تسبب الهجوم الإرهابي علي متحف باردو التونسي في إحداث صدمة كبيرة داخل المجتمع التونسي الذي لا يزال يتعافي من آثار الاضطرابات التي لحقت به عقب ثورة الياسمين التي أثرت بشكل كبير علي وضع الاقتصاد التونسي. وتساءلت مجلة فورين بوليسي الأمريكية عن إمكانية نجاح تونس تلك الدولة الوليدة التي تحتل رقعة صغيرة ما بين ليبيا والجزائر في اجتياز أصعب اختبار يواجهها, ألا وهو الإرهاب الذي تفشي في ربوعها بشكل مخيف وعن امكانية حفاظها علي وحدتها الوطنية, مشيرة الي ان تونس التي تعد نموذجا ناجحا للربيع العربي تشهد سلسلة من الهجمات الارهابية وعمليات اغتيال بحق جنودها ومسئوليها العسكريين. وأكدت ان الأوضاع في تونس أفضل بكثير عن جارتها الشرقية ليبيا التي تعاني فوضي عارمة لا مثيل لها وعنفا ناتجا عن الاختلال الوظيفي بعد ان فشلت في ان تكون دولة ديمقراطية, إلا أن تونس نجحت في الانتقال من العهد الديكتاتوري الي الديمقراطي, واصفة ردود أفعال الساسة التونسيين علي المذبحة ب الخاطئة إذ سمحوا للانقسامات القديمة أن تؤثر علي الديناميكية السياسية الجديدة التي وصفتها ب الهشة وهو ما قد يعرقل عملية انتقال السلطة ويحول تونس الي ليبيا جديدة. وفي عام2013 تسببت عمليات الاغتيال التي استهدفت سياسيين بارزين في عرقلة التقدم السياسي وأحجمت فرص التوصل إلي مصالحة وطنية لعدة أشهر وعلقت أعمال البرلمان أمام أي حوارات, وهو الأمر الذي يؤكد أن الإرهابيين قد حققوا أهدافهم المرجوة في تلك الفترة, حتي استيقظت تونس وأنهت حالة الجمود وفتح البرلمان أبوابه من جديد وتم التوصل إلي حلول وسطية بفضل القيادة الحكيمة من العلمانيين و الإسلاميين المعتدلين الذين استطاعوا ان ينقلوا تونس الي بر الامان. وبالفعل اجتازت تونس اختبار الديمقراطية بنجاح في أواخر عام2014 وهو الأمر الذي أدي إلي انتقال سلس للسلطة وانتخاب رئيس جديد وهو ما لا نراه في كثير من دول الشرق الأوسط المضطربة والمقسمة. ويري المحللون ان الهجوم الارهابي الذي وجه لطمة قوية للاقتصاد التونسي يسلط الضوء علي الجماعات الارهابية التي تعبث بأمن تونس أو ما نسميه الخلايا النائمة التي تسعي الي نشر أفكار متطرفة وتجند شبابا للقيام بهجمات إرهابية والانضمام لتنظيم داعش الإرهابي الذي اتخذ من ليبيا مرتعا له لينطلق منها ويشن جميع هجماته الإرهابية, مستغلا الفراغ الأمني الذي تعانيه والتراخي الموجود علي الحدود والذي مكنه من التسلل الي تونس مستخدما الدين للوصول الي سدة الحكم. وأضافوا أن تلك الميليشيات الارهابية لن تتوقف عند تونس بل أيضا تهدد البلدان المجاورة كمصر والجزائر وهو الأمر الذي يحتم تشكيل قوة ردع عربية مشتركة لديها استراتيجية واحدة للقضاء علي جذور الارهاب. وأكدوا أن سياسة الإرهابيين الاحترافية تمكنهم من اجتياز الحدود بين تونس وليبيا بسهولة والدليل أن قائد جماعة انصار الشريعة في تونس والملقب ب سيف الله بن عمر بن حسين يوجد في ليبيا وتحديدا درنة التي تعد معقلا ل داعش.