للعدالة جناحان لا تستقيم بدونهما, وبهما تطير الحقوق لأصحابها, ويستقر المجتمع, وبدونهما معا تصبح العدالة مكسورة الجناح, أول هذين الجناحين يختص بسرعة الفصل في القضايا لأن بطء التقاضي نوع من الظلم تتوه معه الحقوق, وإذا كانت المحاكم تنظر سنويا ما بين32 و33 مليون قضية بحسب مصدر قضائي مسئول بوزارة العدل فإنه من الضروري أن تزيد أعداد القضاة والخبراء مع تعديلات وتعليمات صارمة تغلق كل أبواب التلاعب التي تتيح للخصوم تأجيل القضايا, لاسيما مع دخول العدالة عصر الكمبيوتر والإنترنت. الجناح الثاني يختص بتنفيذ الأحكام لأن عدم تنفيذها يحولها إلي حبر علي ورق يهدر الحقوق والجهد المبذول طوال سنوات, الأمر يمس مباشرة نظام المحضرين الذي يحتاج لمراجعة شاملة, ونظام قضاة التنفيذ, مع الحاجة لبسط سيطرتهم الكاملة علي كل إجراءات التنفيذ.. لكل هذا يصبح جناحا العدالة من أهم الملفات المطروحة. في البداية يقول الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة إن المشروع كفل جميع الوسائل القانونية لتنفيذ الأحكام, موضحا أن الحكم متي صار نهائيا واجب التنفيذ فإنه ليس هناك ما يحول قانونا دون هذا التنفيذ. ويضيف أنه بالنسبة للأحكام الجنائية فالنيابة العامة ملزمة وفقا لنص القانون بتنفيذ الحكم النهائي, أما الأحكام المدنية فإنها تكون من خلال أقلام المحضرين بالأحكام, خاصة أن المشرع أعد نظام قاضي التنفيذ أخيرا لتفعيل تنفيذ الأحكام الصادرة في المسائل المدنية والتجارية والأحوال الشخصية. ويوضح أنه إذا كان هناك تعطيل في تنفيذ الأحكام فهذا يرجع إما إلي وجود خلل لدي الأجهزة القائمة علي التنفيذ أو للتحايل الذي يرتكبه المنفذ ضدهم, أو الخاضعون للتنفيذ, وعلي سبيل المثال فإنه في الأحكام المدنية يلجأ المتقاضون إلي إعاقة التنفيذ من خلال عمل إشكالات في التنفيذ بصفة متكررة, وأحيانا يقيمون هذه الإشكالات أمام محاكم غير مختصة. لكن في المسائل الجنائية يلجأ الخاضعون للتنفيذ أو المحكوم عليهم إلي وسائل كثيرة, منها محاولة تغيير محال إقامتهم حتي لا يتسني الوصول إليهم, موضحا أن الخلل في أجهزة التنفيذ نفسها يتمثل في الفساد الموجود لدي بعض القائمين علي التنفيذ, الأمر الذي يجعلهم يماطلون في تنفيذ هذه الأحكام بوسائل شتي, وتصبح الحلول بالتالي غير متعلقة بوضع قواعد قانونية, فهي موجودة وإنما تكون بإصلاح البشر. ظاهرة خطيرة الدكتور إبراهيم عيد نايل أستاذ القانون الجنائي بجامعة عين شمس أكد أن عدم تنفيذ الأحكام ظاهرة خطيرة لأن جميع الأحكام أيا كانت طبيعتها ولم ينفذ الحكم فيها تكون غير ذات قيمة, ويرجع ذلك إلي دفع مقابل مادي أو معنوي للجهات القائمة علي التنفيذ, موضحا أن الخطورة تزداد, خاصة إذا كان من امتنع عن التنفيذ أحد المسئولين في موقعه كأن يكون وزيرا أو رئيس مصلحة. ويقول عيد: إن تنفيذ الأحكام دليل علي تقدم وحضارة الدولة, ويكفي أنه في أثناء الحرب العالمية الثانية وانتصار دول المحور بقيادة ألمانيا في بداية الحرب, وهزيمة فرنسا وانجلترا افتتح في بريطانيا مطار حربي للعمليات العسكرية بجوار إحدي المحاكم فكانت الطائرات تسبب أو