اتدعونا عقيدتنا الصحيحة وتراثنا الثقافي الإسلامي الأصيل إلي الوحدة والانتماء حتي نقف علي أرض صلبة ونعيد مجد أمتنا الحبيبة, فالانتماء للإسلام وللوطن وللأسرة طريق الترابط وعنوان الأخلاق الكريمة, فإذا انتمي الفرد لأسرته وأهله بات بالضرورة منتميا لوطنه الذي هو نابع من انتمائه لعقيدته, والآيات القرآنية والأحاديث الشريفة تحثنا علي الانتماء لبلدنا وإعماره والتضحية بأنفسنا من أجله. في البداية يقول الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر إن الإسلام لا يمنع انتساب الناس إلي أقوامهم علي سبيل المثال ماريا القبطية وسليمان الفارسي وبلال الحبشي وصهيب الرومي, بالإضافة إلي نعت المهاجرين الآتين من مكةالمكرمة فقال عز وجل) والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم) التوبة:100, كما أن النبي( صلي الله عليه وسلم) ضرب المثل في حب الوطن والاعتزاز به في فتح مكة فقال اذهبوا فأنتم الطلقة وفي أثناء الحروب مع أهل قريش وحلفائهم في المدينة أرسل أبو سفيان إلي الرسول قائلا إن بني قومك يأكلون الجير وأوراق الشجر ورغم خلاف الرسول معهم فإنه أرسل اليه12 ألف درهم ليشتري الأقوات التموينية والضرورية لكفار مكة, وفي معركة بدر أسر المسلمون سبعين رجلا من الكفار أعفاههم الرسول من القتل وأخذ ممن يستطيع منهم فدية لعل الله يهديهم للإسلام. وأضاف كريمة أنه من وصايا الرسول( صلي الله عليه وسلم) بمصر وأهلها علي اختلاف مللهم قال للصحابة ستفتح مصر لكم من بعدي, فاستوصوا بها خيرا, وذات مرة وهو مع السيدة عائشة صلي الله عليه وسلم في المدينة أتي رجل من مكة وذكر لهم بعض الحوادث هناك فقال الرسول متأثرا لا تهيج بنا الذكريات, مشيرا إلي أن كل ذلك يعني أن الإسلام لا يمنع من انتساب الناس إلي أقوامهم كالعرب والفرس وغيرهما ويأصل المواطنة الإقليمية وليس كما يدعي المتشددون بأن الانتماء للدين وليس للوطن, لذا أسس الرسول( صلي الله عليه وسلم) دستور المدينة في حقوق المواطنة لتنظيم العلاقة بين المسلمين واليهود والنصاري والوثنيين. ويقول الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي بالأزهر سابقا إن الإسلام هو دين المحبة وبين أن المؤمنين أخوة فقال إنما المؤمنون أخوة, وقد بين أن الأفضلية بالتقي حينما قال تعالي إن أكرمكم عند الله أتقاكم وقال في حديثه القدسي:( إذا جمع الأولين والآخرين نادي: يا أيها الناس إني وضعت نسبا, ووضعتم أنسابا, فرفعتم أنسابكم ووضعتم نسبي, فاليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم), فالإسلام يحث علي الانتماء الوطني وبين أن صلة الأرحام من الإيمان لأنها تدوم المودة والمحبة بين أفراد المجتمع, فيقول الحكيم العربي أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم. وأشار الأطرش إلي أن الانتماء الوطني ينبغي أن نربي أطفالنا عليه منذ نعومة أظافرهم لكي تصبح تربية سليمة ونغرس في نفوسهم حب الوطن ونعودهم علي الارتباط ببلدهم الذي تربوا فيه ونشأوا علي أرضه. ويقول الشيخ محمد زكي رئيس لجنة الفتوي بالأزهر سابقا للانتماء للإسلام دور في تعزيز الانتماء للأوطان فالانسان مخلوق الله عز وجل, ومستخلف في الأرض, وقد سخر له الله عز وجل ما في السموات والأرض وأصبغ عليه النعم ظاهرها وباطنها لكي يقوم بمهام الاستخلاف عبادة لله الواحد القهار, وإعمارا للكون تطويرا وإبداعا وهو مفهوم قوله تعالي وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون, ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطمعون. أما بالنسبة للانتماء للأوطان فيقول زكي إن الوفاء للوطن الذي عليه ولدنا وعلي أرضه نشأنا ومن خيره وبركاته طعمنا وشربنا وتعلمنا فله علينا حق وواجب لابد أن نوفيه حبا للإيمان الذي يحثنا علي الأخلاص للوطن, وأن أبسط مثال علي ذلك عندما هاجر الرسول صلي الله عليه وسلم من مكة التي تربي ونزل عليه الوحي فيها فوقف علي أطلالها يودعها قائلا والله يا مكة إنك لأحب بلاد الله إلي الله وأحب بلاد الله إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت. كما أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا في المدينةالمنورة بعد الهجرة يحنون إلي مكة شوقاوحبا ويتذكرون أيامهم فيها, وكلما ذكروا مكة أمام النبي يقول لهم صلي الله عليه وسلم: دعوا القلوب تقر أي تسكن, بل كان يقلب وجهه للسماء راجيا من الله عز وجل أن ينزل عليه الوحي لكي يتوجه إلي الكعبة في مكة بصلاته حتي حقق الله أمنيته ورده إلي مكة سالما غانما لقوله تعالي لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون سورة الفتح الآية27, مما يدل علي أن الانسان كلما ابتعد عن بلده اشتد حنينه إليه, فالوفاء للوطن دين في أعناق الناس جميعا يعمره بالعمل الصالح ونفديه بأرواحنا وأبنائنا. وأوضح زكي أن تحقيق أمن واستقرار البلد ومصالحه العليا لكي يكون في منظومة ركب الحضارة الإنسانية واجب إيماني, وليس التخريب والتعطيل والافساد واستغلال الخيرات لنعيش سلبيين عالة علي مواضعنا ولا نقدم خيرا أو نفعا مثل المتطرفين والإرهابيين, فينبغي علينا جميعا العمل بقلب رجل واحد للنهوض بمصر الغالية وتفويت الفرص علي الأعداء المتربصين بها السوء, فقد تجلي الله عز وجل وبارك شعبها وأرضها وقال إن فيها خير أجناد الأرض.