خلي البلد تخف شوية زادت تلك الحروف العفنة علي ألسنة من مات بداخلهم القلب والضمير, وربما ساعد في انتشار هذه النوعية من اللامبالاة واللاإنسانية تمادي الفساد وانتشاره كالسرطان في كل مكان, ورفعه لشعار: من أمن العقاب قطع الرقاب..جنازة جماعية لضحايا عقار الشرقية, و9 جثث في مشرحة زينهم من ضحايا عقار المطرية, و5 آلاف جنيه لكل أسرة مضارة بعقارات إمبابة المنهارة, أخبار تطالعنا بها الصحف منذ عشرات السنين دون اختلاف سوي في عدد الموتي والمصابين, فالعقارات تتساقط فوق رءوس المواطنين ليل نهار ولا حياة لمن تنادي. تصريحات المسئولين تتكرر في سيناريو واحد أيضا, تشكيل لجان لفحص العقارات المجاورة, وأن العقار المنهار مقام دون ترخيص, حتي التعويضات لا تزال كما هي, فقيمة المواطن الذي يلقي حتفه تحت الأنقاض لا تتجاوز الخمسة آلاف جنيه. حادث انهيار عقار الشرقية لن يكون الأخير, بل ستظل العقارات تنهار فوق رءوسنا, ومع كل حجر يسقط تدفن تحته ضمائر شتي, وجثث بلا حصر, ومادام الجميع, مسئولو الحي وموظفو الإشغالات والإدارة الهندسية, لهم نصيب معلوم, فقل علي الدنيا السلام, وستصل أعداد العقارات المخالفة إلي مئات الآلاف, بعد أن اقتصر دور المحليات علي اتخاذ الإجراءات الروتينية من تحرير المحاضر إلي صدور قرارات الإزالة التي تحصنهم فقط ضد المساءلة القانونية. وهناك سؤال بريء أطرحه علي الدكتور أحمد زكي بدر وزير التنمية المحلية: هل الوزارة لديها حصر حقيقي وشامل للعقارات المخالفة في مصر, أو حتي في الإسكندرية وحدها؟ وإذا كانت الدولة جادة في مواجهة هذه الظاهرة التي يصل ضحاياها إلي المئات سنويا, فلتبادر, وعلي الفور, بعمل حصر شامل وفوري لهذه العقارات المخالفة علي الطبيعة, وأن يقوم وزير التنمية المحلية بتكليف المحافظين, كل في محافظته, بتشكيل لجنة هندسية علي أعلي مستوي تضم أساتذة متخصصين من كليات الهندسة المنتشرة بكل جامعات مصر, بعيدا عن أوكار الفساد التي تعشش في الأحياء, لحصر العقارات المخالفة والآيلة للسقوط والصادر لها قرارات إزالة, وتقسيمها إلي ثلاث فئات; الأولي: العقارات المخالفة ذات الخطورة الداهمة وتتم إزالتها فورا, والثانية: العقارات المخالفة لخطوط التنظيم والمقامة بشكل عشوائي, وتتم إزالتها في وقت لاحق, والثالثة: العقارات المقامة دون ترخيص لكنها صالحة إنشائيا, فيتم التصالح بشأنها مع المخالفين بشروط في غاية القسوة والشدة, وبمعني آخر يخرج المخالف حافي القدمين نتيجة ضربه بالقوانين عرض الحائط, ويتم التصالح مقابل دفع المخالف أكثر من80% من قيمة العقار الذي سيجري التصالح بشأنه للدولة, حتي لا نفتح بابا خلفيا لمزيد من المخالفات والخروج علي القانون. وفي هذه الحالة ستدخل خزينة الدولة مئات المليارات من الجنيهات نتيجة للتصالح, وستكون الدولة قادرة ماليا, علي إخلاء العقارات الآيلة للسقوط وإزالتها وبناء مساكن بديلة آدمية لسكانها. وعلي غرار فيلم: يا عزيزي كلنا لصوص تجد وزارات الدولة مجتمعة علي دعم المخالف وترسيخ الفساد, لذلك فإن ما يدعو للسخرية أن تجد الكهرباء بالممارسة تشع ضوءا من تلك البنايات المخالفة دون الحصول علي موافقة الحي المختص, مما أدي إلي تفاقم المشكلة, ووجود أبواب خلفية لخفافيش الظلام. وإذا استمر تعامل الحكومة مع مشكلة انهيار العقارات, كما هو متبع منذ20 عاما دون شعور بالذنب أو بالمسئولية تجاه من يدفنون أحياء تحت أنقاض الفساد, وإذا لم تذهب إلي الجحيم التصريحات التيك أواي من عينة أن العقار المنهار صدر له قرار إزالة رقم كذا, بتاريخ كذا, ولم ينفذ وأنذرنا السكان ولكنهم رفضوا إخلاءه, وأصروا علي الموت تحت أنقاضه, دون أن يكلفوا أنفسهم عناء إزالة العقار وتوفير بديل آدمي مناسب لسكانه, ففي هذه الحالة ربما تكون لدي الحكومة خطة أخري للتخلص من الزيادة السكانية, شعارها الموت تحت الأنقاض. [email protected]