انتصار تم التخطيط له جيدا أم وليد اللحظة والمفاجأة. اختلف الكثيرون حول أسبابه إلا أن ثلاثة من صناع الانتصار الذين شاركوا فى حرب أكتوبر المجيدة أجمعوا خلال الاحتفالية التى عقدت بجامعة القاهرة مساء أمس أن النصر لم يكن وليد اللحظة فى أيام أو أسابيع ولكنها بطولات تحكى سنوات من الإصرار على الثأر وبذل كل غال ونفيس من أرواح طاهرة أبت إلا أن تسترد الكرامة منذ اللحظة الأولى بعد نكسة 1967 ليجنى الوطن الثمار فى الثانية وخمس دقائق ظهر السادس من أكتوبر 1973. مؤكدين أن الشعب المصرى كله شارك فى هذه الحرب ولو برفض الهزيمة والإصرار على البذل حتى الانتصار. افتتح الاحتفالية الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة الذى قدم عددا من الأبطال موجها حديثه للطلبة قائلا أمامكم من انتصروا وأنتم الان عماد مصر وبأيديكم ستبنون هذه الدولة وأمامكم تحديات ومعارك كثيرة، فحافظوا على هذا البلد وهذا الشعب ولننظر فيما حدث لغيرنا حينما اختلفوا وتخالفوا. وفى حديثه قال اللواء عبدالمنعم سعيد رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة الأسبق "إن معركة رأس العش" والتى جاءت فى أعقاب يونيه 1967 وحتى حرب الاستنزاف كانت فترة أعلن فيها أنه لن تمكث إسرائيل بدون خسائر واستمرت العمليات العسكرية مدة 500 يوم أى حوالى عام ونصف وكنت وقتها ضابط تخطيط ومع زملائى نعمل مخططا شهريا نرفعه للقادة يرفعونه بدورهم للقادة الأعلى مؤكدا أن حرب الاستنزاف كانت المدرسة الحقيقية التى دربت القوات المسلحة المصرية بكل فروعها وكان الجيش وقتها يسمى "جيش المليون مقاتل". وأكد سعيد أن تجارب استخدام المياه فى عبور خط بارليف حدثت أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وبلغ عددها 300 تجربة وتم تغليف الأمر بسرية تامة حتى موعد بدء الحرب، قائلا خلال هذه الفترة جئنا غرب القاهرة بعد وقف إطلاق النار وقمنا بتدريب قواتنا على كيفية الهجوم على خط بارليف وبنينا نقاط قوية مشابهة لنقاط خط بارليف للتدريب على كيفية اقتحام هذا المانع المائى حتى تقررت الحرب عام 1973 وفى هذه الأثناء كان اللواء محمد عبدالغنى الجمسى رئيس عمليات القوات المسلحة والفريق سعد الدين الشاذلى رئيس الأركان والمشير أحمد اسماعيل وزير الدفاع وقد علمت منذ تعيينه وزيرا أننا سنحارب فى عهده لأنى سبق وأن عملت تحت قيادته. ويحكى سعيد تفاصيل الخامس من أكتوبر 1973 قائلا » كان يوم جمعة وبعد الصلاة أخذ كل قائد ظرفا مغلقا مكتوبا فيه ساعة الصفر بتعليمات مشددة إنه إذا تعرض لأى موقف يبتلع هذا الظرف وكانت ساعة الصفر المحددة 1405 أى الثانية وخمس دقائق يوم السبت السادس من أكتوبر 1973، وفى هذا اليوم داخل غرفة القيادة العامة كنا نجلس وحوالى الساعة الواحدة وخمس دقائق ظهرا غاب المشير أحمد اسماعيل فترة ثم حضر ومعه الرئيس الراحل أنور السادات يرتدى الزى العسكرى وقيل وقتها إن هناك فتوى من الأزهر بالافطار لكن أحدا لم يفطر وفى الثانية تماما وقف اللواء الجمسى ووجه حديثه للرئيس قائلا يا سيادة الرئيس سبق السيف العزل " فرد السادات" تمام يا جمسى بالتوفيق ان شاء الله، وفى الثانية وخمس دقائق بدأت القوات تعبر قناة السويس وتم اطلاق 10500 دانة مدفعية فى الدقيقة الأولى واستمر هذا العمل 54 دقيقة حتى عبور القوات من قناة السويس واستمرت الاشتباكات ولم نحتج لضربة ثانية وأول بلاغ جاء الينا ان الطائرات جميعها عادت سالمة ولكن عاطف السادات شقيق الرئيس قد استشهد فعلق الرئيس قائلا مثله مثل بقية زملائه. وأشار سعيد الى أنه بعد توقف القتال بدأت العمليات السياسية تدور وتم استغلال جميع قوى الدولة حتى استعادة الأرض بالحرب ثم اتفاقية السلام وحدث الاختلاف على 14 نقطة فتم اللجوء للتحكيم الدولى الذى أسفر عن استعادة مصر 14 نقطة منها طابا. من جانبه بدأ المقاتل حسنى سلامة أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة الحاصل على العديد من الميداليات والدرع الذهبية للقوات المسلحة قائلا أحب الألقاب إلى قلبى منذ دخلت الجيش وحتى خروجى منه هو لقب فدائى، مشيرا الى أن نكسة يونيه 1967 أحدثت هزة عنيفة جدا فى الشعب المصرى الذى خرج الى الشارع مطالبا بالحرب ووصلتنا رسالة من الرئيس السادات وقتها بأنه ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة فبدأ الجميع فى الجيش من جنود وصف ضباط وقادة الاستعداد. وحكى سلامة عن معركة لسان بور فؤاد التى كانت نموذجا مصغرا لمعركة أكتوبر بدون طيارات فأشار الى أن هذه المنطقة كان يطلق عليها منطقة رقبة الوزة وهى المنطقة بين الأرض الرخوة المالحة وبين قناة السويس وأنه رغم فارق الكفاءة فى التسليح بين القوات المصرية والاسرائيلية الا ان بطولاته وزملاءه من قوات الصاعقة المصرية كبدت العدو الكثير من الخسائر خاصة وأن هذه المنطقة تمثل وجعا لاسرائيل لرغبتها فى السيطرة التامة عليها حيث تقع جغرافيا فى شبه جزيرة سيناء واحتلالها يجعلها تتفاوض مع مصر من موقع قوى للتحكم فى عبور السفن فى قناة السويس . وقال حسنى سلامة إنه وزملاءه الأربعة من ضباط الصف المسئولين استطاعوا زرع العلم المصرى فوق صهريج للمياه واستمر ثلاثة أيام كاملة.