قد نختلف مع الرئيس حسني مبارك في بعض السياسات الداخلية, وقد يكون لدي بعضنا تحفظات علي السياسات الاقتصادية, واختلاف حول دور الدولة في ظل سياسات السوق, وقد يري البعض أن السياسات الاجتماعية المطبقة لم تؤت بكل ثمارها المرجوة حتي الآن مما يستدعي البحث عن سياسات بديلة أو حتي تعديل ما يجري تطبيقه الآن. لكن في كل الأحوال يجب أن نقف جميعا خلف الرئيس في تعامله مع الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له مصر بعد دقائق من بداية العام الجديد. بدون مبالغة أو مجاملة جاء بيان الرئيس للأمة بعد ساعات من الهجوم الإرهابي علي مستوي الحادث, مدركا لأبعاده, ومحللا لتداعياته, راصدا من يقف خلفه, وعبر عن ذلك عبر عشر رسائل بها الكثير من الحقائق التي قد تغيب عن البعض في ظل هذه الأزمة, رسائل علينا جميعا التركيز عليها وسط هذا الصخب الإعلامي الذي نعيشه في مثل اللحظات الصعبة والأليمة علينا جميعا وهي: 1 تعرضت مصر لعمل إرهابي آثم استهدف الوطن بأقباطه ومسلميه. 2 مصر برمتها هي المستهدفة والإرهاب الأعمي لا يفرق بين قبطي ومسلم. 3 لا يزال الإرهاب متربصا بمصر وشعبها يطل علينا بوجهه القبيح. 4 ما حدث عملية إرهابية غريبة علينا وعلي مجتمعنا تحمل في طياتها دلائل تورط أصابع خارجية. 5 قوي الإرهاب لن تنجح في مخططاتها وستفشل في زعزعة استقرار مصر والنيل من وحدة مسلميها وأقباطها. 6 أمن مصر القومي مسئوليتي الأولي لا أفرط فيه أبدا ولا أسمح لأحد أيا كان بالمساس به أو الاستخفاف بأرواح ومقدرات شعبنا. 7 سنتعقب المخططين لهذا العمل الإرهابي ومرتكبيه وسنلاحق المتورطين في التعامل معهم ممن يندسون بيننا. 8 دماء أبنائنا لن تضيع هدرا وسنقطع يد الإرهاب المتربص بنا. 9 هذا العمل الآثم هو حلقة من حلقات الوقيعة بين الأقباط والمسلمين. 10- نحن جميعا في خندق واحد وسنقطع معا رأس الأفعي وسنتصدي للإرهاب. هذه أهم عشر رسائل في بيان الرئيس للأمة.. رسائل للداخل, وأخري للخارج, أهمها, من وجهة نظري, أن الإرهاب ضرب مصر, مستهدفا إيقاع الفتنة بين طرفي الأمة, وهي عملية تشير إلي تورط عناصر خارجية, لكن الرئيس شدد علي أن ملاحقة الفاعلين الخارجيين, ومن تورط معهم من الداخل تحتاج أن نعمل معا وأن نكون صفا واحدا. ومع ذلك ألمح خطابا طائفيا يطل تحت رماد العمل الإرهابي, وأشاهد احتقانا يخرج عن حدود التعبير المشروع عن الغضب, وأسمع خطابا تضامنيا لا يرقي إلي مستوي الحدث ولا يتحول إلي فعل مؤثر من شأنه الحفاظ علي الوحدة الوطنية, ولا أعتقد أننا في هذه اللحظة الفارقة في تاريخنا الحديث في حاجة إلي إعادة تكرار نفس الخطاب التقليدي في مثل هذه الأزمات, ولا مشاهدة مصافحات بين الرموز الدينية وكفي.. لأننا في حاجة مبدئية إلي إدراك خطورة ما نتعرض له كما جاء في خطاب الرئيس, ومن ثم البدء في إجراءات إعادة بناء الثقة بين المواطنين. نعم هو ليس حادثا طائفيا.. لكن مواجهة الإرهاب تستدعي إعادة بناء الوحدة الوطنية من جديد, وحدة تقوم علي حقوق المواطنة المتساوية, وعلي الحق في الاعتقاد, وحرية بناء دور العبادة, وممارسة الشعائر الدينية.. خطوات لن تكلفنا الكثير, لكنها تغلق إلي الأبد باب التفاصيل الصغيرة التي يتسلل منها الشيطان.. وأخشي القول أن الشيطان لم يعد ينتظر علي الباب, لكنه استطاع التسلل وأصبح يعيش بيننا وينفث سمومه ليل نهار.