في الابداع متسع للجميع هو العنوان الذي يحمله مؤتمر قصيدة النثر المصرية والذي يقام خلال ثلاثة أيام تبدأ يوم الاحد المقبل في أتيليه القاهرة, ويتضح من العنوان المعني الذي يبحث عنه شعراء تلك القصيدة وهو اتاحة الفرصة والمساحة لهم ولإبداعهم لكي يقدموا للثقافة المصرية ما لديهم, ووفقا لهم ظلت قصيدة النثر محاصرة لسنوات وحتي الآن لا يوجد اعتراف كاف من المؤسسة الثقافية الرسمية لهم حتي لا توجد جوائز تقدم لهذا الفرع من الشعر, مؤكدين ان السبب هو سيطرة اصحاب المدارس الشعرية القديمة علي اللجان الثقافية والجوائز وعدم اعترافهم بأي مدرسة حديثة أو التطور, لذلك حاولت قصيدة النثر علي مر السنوات السابقة أن تفرض نفسها علي الساحة وتجد لها متنفسا من خلال العمل الأهلي. بينما يري بعض النقاد أن الشكوي من التهميش وعدم اتاحة الفرصة غير حقيقية لكنها شكوي متوارثة من جيل لجيل فكل مدرسة شعرية جديدة تتهم سابقتها بهذا التهميش وعدم الاعتراف, لذلك حاولنا أن نقترب من أزمة تلك القصيدة من خلال عدد من الشعراء المشاركين في المؤتمر. قال الشاعر فتحي عبد السميع إن هناك بعض المؤسسات الرسمية تأخذ موقفا صارما من قصيدة النثر منها المجلس الاعلي للثقافة فلم يسبق لاي شاعر من قصيدة النثر انه حصل علي جائزة الدولة التشجيعية إلا الراحل حلمي سالم وحصل عليها لاسباب اخري. كما نجد ان بعض الجامعات قصيدة النثر بها منبوذة ومن يراجع احصائيات الرسائل الجامعية لن يجد نصيبا يذكر لقصيدة النثر, وايضا المؤسسات الاعلامية تقريبا منطقة محرمة علي قصيدة النثر, ومن يجعلها حاضرة فقط نشاط مبدعيها, واهمية المؤتمر الذي سوف يعقد الأحد المقبل ترجع إلي ما يقدمه من مناقشات حول تلك القصيدة بشكل خاصة لكن بشكل عام نحتاج كل يوم مؤتمرا عن الشعر, وبالنسبة للمؤتمر تعنيني قيمة المشاركات لو في شعراء جيدون من مصر يكفي لو هناك شعراء من خارج مصر سوف تكون اضافة ممتازة. وأوضحت الشاعرة والمترجمة فاطمة ناعوت أن الشعر بوجه عام فقد جمهوره في مصر والوطن العربي لان القاريء نفسه اصبح غير مهتم لان قارئ الادب قارئ نوعي, وبالتالي قصيدة النثر تعاني الامرين الأول عدم وجود قارئ, ثانيا تعاني وجود جيل الخمسينيات الذي مازال يحارب هذا النوع من الشعر رغم أنه استقر في الدول الغربية منذ خمسين عام وارهاصاته موجودة في مصر منذ سنوات كثيرة, لكن المدارس التقليدية في الشعر تجد صعوبة في الترحيب بتلك المدارس الجديدة وهذا يحدث في كل الفنون مثل الفن التشكيلي, والعمارة والمسرح والي آخره فكل مدرسة تعارض التي تليها, والجيل المتربع علي لجان الجوائز وغيرها من اللجان يمكن ان يكون بينهم من يشجع المدارس الحديثة, فالمسألة ليس لها علاقة بالاجيال فيمكن ان يكون شابا لكن لا يعترف الا بما هو تقليدي فهي مسألة عقلية تعتمد علي من يقبل بالتطور عن غيره. وأضاف الشاعر عاطف عبد العزيز أن قصيدة النثر كانت محرمة قطعا لكن منذ سنوات أصبحت تشكل متن الكتابة الشعرية والجانب الاكبر من المطبوعات المنشورة, فاعترف بها علي اعتبار انها امر واقع, لكنها مازالت محاصرة بشكل اخر داخل الجامعات أو بشكل أكاديمي. فلا يوجد مناقشات حقيقية تتناولها ولا توجد فعاليات ثقافية جادة ومعظم التناولات سطحية, والمشكلة في اي شكل أدبي جديد هو انه يبدأ طليعي وتجريبي ثم تبدأ تخرج جيوش من المقلدين وهذا تحد كبير يواجهها, لذلك تحتاج