تحدث أصواتا مزعجة للقاضي الذي يعمل بهذه المحكمة, فأصدر قرارا بغلق المطار, ووصل الأمر إلي رئيس الوزراء العام تشرشل الذي أمر بإغلاق المطار برغم أنها حرب عالمية, وقال: أكرم لبريطانيا أن تهزم في حرب عالمية من أن يسجل التاريخ أنها امتنعت عن تنفيذ حكم قضائي, ومن هنا كان النصر لبريطانيا وحلفائها. ويضيف أن عدم تنفيذ الأحكام يرجع إلي انتشار الفساد في المجتمع, وعدم وجود القدوة الحسنة في السلم الإداري. ويؤكد الدكتور شوقي السيد أستاذ القانون وعضو مجلس الشوري أن الامتناع آفة كبري ولها آثار سلبية في شتي الجوانب, موضحا أن الأحكام القضائية معروف أنها عنوان للحقيقة, بل هي الحقيقة نفسها, وأن المتخاصمين يصلون إلي الأحكام واجبة التنفيذ بعد عناء, فمن حقهم أن تحترم أو تنفذ لأنها تكشف عن الحقوق والالتزامات التي يتعين احترامها, فإذا واجهوا مشكلات في التنفيذ تصل إلي درجة الامتناع عن التنفيذ أصبحت الصدمة كبري, لأنه لا فائدة من هذا الوقت الضائع. ويقول بالسيد: إذا لم تنفذ الأحكام في الإجراءات القضائية تعتبر إهدارا للمشروعية, وعدم احترام لأحكام القضاء, وعليه فإن النتيجة المرتقبة عن تنفيذ الأحكام تؤدي إلي تزايد عدد القضايا, كما أن القضية الواحدة التي يصدر فيها حكم واحد تواجه بعدة قضايا أخري للامتناع عن تنفيذ الحكم بالإشكالات ودعوي الاستبداد والبطلان وعدم الاعتداد, أي أن هناك كثيرا من القضايا تصدر بشأنها أحكام تخرج عن القضية الواحدة. ويرجع عدم التنفيذ إلي بطء إجراءات التقاضي بسبب كثرة عدد القضايا الذي يعتبر أساس مشروعية السلطة. ويضيف أن مساوئ الصورة تبدو في إذا كان الامتناع عن تنفيذ الأحكام يرتكب من جهة مسئولة, أو من إحدي الوزارات والمصالح أوالهيئات الحكومية, وعند إذن فإن الدولة تضرب المثل والقدوة في الامتناع عن تنفيذ الأحكام وكأنها تدعو المواطنين إلي عدم احترامها وتنفيذها, موضحا أن هذا يشكل خطرا كبيرا. ويشير إلي أن المسئول عن عدم التنفيذ في الشق الجنائي وزارة الداخلية, أما في المدني وعلاقات الأفراد ببعضهم بعضا فإن المسئول عن تنفيذ الأحكام وزارة العدل والمحاكم نفسها وأقسام المحضرين والمتقاضون أنفسهم في عمل العقبات الكيدية. ويوضح أن هناك اتجاها نحو الإصلاح في وزارة العدل في التعديلات التي جدت علي قانون المرافعات بتنفيذ الأحكام بمعرفة إدارة تنفيذ يرأسها مستشار رئيس الاستئناف ويعاونه القضاة المشرفون علي التنفيذ الذي يقوم به معاونو التنفيذ المسئولون عن الإشراف, بالإضافة إلي إزالة العقبات والحرص علي تنفيذ الأحكام القضائية, ومع ذلك يظل نشر ثقافة احترام القانون والتسامح والتصادم دائرة مهمة في الطريق نحو تقليل عدد القضايا, وتيسير إجراءاتها, واحترام الأحكام القضائية, خاصة أنه في حسن تطبيق القانون يستلزم الحزم والشدة لتحقيق مسيرة العدالة وسيادة القانون. هدم الدولة القانونية ويقول الدكتور يحيي الجمل أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة إن الإيمان بسيادة القانون يقتضي ضرورة تنفيذ أحكام القضاء, لأن عدم التنفيذ يؤدي إلي هدم فكرة الدولة القانونية من الأساس, كما يؤدي إلي