانسية للفتاة التي يريدها أن تشاركه حياته حتي تعرف علي ل.س في إحدي التجمعات العائلية ولفتت نظره من الوهلة الأولي التي رآها فيها أخذته بجمالها وحضورها الطاغي بين الحاضرين. لم يكن صعبا عليه أن يعرف من هي حيث تكفلت إحدي قريباته بالمهمة بأن عرفته عليها وأستطاع أن يقترب منها شيئا فشيئا بعد أن ترسب في يقينه أنها الفتاة التي طالما حلم بها ورسم صورتها في خياله. ومنذ تلك اللحظة تعددت اللقاءات بينهما وكل يوم يمر عليه يزداد إيمانه بحبها حتي جاء يوم عقد العزم فيه وذهب لوالدها وطلبها للزواج ولم يمضي وقت طويل حتي جمعهما عش الزوجية. مرت الليلة الأولي خاطفة وأغرقته أوهامه في بحر العسل الذي كان يحلم به وشرب من كأس الحب حتي الثمالة. ولم تطل سكرته حيث بدت محبوبته بوجه آخر غير الذي أحبها عليه لم يكن يطيق عصبيتها وسطوتها ورغبتها في فرض شخصيتها في كل شيء وكان صابرا لعلها تتعقل يوما وتعود لسابق عهدها من الهدوء والرومانسية ومرت بهما الأيام ثقيلة باردة وهي كما هي علي حالها لم تتغير حتي هو كبرت بداخله السلبية واستكان لسطوتها التي كانت تحركه كيفما تشاء. فقد احساسه بشخصيته ورجولته معها كما فقد رومانسيته ويقينه بالحب والسعادة وعاش تحت نارها رجلا خاويا تمر به الأيام متشابهة وكأن عمره توقف عند سلبيته ولم يغادرها, فقد ثقته بكل شيء الحب والسعادة وبات لايرغب في شيء ولم يدم جموده طويلا فقد كانت بداخله بعض أحاسيس تشتعل من حين لآخر وصوت في صدره يشعل نيرانا خافتة للثورة علي خنوع شخصيته وتدفعه لأن يواجهها يوما في أول أمره كان الخوف مازال يسكن قلبه ولكن دفعته لحظة للانفجار عندما احتد حوار بينهما وتعالي صوتها عليه كعادتها ورأي نفسه كيف تصغر وتتضاءل أمام أولاده الذين كانوا يرون في أمهم الأمر الناهي في البيت سنوات طوال عاشها الرجل خانعا سلبيا لايقوي علي شيء ولكنه قرر أن يفيق من غفلته ويواجهها هذه المرة وليحدث مايحدث. وعندما تجمعت أوراق قضية الطلاق في مكتب تسوية المنازعات تم استدعاء الزوج والزوجة في محاولة للتوفيق بينهما خاصة أن بينهما أطفالا وكان الأمر غاية في الصعوبة ووصل العناد بين الزوجين إلي حد المستحيل وتمت إحالة أوراق القضية لهيئة المحكمة التي قضت بانفصالهما.