الأزمة الأوكرانية أو ما يمكن وصفه بالنزاع بين روسيا والغرب بشأن محاولات كلا الطرفين استقطاب كييف إلي صفها ستظل حاضرة في أي سلوك أو تصرف يصدر عن موسكو أو الاتحاد الأوروبي, ولا يمكن تفسير أي تحرك من جانب أي طرف منهما إلا في ضوء هذه الأزمة التي ما إن تهدأ قليلا حتي تعود إلي الصعود مرة أخري. فبعد الدعم الذي قدمته موسكو للانفصاليين الروس في أوكرانيا, وحشد قواتها علي الحدود المشتركة بينهما غرب روسيا تحسبا لأي جديد, وإعلانها ضم شبه جزيرة القرم الواقعة جنوبأوكرانيا منذ أكثر من عام, تحاول الآن ترسيخ علاقاتها مع جمهورية بيلاروسيا الواقعة شمال أوكرانيا بتقديم الدعم العسكري لها بتسليمها4 طائرات قتالية تدريبية من طراز ياك 40 في احتفال جري في مطار ليدا البيلاروسي بهذه المناسبة, ربما لتحكم تطويق أوكرانيا من أكثر من جهة تحسبا لأي تحرك أوروبي محتمل في المستقبل. ما يعني أن موسكو لا تريد ترك أي تحرك أوروبي أو أوكراني محتمل للمصادفة, وإصرارها علي تأمين كل الجبهات بوجود عسكري, أو تحالف قوي يصعب من مهمة الغرب في محاولاته لانتزاع أوكرانيا وضمها إلي الاتحاد الأوروبي. الطائرات التي تسلمتها مينسك تجمع بين القدرات القتالية والتدريبية الجديدة لقاعدة116 الخاصة بطائرات الهجوم التابعة للقوات الجوية البيلاروسية, ما يجعل استخدامها في مهام قتالية في حال الضرورة متاحا, ولا تقتصر علي التدريب وحده. يذكر أن طائرة روسية أخري من طراز ياك-130 التي تعد طائرة قتالية تدريبية من جيل جديد تستخدم لتدريب الطيارين كما يمكن استخدامها لأغراض قتالية في الظروف الجوية العادية والمعقدة وضد الأهداف الجوية والأرضية. ووفقا للخواص التقنية لهذه الطائرة التكتيكية, بالإضافة إلي قدرتها علي المناورة تعد هذه الطائرة قريبة جدا من المقاتلات الحديثة أثناء تحليقها علي سرعات لا تفوق سرعة الصوت, مما يمنح الطيارين الذين يستخدمون هذا النوع من الطائرات من الجيلين الرابع والخامس فرصة إضافية لا تتوافر في طائرات التدريب الأخري, وتستطيع هذه الطائرة الهبوط علي أرض غير مجهزة للطائرات. ولعل الأهمية التي توليها موسكو لجارتها اللصيقة وحليفتها التاريخية بيلاروسيا تظهر بوضوح باعتبارها ممرا لأنابيب النفط الروسي المصدر لأوروبا عبر الأراضي البيلاروسية, تلك الصادرات التي توقفت مؤخرا بسبب انفجار أنبوب التصدير بها, حيث أعلن إيجور ديمين مستشار رئيس شركة ترانس نفط الروسية أن الانفجار الذي وقع مؤخرا في أنبوب النفط دروجبا أدي إلي توقف صادرات النفط الروسي إلي أوروبا عبر هذا الخط. وقال ديمين ان حجم صادرات النفط الروسي إلي أوروبا تقلص حاليا بمقدار الضعف, موضحا أن انفجارا وقع في أحد الأنبوبين بمنطقة بابوفيتشي في بيلاروسيا. وأكد مستشار شركة روس نفط الروسية أن خطة شهر أبريل لم تتأثر, وأن العطل الذي حدث ليس كبيرا, لافتا إلي أن عملية تصدير النفط استؤنفت ولكن حجمها أقل بمرتين حاليا, وأنها ستستمر علي هذه الحال حتي إصلاح الأنبوب. وينظر المراقبون إلي خطوة تسليم موسكو لمينسك طائرات تدريب قادرة علي الاضطلاع بمهام قتالية مهمة للحفاظ علي مصالحها الاقتصادية والتجارية مع كل من أوكرانياوبيلاروسيا أكثر منها لخوض صراع عسكري قريب مع الغرب.