بطلان كل تصرف يناقض الحكم, لكن أحيانا عندما يكون الأمر متعلقا بعلاقات أفراد ببعضهم بعضا نتصور هذا مع أقلام المحضرين, لكن عندما يكون الحكم صادرا ضد الدولة وتمتنع الدولة نفسها عن تنفيذ الحكم, فهنا نكون في حالة عدم إيمان بسيادة القانون. ويقول المستشار أحمد الدهشان رئيس محكمة جنايات الجيزة إن تنفيذ الأحكام منوط به وزارة الداخلية, موضحا أن لديها شرطة متخصصة رئيسها بدرجة مساعد وزير الداخلية لتنفيذ الأحكام, ويتولي كل قسم أو مركز تنفيذ الأحكام التي تخص دائرته, سواء جنحا أو جنايات, أو تنفيذ أحكام مدنية, لكن مع ملاحظة أن تنفيذ الأحكام يقوم به محضر التنفيذ التابع للمحكمة الابتدائية تحت إشراف قاضي التنفيذ بالمحكمة, ويكون دور الشرطة في هذه الحالة حماية التنفيذ. ويوضح أن الأحكام الجنائية الصادرة بالحبس أو السجن المشدد أو الغرامة تقوم بها الشرطة متمثلة في ضابط التنفيذ في كل قسم بعد أن تخطره النيابة العامة بالأحكام الصادرة في كل جلسة علي حدة, موضحا أنه مع الكم الهائل من الأحكام التي تصدر وقلة الضباط المختصين بالتنفيذ يتم تنفيذ بعضها دون البعض الآخر, خاصة أنه قد يعتمد ضابط التنفيذ علي بعض رجال الشرطة السريين الذين لا يؤدون عملهم علي الوجه الأكمل, ويسددون المحاضر بأن المتهم غير موجود بمحل إقامته حتي يسقط الحكم بالمخالفة بمضي عامين, وفي الجنح ثلاث سنوات, والجنايات عشر سنوات, كل ذلك إذا كان الحكم غيابيا إلا جناية الإعدام فلا يسقط الحكم إلا بمضي20 عاما. ويضيف أن رجال القضاء طالبوا في مؤتمر العدالة للتغلب علي عقبة عدم تنفيذ الأحكام بإنشاء هيئة قضائية متخصصة تكون تابعة لوزارة العدل يكون لها فرع بكل محكمة, ويكون ضابط التنفيذ تحت رئاسة قاضي التنفيذ لمتابعة القضايا أولا بأول تحت رئاسته, لكن هذا المطلب لم تتم الاستجابة له في كل فئة, كما أن في كل فئة وجد من هو لديه ضمير حي ومن هو غير ذلك, لكن العقبة الأساسية تكمن في قلة القائمين بالتنفيذ. ويقول الدكتور رمضان بطيخ أستاذ ورئيس قسم القانون العام بجامعة عين شمس إنها مأساة كبري لأن عدم التنفيذ ينال من هيبة استقلال القضاء, لذلك فإن الدول الديمقراطية والقانونية حريصة كل الحرص علي تنفيذ الأحكام كما وردت في منظومتها, وإن كانت الدولة تعمل علي تنفيذ الأحكام, إلا أن هناك بعضا منها لم ينفذ. ويشير إلي أنه في أحكام القضاء الإداري يتم عمل إشكالات أمام القضاء المدني وهو غير مختص بذلك, الأمر الذي يعطل تنفيذها دون سند من القانون, بل إن المحكمة الدستورية العليا مستقرة علي أن أحكام القضاء الإداري لا يجوز الطعن عليها إلا أمام القضاء العادي نفسه, وهو الذي يوقف تنفيذها فهي إشكالية كبيرة تحتاج إلي تدخل تشريعي, أما بالنسبة للقضاء الإداري فهو غالبا ما ينفذ, بل وتعمل الدولة جاهدة علي تنفيذه. وينوه الدكتور رمضان إلي ضرورة الوقوف علي قمة الجهاز الإداري بتنفيذ الأحكام لأنها ضمانة لحماية حقوق وحريات المواطنين, وعنوان الحقيقة, بالإضافة إلي تجسيدها لاستقلال القضاء وهيبته لدي المواطن, كما أنها تعتبر مسألة حيوية ومهمة للمواطن الضعيف الذي اعتصم بحكم قضائي يلزم الدولة بمساعدته في تنفيذه, وإلا كنا أمام الظلم بعينه. جريمة جنائية أما الدكتور ثروت بدوي أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة فيري أنها جريمة جنائية عقوبتها الحبس والفصل من الوظيفة, موضحا أن هناك من يعتبر نفسه فوق القانون, سواء من رجال الحكومة الذين يمتنعون عن تنفيذ الأحكام القضائية أو غيرهم. ويضيف أن مثل هذه الأوضاع سواء كان الامتناع عن تنفيذ الأحكام من جانب سلطات حكومية أو أشخاص تدل علي انهيار هيبة الحكم في الدولة, خاصة أن أحكام القضاء ملزمة للجميع من حكام ومحكومين ولا يوجد من يعفي من تنفيذ واحترام أحكام القضاء. ويقول: إن هذا الأمر مؤسف لكننا نعيش فيه منذ سنوت طويلة, خاصة حينما بدأت سلطات الدولة المختلفة في الامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء الخاصة بالطعون الانتخابية, بالإضافةإلي عدم قيام رجال الشرطة بتنفيذ أحكام القضاء الصادرة لمصلحة أفراد عاديين أحيانا بحجة دواع أمنية, أو لعدم توافر قوات شرطة لتنفيذ الأحكام. احترام الأحكام القضائية ويقول جمال سويد وكيل النقابة العامة للمحامين : إن سيادة القانون تبدأ بألا تقوم الدولة بغير هذا المبدأ, وأن الدولة التي لا يسود فيها القانون يكون إيذانا بانهيار جميع مؤسسات هذه الدولة, موضحا أن أول المبادئ التي تفرضها سيادة القانون احترام الأحكام القضائية وتنفيذها علي الجميع دون تمييز بين شخص أو هيئة أو دولة, فالحكم عنوان الحقيقة, خاصة الحكم الصادر من القضاء واجب النفاذ يجب تنفيذه, وأن عدم تنفيذه يعتبره القانون جريمة جنائية تستوجب حبس وعزل الموظف الذي لا يقوم بتنفيذ الحكم مهما علا قدره. ويشير إلي أن الأحكام الصادرة من مجلس الدولة والمواكبة لانتخابات مجلس الشعب2010 تعتبر بنص قانون مجلس الدولة أحكاما واجبة التنفيذ فور صدورها, وأن عدم تنفيذها يترتب عليه جزءان, الأول مدني متمثل في البطلان, أي بطلان جميع الإجراءات التي تترتب علي عدم تنفيذ الحكم, أما الجزء الثاني فيتمثل في عقوبة الموظف الذي امتنع عن تنفيذ الحكم, وبالتالي فإن الامتناع عن التنفيذ جريمة جنائية وسياسية, موضحا أن ما اتخذته الدولة في شأن إيقاف تنفيذ هذه الأحكام عن طريق الاستشكال في تنفيذها يعتبر خطأ قانونيا فادحا نظرا لأن الأحكام الصادرة من مجلس الدولة لا يجوز الاستشكال في تنفيذها أمام جهة القضاء العالي, خاصة أن الجهة الوحيدة المنوط بها نظر الاستشكال في التنفيذ هي القضاء الإداري بمجلس الدولة, وأن القانون في هذا الشأن لا يترتب عليه وقف تنفيذ هذه الأحكام بمجرد الاستشكال في تنفيذها. ويضيف أن ما لجأت إليه الدولة في هذا الصدد يعتبر تحايلا علي القانون لايجوز للدولة أن تقع فيه, وأن عدم تنفيذ هذه الأحكام حتي الآن يصم سلطات الدولة الثلاث بعوار يفقدها شرعيتها نظرا لأن السلطة التشريعية ستفقد شرعية وجودها وشرعية التشريعات التي ستصدرها باعتبار أن هناك أعضاء قضي ببطلان ترشيحهم أو بإعلان نتائجهم, وبالتالي فإن ذلك ينال من النصاب القانوني اللازم لإصدار أي تشريع من مجلس الشعب. وينوه إلي أن الأثر المترتب علي عدم تنفيذ الأحكام يؤدي إلي اهتزاز ثقة المواطنين بالأحكام التي تصدرها السلطة القضائية, وبالتالي سينال من احترام المواطنين للقضاء كما أن السلطة التنفيذية التي لم تقم بتنفيذ هذه الأحكام ارتكبت جريمة جنائية, مطالبا الدولة بضرورة المبادرة بتنفيذ هذه الأحكام دون تمييز بين صاحب سلطان أو مواطن عادي. الدواعي الأمنية ويقول المستشار فريد نصر رئيس محكمة جنايات الجيزة وأمن الدولة العليا : إن هناك سببين أساسيين في عدم تنفيذ الأحكام القضائية, الأول يرجع إلي بطء العدالة في مصر من ناحية التقاضي وتنفيذ الأحكام, فالفرد عندما يكون له حق عند شخص ما ويصدر له حكم قضائي بهذا الحق يكون قد ذاق الأمرين نظرا لوجود عدة درجات في التقاضي تتمثل في الدرجة الأولي ثم الابتدائي ثم الاستئناف وأخيرا النقض, وبعد حصول الفرد علي حكم نهائي واجب النفاذ يتعرض لإشكاليات التنفيذ, وهي الإجراءات التي يستخدمها الخصوم في عدم تنفيذ الحكم, ويظل معلقا لحين انتهاء جميع الوسائل الإجرائية التي منحها القانون لوقف التنفيذ. ويضيف أن الشيء الجديد الذي استحدثته الجهة الإدارية يتمثل في الإجراءات الأمنية مثل اختيار التوقيت المناسب لتنفيذ الحكم, موضحا أن كل هذه الإجراءات في الحقيقة تؤكد تباطؤ العدالة في توصيل الحقوق لأصحابها, خاصة أنها مشكلة قديمة نعاني منها, ويطالب بضرورة تقليل الضغط علي القضاة في عدد القضايا المطروحة عليهم, بالإضافة إلي إعادة المشرع النظر في إجراءات التقاضي وإلغاء فكرة الدواعي الأمنية في تنفيذ الأحكام حتي لا تؤدي إلي فتح باب العبث والوساطة والرشاوي. حبر علي ورق ويري المستشار عمرو جميل رئيس محكمة عين شمس والوايلي أن التنمية الاقتصادية ذات علاقة وطيدة بمدي تنفيذ الأحكام ولا يمكن تحقيقها إلا بتوفير الأمان للمتعامل الاقتصادي, خاصة أنه لا توجد تنمية أو استثمار أو تبادل تجاري دون استكمال الشروط الأساسية التي توفر الأمان وتضمن الحقوق, موضحا أنه لابد من ملاءمة الإطار التشريعي والوطني مع المعطيات الجديدة الناجمة عن التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي, كما أنه ليس من العدل علي الإطلاق إصدار أحكام قضائية لا تعرف طريقها إلي التنفيذ. ويوضح أن الدول ذات النتائج العالية هي التي يرتكز نظامها التنفيذي علي وجود محضر قضائي مثل فرنسا وبلجيكا وهولندا والجزائر وتونس ودول إفريقيا الوسطي والغربية, كما أن القطاعات ذات النتائج الضعيفة هي التي تسند فيها مهمة التنفيذ لأعوان تنفيذ( موظفين) مثل مصر, بالإضافة إلي أن الدول التي لا تنفذ فيها قرارات العدالة بالسرعة والشجاعة المطلوبتين تعرض نفسها لكوارث اقتصادية. ويضيف أن تنفيذ الأحكام القضائية يعتبر مدخلا أساسيا لأي إصلاح قضائي مرتقب مستقبلا, موضحا أن المسئولية, والنزاهة, ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب أساس التنفيذ, كما أن عدم تنفيذها سبب تبريرات واهية يضر بسمعة وهيبة الهيئة القضائية, وذلك لما قد تخلفه هذه الإجراءات من نتائج سلبية بسبب فقدان الثقة لدي المخاطبين, ويتساءل قائلا: لا يعقل أن تصدر المحاكم قراراتها وتبقي حبرا علي ورق ولا تعرف طريقها إلي التنفيذ.