قصيدة النثر للعمل عليها بالنقد والتأصيل لان اي ظاهرة جديدة تكون مبهرة في البداية لكن عندما تتقدم لابد من تطوير نفسها. وقال عبد العزيز إن الحصار خف قليلا بحكم أن الاجيال المتشدد ضدها منهم من رحل ومنهم من أصبح أكبر سنا, لكن هذا لا يمنع أن قصيدة النثر تحتاج جائزة خاصة وهم يؤثروا علي القصيدة في هذا الجزء تحديدا لكن في النشر لا يستطيعون أن يؤثروا عليها لذلك الحل المؤقت استحداث جائزة لهذا الفرع. واشارت الشاعرة سارة عابدين إلي أن هناك جوائز مؤخرا بأحد الإصدارات الأدبية وفاز فيها ثلاثة شعراء من قصيدة النثر وكانت أول مرة يحدث هذا, لذلك أري أن قصيدة النثر بدأت تفرض نفسها لكن مازالت مؤسسات الدولة الثقافية واقفة عند الشعر القديم لكن هي بتفرض نفسها ولا تنتظر اعترافا من تلك المؤسسات, وأما المؤتمر الذي سوف يعقد الأسبوع المقبل اهميته ترجع في انه يجمع مجموعة كبيرة من شعراء تلك القصيدة في مكان واحد يتناقشون حولها ويتناولون التطور الذي وصلت إليه. واوضحت أن المؤتمر مقام علي جهد فردي من الشاعر عادل جلال وهو من يقوم بجمع النصوص والكتاب كما يقوم بطباعة مطبوعاته, لذلك لا نستطيع ان نطلب مشاركات من الخارج لكن لو حدث هذا سيكون جيدا جدا لأن هناك كتابا مهمين لقصيدة النثر في الوطن العربي ونحتاج أن يكون هناك تبادل في حضور المؤتمرات هنا وفي الخارج بيننا وبينهم لكن هذا يحتاج إلي مجهود اكبر. أما من جانب آخر رأي الناقد د.شوكت المصري الذي يشارك أيضا في المؤتمر أن شكوي الشعراء الدائم من أن هناك عدم اعتراف بقصيدتهم يبدو موروثا من شعراء الخمسينيات والستينيات, فكان يشكو الشعراء صلاح عبد الصبور وحجازي من تعنت العقاد واستمر هذا علي مر الاجيال, لكن هذا غير صحيح فإذا نظرنا إلي نسبة المطبوع من القصيدة العمودية القديمة فسنجد نسبة الشعر التقليدي لا تتجاوز2% من الاصدارات مقابل قصيدة النثر, وايضا الشعر الحر بالنسبة لا تتجاوز40%, كما انهم ممثلون داخل المؤسسات حتي ولو بشكل ليس كبير فكان الشعراء محمود قرني وعاطف عبد العزيز اعضاء في بيت الشعر, كما لهم مساحات كبيرة في النشر في الصحف والمطبوعات الثقافية الرسمية بخلاف غير الرسمية ومنهم من يعمل بها لذلك أري أن هذا الزعم غير صحيح. وأضاف أما في الجامعة فيوجد اثنان سجلا رسائل عن قصيدة النثر, وهذا خلاف الماضي. وانا عندما كنت اسجل منذ19 عاما كان هناك رفض لقصيدة التفعيلة نفسها, كما أتعجب من مسألة تقسيم الشعر علي مستوي الكتابة فالتقسيم هو تقسيم دراسي فقط تختلف في تقنيات الكتابة لكن الكل شعراء, فعندما نذكر أحدهم نقول شاعر فقط ولا نقول شاعر نثر أو شاعر تفعيلة, وعلي الشاعر الانشغال بنصه وعدم انشغاله بنقده. والمؤتمر الذي يقام بأتيليه القاهرة في دورته الثانيه, سبقه الملتقي العام لقصيدة النثر, والملتقي العربي والذي كان موقفا في الاساس من الشعراء من تهميش الشاعر عبد المعطي حجازي لهم في ملتقي الشعر الدولي, لكن أصبح النشاط في المؤسسة الرسمية ليس مثل السابق بسبب جهود المجتمع المدني في العمل الثقافي. فأصبح العمل الأهلي يقف بموازاة العمل الحكومي وهذا المؤتمر دليل علي ذلك, والعمل الأهلي نجده في كل النواحي الإبداعية من خلال المسرح وفرق الموسيقي ودور النشر الخاصة, لكن السؤال الحقيقي هل يصل كل هذا الي الناس أم لا وانا أري أن هناك محاولات كثيرة تستطيع أن تصل بما تقدمه للجمهور.