بداية من غلافها تحفل مطبوعة توك توك بالتحذيرات التي لا تتوقف عند اللفظ المكتوب في عبارة تحفظ بعيدا عن متناول الاطفال لتحدد هوية المجلة وطبيعة موادها وجمهورها, ولكن الرسم الذي يحويه الغلاف يمثل بدوره اشارة احترازية من صناع أول مجلة كوميكس مصرية للكبار. بداية من عددها رقم( صفر) تقدم توك توك لقارئها جرعة مكثفة من الكوميديا والمعرفة وتحرص علي التواصل مع جذور فن الكوميكس القصة المصورة في مصر هادفة لتقديم شكل متميز يخاطب شريحة عمرية مختلفة عن تلك التي يستهدفها فن الكوميكس في مصر عادة, يقول أنديل: الفكرة بدأت من كوننا تربينا علي المجلات المصورة منذ الصغر والتي تعتمد في أغلبها علي مواد مستوردة يتم تعريبها أو ترجمتها ولكن بعد الخروج من سن الطفولة لا يجد الشاب العربي مطبوعة واحدة تطرح همومه ومشكلاته وأفكاره ورؤاه عبر نفس الوسيط الكوميكس رغم انتشار مجلات الكوميكس للكبار في جميع أنحاء العالم إلا ان الفكرة مازالت تحبو في العالم العربي. هذا الرغبة في طرح فن الكوميكس بقوة كانت هي المحرك الاساسي للفنان شناوي صاحب فكرة المجلة لدعوة اصدقائه لبدء العمل عليها عبر عدة جلسات مشتركة تمت علي مدار العام الماضي, أعاد فيها الفنانون المشاركون( شناوي, أنديل, مخلوف, هشام, رحمة, توفيق) العمل علي مواد غير منشورة واعدادها للنشر بالمطبوعة إلي جانب الاشتراك في عدة موضوعات جديدة تحول فيها الرسامون إلي كتاب يرسم لهم زملاؤهم في تعاون ظهر في أكثر من موضوع بالمجلة وهو ما يعلق هشام رحمة بقوله: لم يكن من الغريب ان اضع الرسوم المصاحبة لسيناريو أنديل في بسلة وجزر وهو ما تكرر من زملاء آخرين علي طول المجلة, فرسام الكوميكس أو الكاريكاتير يمكنه ان يطور أفكاره بنفسه وهذا ليس جديدا, فكثير من الرسامين يملكون أفكارا وسيناريوهات متميزة لصنع القصص المصورة, وهو ما يظهر في أعمال الكوميكس القصيرة المنشورة بالصحف. وعلي عكس تجربة الكارتونة مجلة كوميكس مصرية في طور الصدور التي اعتمدت علي ورش عمل مشتركة بين كتاب ورسامين مثلا تامر فتحي وأحمد ناجي وأحمد وائل ومحمد جمال جيمي هوود ورسامي توك توك الذين شاركوا بالتجربة. تبتعد توك توك تماما عن الاستعانة بالكتاب, مما قد يشير لكونه قرارا اتخذته هيئة تحرير المجلة من الرسامين وهو ما ينفيه أنديل قائلا: هو ليس قرارا بالمعني الذي يشير لقصدية استبعاد الكتاب, فالمجلة ترحب بكل من يريد الاسهام فيها ما دام واعيا بخطها الرئيسي, ولكن واقع الأمر يقول اننا جميعا كرسامين قادرون علي تطوير أفكارنا الخاصة, ولا ينفي أنديل ما تطرحه الاهرام المسائي من احتمالات وجود أزمة بين الرسامين والكتاب كما يشير الفنان توفيق في أحد موضوعات المجلة, فيقول أنديل: توجد تجارب تشهد بوجود أزمات مع الكتاب بالفعل, فأغلبنا عمل في صحف ومجلات مصرية وعربية وخضعنا لنظم يدير فيها الكاتب عملية الابداع بالكامل وتعاملنا مع كتاب غير قادرين علي فهم فلسفة وثقافة الصورة, غياب الاتصال الجيد بين الكتاب والرسامين يشكل ملمحا رئيسيا من أزمة الكوميكس في العالم العربي وأردنا ان تتفادي مطبوعتنا هذه المشكلات ما أمكننا, ولكن هشام رحمة يفسر غياب الكتاب عن العدد صفر من توك توك بكون الكتاب لم يبدوا استعدادا كبيرا للتعاون, ولكن حماس صناع المجلة وعلي رأسهم الفنان شناوي جعلهم يندفعون للعمل وتطوير الأفكار بأنفسهم خاصة ان خبراتهم تمكنهم من ذلك. وينفي أنديل أن يكون هناك قرار راديكالي باستبعاد الكتاب والاعتماد الكامل علي ابداع الرسامين مدللا بموضوع أبيض وأسود لهشام رحمة والذي