تتميز المنطقة العربية بموقع إستراتيجي هام جدا للعالم أجمع لما تتمتع به من سيطرة علي طرق المواصلات العالمية وخاصة التجارية وعلي منابع ومصادر الطاقة عصب الحياة وكذا أصبحت هي اكبر الاسواق لتصريف منتجاتها الصناعية والزراعية فيها. نتج عن هذه الاهمية الإستراتيجية تشابك وتتداخل بين مصالح الدول العربية وأهدافها لتحقيق أمنها القومي وبين مصالح تلك الدول ومن هنا اذا كان هذا التداخل أوجد تصادما بينها أصبح الناتج تحديات وتهديدات للأمن القومي العربي واذا أوجد توافقا بين هذه المصالح أصبح الناتج مساعدا وفاعلا لتحقيق الامن القومي العربي. لكن في الغالب يحدث التصادم والاختلاف بين المصالح وأكبر دليل علي ذلك هو الرغبة الجامحة في السيطرة علي المنطقة من دول فاعلة ضد دول فاعلة اخري أي سباق المصالح الدولية علي حساب الدول العربية صاحبة الارض والمنطقة وما مشروع الشرق الاوسط الجديد بقيادة الولاياتالمتحدة والصهيونية العالمية إلا نموذج حي علي ذلك. لذا كان علي الدول العربية لتحقيق مصالحها وأهدافها في إطار أمنها القومي أن تضع لنفسها الاستراتيجية التي تحقق تلك المصالح والاهداف وأولي خطوات تلك الاستراتيجية هي دراسة وتحديد التحديات والتهديدات لأمنها القومي سواء كانت داخلية/ محلية أو خارجية إقليمية/ دولية. التحديات الداخلية في معظم الدول العربية إن لم يكن في جميعها تتشابه وتتفاوت لأن معظم النظم السياسية في الدول العربية تتسم بعدد من السمات السلبية التي أصبحت معروفة ومحددة ومشخصة بدقة لدي أعداء الأمة العربية أكثر من أبنائها ومن أهمها:غياب الدور الفاعل للمؤسسات السياسية الفاعلة حيث قضية المركزية الشديدة وضعف وصغر حجم النخب السياسية الحاكمة..عدم وجود أحزاب سياسية ونقابات مهنية وعمالية فاعلة ولها جذور عمقة في المجتمعات في معظم الدول العربية ومؤثرة في الحياة السياسية بالإضافة إلي انتشار عدم الشفافية السياسية..أزمة تفعيل النظام والقانون وانحياز أنظمة الحكم للأعراف والممارسات المتكررة التي تحمل معني التراضي للتخلص من قيود النصوص الدستورية والقانونية..جمود الهياكل السياسية وضعف وسائل المشاركة والرقابة الجماهيرية إلي جانب المشكلات الاقتصادية والاجتماعية..تعرض الدول العربية للضغوط من أجل الإصلاح السياسي..ضعف منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان والتخوف من اتصالها وعلاقاتها بالخارج وخاصة بعد ما حدث منها في ثورات الربيع العربي..انتشار الامية والفقر ومستويات التعليم المتدنية..زيادة الديون الخارجية علي كثير من الدول العربية غير البترولية. وأصبح الأمن القومي العربي محاطا بتحديات و تهديدات خارجية وعلي كافة الأصعدة من أهمها:عودة الغرب إلي السيطرة علي الشؤون العالمية ومحاولة إعادة إنتاج الهيمنة الاستعمارية المعروفة بأهدافها وغاياتها ولكن بوسائل وأساليب معاصرة..سباق التسلح في المنطقة وسياسة تقييد التسليح علي دول المنطقة وفقا لمعايير انتقائية..الوجود العسكري الأمريكي والغربي والصهيوني في منطقة الخليج العربي والقرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر..ظاهرة التطرف والإرهاب التي حصرتها الدول الاستعمارية في العرب والمسلمين دون غيرهم. وفي محاولة لمعالجة هذه القضية تقدمت مصر بورقة عمل حظيت باشادة القمة العربية بالرياض مارس2007, حول آليات تطبيق مفهوم شامل للأمن القومي العربي وتلخصت في:تفعيل مجلس السلم والأمن العربي لدخوله حيز التنفيذ ليتسني تكليفه بإعداد دراسات لتحديد طبيعة الأخطار الأمنية الراهنة والمستقبلية التي تواجه العالم العربي. تكليف الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بإعداد دراسة شاملة عن الاحتياجات الدفاعية والأمنية للدول العربية مجتمعة مع الوضع في الاعتبار احتياجات كل دولة منفردة. إجراء مراجعة شاملة من خلال فرق الخبراء المتخصصين العرب للوضع الحالي والمستقبلي للموقف النووي في المنطقة العربية والجوار الاقليمي لها علي ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية ومواقف الأطراف الدولية المختلفة تمهيدا لإجراء ما يلزم من تطوير في السياسات العربية ومقترح القرارات اللازمة لهذا الوضع. مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا