بعد ترحيب القادة والزعماء العرب بتشكيل قوة عسكرية مشتركة, كان السؤال المهم والمحوري, إلي أي مدي يمكن تفعيل السوق العربية المشتركة لتحقيق التكامل العربي ؟ الاهرام المسائي استطلع رأي خبراء الاقتصاد, فأكدوا ان التكامل الاقتصادي العربي لا يقل اهمية عن التكامل العسكري وأن تشكيل القوة العسكرية سيكون نواة لإنشاء قوي عربية اقتصادية موحدة, وطالبوا بإزالة المعوقات التي تعرقل إقامة السوق العربية المشتركة. في البداية, أكد الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق, ان توحد كلمة رؤساء وزعماء وملوك الدول العربية حول انشاء قوي عسكرية موحدة, هو خطوة جيدة ومطلوبة في هذا التوقيت الحرج الذي تمر به المنطقة العربية بأسرها, نظرا لما تتعرض له من ارهاب يسعي للنيل منها. وأضاف انه ليس بالضرورة ان تبدأ فكرة التكامل العربي بإنشاء قوي عسكرية عربية موحدة, حتي يكون ذلك نواة لإنشاء قوة عربية اقتصادية موحدة, لافتا الي ان الدول الأوروبية عندما بدأت في التفكير في هذا الأمر كان ذلك من خلال انشاء السوق الأوروبية المشتركة. وأضاف ان التكامل العربي الاقتصادي لا يقل اهمية عن التكامل العربي العسكري, مشيرا الي ان اتحاد الدول العربية اقتصاديا يعد في حد ذاته قوي كبيرة سوف يتم النظر اليها بعين الاعتبار, ولا يمكن الاستهانة بها. ومن ناحيته, أكد السفير جمال الدين بيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب ان الاقتصاد العربي حقق انجازات لابأس بها علي مدي السنوات العشر الماضية, مشيرا الي أن المسئولين التنفيذيين اخفقوا في توصيل رسالة للقمة العربية التي اختتمت فعالياتها أمس بالمعوقات التي تعوق تفعيل السوق العربية المشتركة رغم إنجاز50% منها. وأوضح السفير بيومي, ان السوق العربية قوامها300 مليون نسمة, وتعتبر عاملا مساعدا لتصريف المنتجات المتوفرة في كل دولة, لافتا الي ان الصادرات والواردات البينية شهدت ارتفاعا كبيرا خلال الفترة الماضية وتحديدا منذ عام2005 بعد تحرير التجارة في السلع, واتساع حركة انتقال رؤوس الاموال وهذا ماكشف عنه مؤتمر مصر المستقبل الذي عقد بشرم الشيخ. وأكد ضرورة تحرير تجارة الخدمات وإقامة الاتحاد الجمركي وهذا الأمر يحتاج لقدر من التنازلات, وتوحيد قواعد المنشأ وإزالة المعوقات غير الجمركية مثل مسألة تحويل العملة وأذون الاستيراد وحرية التنقل للأشخاص وليس السلع فقط والاتفاق علي عقد عمل عربي موحد. واستطرد قائلا: المشكلة ان ثمة عراقيل تواجه إقامة السوق عربية مشتركة واتحاد جمركي عربي, حتي نصل إلي سوق عربية مشتركة لابد من ثلاث اتخاذ4 خطوات مهمة, الأولي, هي إقامة اتحاد جمركي عربي لتنظيم التعاملات الخارجية. وحول المعوقات التي تعرقل السوق العربية المشتركة قال بيومي, ان اصحاب المصالح من ابرز المعوقات, حيث يرفضون تحرير السوق في التجارة لأنهم يستثمرون أموالهم في صناعات صغيرة الحجم نسبيا قاصرة علي دولهم ويخشون من منافسة واردات عربية أكثر جودة أو أقل ثمنا, ويتحالف معهم بعض رجال الأعمال الذين يقتصر نشاطهم علي الاستيراد, ومن المعوقات ايضا خضوع بعض المسئولين لتحالفات وابتزاز مصالح رجال الأعمال وينسجون الخيوط في السياسات العربية بما يخدم المستورد أو التاجر ولا يخدم الصانع أو المنتج, أو بما يخدم عملية التنمية, لافتا الي ان من أهم المعوقات المختلف عليها في إقامة السوق العربية المشتركة صناعة الغزل والنسيج والملابس, لأن هناك دولا لا تنتج منسوجات وتستورد قطعا تامة الصنع من جنوب شرق آسيا ينقصها فقط سوستة أو أزرار وتعطي شهادة منشأ عربية لهذه المنتجات لمجرد إضافة السوستة أو الأزرار, أما الصانع الحقيقي فإنه يأخذ قماشا من مصر أو المغرب, أوسوريا, ويحوله الي منتج تام الصنع, فكيف يمكن أن أسوي بينه وبين من أحضر ملابس تامة الصنع من الصين أو كوريا الجنوبية وأعطي الاثنين الإعفاء الجمركي نفسه. وأضاف أن مشكلة المشاكل بالنسبة لنا هي شهادة المنشأ لأن هناك صراعا كبيرا بين طبقة المهربين من جهة, الذين يريدون اعطاء شهادة منشأ عربية لسلعة غير عربية, المنتجون الذين يسهمون في تعميق الصناعة بنسبة مكون محلي في حدود المتفق عليه من جهة أخري. من جانبها قالت الدكتور يمن الحماقي, رئيس قسم الاقتصاد بجامعة عين شمس,ان الدول العربية لاتبذل الجهد المطلوب منها خاصة المؤسسات المسئولة عن تفعيل التكامل العربي, وينبغي عليها في هذه الاونة ان تستغل الزخم الذي تشهده المنطقة لتعظم من علاقات التكامل الاقتصادي مؤكدة ان الدول العربية لن تقوم لها قائمة إلا بالتنسيق السياسي, ولن تقوم لها قائمة إلا بالجيش المصري, لأن القوة الاقتصادية سوف تساهم في انتاج السلاح وتأمين الغذاء. وأوضحت انه في عام97 تم اقامة منطقة تجارة حرة عربية لكن مازالت غير مفعلة, اضافة الي ان الجراءات معقدة وتمنع قيام التكامل, ومطلوب من الدول العربية تحديد المزايا النسبية لكل دولة, وكذلك تحديد المكاسب والخسائر من هذه المزايا لتحقيق توافق المصالح, ومن يبن التحديات القوائم السلبية التي أثرت علي حركة التجارة بين الدول العربية حيث لا تتعدي10% من إجمالي تجارتها مع العالم الخارجي, وهذا معناه ان هذا التكامل غير ناجح. وأكدت ضرورة التحول الي اتحاد جمركي وتنسيق السياسات الجمركية والضريبية, ووضع ضبط لقواعد المنشأ, وتبسيط الاجراءات الاستثمارية, وكذلك السياسات المالية والنقدية, والتنسيق لاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة. ومن جانبها اكدت الدكتورة عالية المهدي استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ان فكرة التكامل العربي من خلال انشاء قوي عسكرية موحدة لا تعد فكرة جديدة, لافتة الي ان هناك معاهدة دفاع عربي مشترك منذ اربعينيات القرن الماضي, وان كانت غير مفعلة. وأضافت ان المشكلة التي تواجه الدول العربية هي ان هذه القرارات تكون وليدة اللحظة, موضحة ان الخطر الذي تتعرض اليه المنطقة العربية وخاصة السعودية, هو الذي دعا الي التفاف رؤساء وملوك الدول العربية حول فكرة انشاء قوي عربية عسكرية موحدة. ولفتت الي ان القرارات التي يتم اتخاذها من خلال القمة العربية هي في حد ذاتها قرارات جيدة, منبهة الي ضرورة العمل علي تفعيل هذه القرارات في اسرع وقت ممكن, ولا يطول الأمد في تفعيل وتنفيذ هذه القرارات. وأشارت الي ان هناك اتفاقية التجارة العربية الحرة والتي تلغي الحواجز الجمركية بين الدول العربية, مؤكدة ان هذه الاتفاقية لم تفعل حتي الان بالصورة الكاملة, ولا تزال توجد قيود علي بعض السلع.