يقدم احدي قصص مجموعة حجرتين وصالة للكاتب الكبير ابراهيم اصلان مصورة في أول موضوعات المجلة. وليس غياب الكتاب هو الملمح الوحيد اللافت في شخصية المجلة ولكن كون كل مبدعيها من جيل واحد يعد ملمحا آخر ينفيه الفنان مخلوف مؤكدا ان المجلة لن تغلق أبوابها دون فناني الكوميكس الاكبر سنا لكن الأزمة كما يوضحها تنحصر في كون أغلب الفنانين القادرين علي تقديم القصص المصورة يتوجهون في أعمالهم للأطفال بينما تستهدف المجلة شريحة الشباب بدءا من سن السادسة عشرة مما يتطلب طبيعة موضوعات وخطوط مختلفة, مشيرا إلي أن صناعة القصة المصورة للكبار هي الشرط الوحيد للنشر بالمجلة ولا توجد شروط سواه. ويتفق كل من أنديل ومخلوف في أن أغلاق المطبوعات المصرية لابوابها دون نشر اعمال الكوميكس للكبار كان هو الدافع الرئيسي وراء توك توك يقول محمد قنديل أنديل احد الأسباب الرئيسية التي دفعتنا للتعجيل باصدار توك توك يتضح من كون اغلب مواد العدد الذي صدر قبل ايام كتبت ورسمت قبل التفكير في الاصدار, وبعضها مناسب للنشر بالصحف, ولكن لم يجد صحيفة تهتم بنشر هذا الفن مجردا, ويؤكد مخلوف علي ما يذهب اليه صديقه وزميله في انه لا توجد مطبوعة أخري قادرة علي استيعاب تقديم الكوميكس للكبار وحتي مجلات الأطفال العربية اغلبها يعاف المواد العربية الخالصة, لهذا تمثل هذه المجلة حلما لصانعيها لنشر ابداعاتهم التي لن تستوعبها المطبوعات الأخري. ولم يكن وجود بوابة لنشر ابداعاتهم الموجهة للكبار الدافع الوحيد لصناع التوك توك كي يخرجوا بمطبوعتهم إلي النور ولكن هناك حلم آخر يذكره مخلوف لالأهرام المسائي ويتخلص في رغبتهم في صناعة بصمة مصرية في فن الكوميكس, فقد اتاحت الصحف المصرية وخاصة مجلتي روز اليوسف قديما وصباح الخير امكانية احداث طفرة مصرية في فن الكاريكاتير علي مستوي الأفكار والرسوم وشهدت محاولات جنينية لصناعة الكوميكس للكبار, لكن هذه المحاولات كانت دوما تخبو وتتراجع ولم تولد مطبوعة مصرية قادرة علي احتضان هذا الفن وتطويره حتي الآن ويؤكد هشام رحمة ما ذهب اليه مخلوف في قوله: لهذا نعني في توك توك بالرسم في المقام الأول, فقدرة الخطوط علي التعبير عن المحتوي وقدرة الصورة علي ايصال الفكرة للقاريء, ثم تخليص هذه الخطوط والكادرات من التأثيرات الغربية التي تربينا جميعا قراء ومبدعين عليها تعد كلها اهدافا رئيسية نعمل عليها في هذه المطبوعة, فمصر لديها قدرة علي تطوير فن الكوميكس ووضع بصمتها الخاصة فيه وكل ما ينقضنا هو وجود بوابة نقوم بذلك من خلالها. وينفي الفنانون الثلاثة ما نسب لهشام رحمة في احدي الصحف بان صناع توك توك مصرون علي الرفض التام لاصدارها عبر دار نشر, ويقول رحمة: لقد رفضنا عروض نشر بالفعل قبل صدور المجلة وذلك لاسباب واضحة تتصل برغبة الناشرين في السيطرة علي المحتوي, ومؤكدا ان هذا الوضع سيستمر لثلاثة اعداد اخري تضع للمطبوعة بصمتها وتوضح شخصيتها امام القارئ فمن اراد ان يتبناها بعد ذلك فسيجدها مطبوعة ناجحة قادرة علي الانتشار وفق فلسفتها القائمة, مضيفا انه من المستهدف ان تصدر مؤقتا كل ثلاثة اشهر إلي أن يتم الاستقرار علي شكل النشر, كما ينفي الفنانون الثلاثة ان تكون هناك اي خطوط حمراء في المطبوعة ولكن هناك أشياء متفق عليها ضمنا بين الفنانين تبدأ من عدم الاقتراب من الالفاظ الخادشة, والتصادم الواضح مع قيم المجتمع, كما وفنانو المطبوعة كما يوضح مخلوف وقنديل يقدمون رسوما واعمال كوميكس تتصل بالسياسة في الصحف التي يعملون بها لهذا لا يجدون حاجة لطرح ذات الموضوعات داخل التوك توك.