الرئيس.. من «جمهورية الخوف» إلى «وطن الاستقرار»    صور | «العمل» تجري اختبارات للمرشحين لوظائف بالأردن في مجالات الزراعة    نشأت الديهي: اجتماع الرئيس السيسي اليوم الأخطر والأهم في 2025    أخبار اليوم توقع إتفاقية تعاون مع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا في قمة الإبداع الإعلامي للشباب    الدقهلية: إغلاق مطعم عز المنوفي بالمنصورة لممارسة نشاط بدون ترخيص ومخالفة الاشتراطات الصحية    تقرير عبري: الحوثيون ينشرون أسلحة متطورة في منطقة البحر الأحمر    وزيرا خارجية السعودية والإمارات يبحثان هاتفيا المستجدات الإقليمية    فريق يد الزمالك يغادر إلى رومانيا لخوض معسكر خارجي    قرار جديد بشأن البلوجر علاء الساحر في واقعة فيديو تعذيب شخص    العلاقات... هل لها عمر؟    وكيل صحة الإسكندرية يناقش تطوير الخدمات الطبية ورفع كفاءة الأداء بالمستشفيات    تحصين 41.829 من رؤوس الماشية ضد الحمى القلاعية بالإسماعيلية    محافظ مطروح يعترض لوعكة صحية مفاجئة بالقاهرة    إغلاق 8 مراكز غير مرخصة لعلاج الإدمان والطب النفسي بالجيزة (تفاصيل)    «صحة الإسكندرية»: إعداد خطط تطوير شاملة للمستشفيات وتفعيل غرف منسقي الطوارئ (صور)    جولات تفقدية لرئيس مياه الشرب والصرف بأسوان لمتابعة المحطات والروافع في ظل ارتفاع الحرارة    أمينة الفتوى بدار الإفتاء توضح علامات طهر المرأة وأحكام الإفرازات بعد الحيض    «البترول» تواصل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر أغسطس 2025    عبد اللطيف منيع يعود للقاهرة بعد معسكر مكثف بالصين استعدادًا لبطولة العالم المقبلة    قبل بدء الفصل التشريعى الثانى لمجلس الشيوخ، تعرف علي مميزات حصانة النواب    جامعة المنصورة تُشارك في مبادرة "كن مستعدًا" لتأهيل الطلاب والخريجين    تحقيقات واقعة "فتيات الواحات".. الضحية الثانية تروى لحظات الرعب قبل التصادم    «الأمل موجود بشرط».. خالد الغندور يوجه رسالة ل كهربا    التشكيل الرسمي لمواجهة تشيلسي وكريستال بالاس في الدوري الإنجليزي    7 أسباب تجعلك تشتهي المخللات فجأة.. خطر على صحتك    قرار جديد من التموين بشأن عدادات المياه: حظر التركيب إلا بشروط    الأمن يقترب أكثر من المواطنين.. تدشين قسم شرطة زهراء أكتوبر 2| صور    المفتي السابق يحسم جدل شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    رئيس الأركان الإسرائيلي: نُقرّ اليوم خطة المرحلة التالية من الحرب    محافظ الجيزة يطمئن على الحالة الصحية لشهاب عبد العزيز بطل واقعة فتاة المنيب    ريال مدريد يخطط لبيع رودريجو لتمويل صفقات كبرى من البريميرليج    رد فعل شتوتغارت على أداء فولتماد أمام بايرن    وزير الثقافة يعلن عن بدء الاستعدادات لإطلاق مؤتمر وطني عن الذكاء الاصطناعي    وزير السياحة: ضوابط جديدة للمكاتب الصحية بالفنادق.. وافتتاح تاريخي للمتحف المصري الكبير نوفمبر المقبل    جوان ألفينا يبدأ مشواره مع الزمالك بأداء واعد أمام المقاولون العرب    العراق: مهمة بعثة التحالف الدولي تنتهي في سبتمبر    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    توجيهات حاسمة من السيسي لوزيري الداخلية والاتصالات    رئيس جامعة الوادي الجديد يتابع سير التقديم بكليات الجامعة الأهلية.. صور    جبران يفتتح ندوة توعوية حول قانون العمل الجديد    صحة الوادى الجديد: انتظام العمل فى المرحلة الثالثة من مبادرة "100 يوم صحة"    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يعلن تفاصيل مسابقة «أبو الحسن سلام» للبحث العلمي    إنفانتينو عن واقعة ليفربول وبورنموث: لا مكان للعنصرية في كرة القدم    حقيقة انتقال هاكان للدوري السعودي    مقتل 3 وإصابة 8 آخرين في إطلاق نار بحي بروكلين بولاية نيويورك الأمريكية    فيضان مفاجئ في شمال الصين يخلف 8 قتلى و4 مفقودين    اللواء محمد إبراهيم الدويري: أوهام «إسرائيل الكبرى» لن تتحقق وتصريحات نتنياهو تدق ناقوس الخطر عربياً    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    خبير دولي: مصر أحبطت مخطط تصفية القضية الفلسطينية باستراتيجية متكاملة    في 3 خطوات بس.. للاستمتاع بحلوى تشيز كيك الفراولة على البارد بطريقة بسيطة    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    موعد آخر موجة حارة في صيف 2025.. الأرصاد تكشف حقيقة بداية الخريف    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التكلفة الإجتماعية للإصلاحات الاقتصادية في مصر من منظور البرلمان

البرلمان هو المعبر عن إرادة الشعب‏,‏ وهو قاطرة التغيير والإصلاح من خلال مايقره من سياسات وتشريعات‏,‏ والمجتمع المدني هو إحدي أدوات التعبير الشعبي
التي تنامت في ضوء سياسات التحول الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في طريق الديمقراطية‏.‏ وكل من الاثنين لاتغيب عنه مطلقا السياسات الاجتماعية الواجب اتخاذها جنبا الي جنب مع سياسات الإصلاح الاقتصادي
فلا يمكن أن تنجح سياسات الإصلاح الاقتصادي إلا بتفاعل المجتمع معها وباستعداده لتحمل تبعاتها وآثارها‏,‏ وكما أن المجتمع يتحمل أعباء سياسات الإصلاح وتكاليفها‏,‏ فإنه هو أيضا الذي يجني ثمارها في حالة النجاح أو يكتوي بنارها في حالة الفشل‏..‏إن أخذ البعد الاجتماعي في سياسات الإصلاح الاقتصادي ليس اختيارا من جانب الحكومات‏,‏ وإنما هو الذي يساعد علي إنجاح هذه السياسات ويضمن لها تأييدا مجتمعيا‏.‏انها منظومة متكاملة لا يمكن التخلي عن أي من عناصرها‏,‏ ولا يمكن المفاضلة أو الاختيار بين بعضها والبعض الآخر‏,‏ لذلك فإن ما نؤكد عليه هو أن مراعاة البعد الاجتماعي هو أقرب الطرق لإنجاح سياسات الإصلاح الاقتصادي‏.‏
وليس من قبيل المصادفة أن تكون أغلب المجتمعات التي شهدت التحول إلي سياسات الإصلاح الاقتصادي‏,‏ قد شهدت أيضا انتعاشا وزخما في جمعياتها الأهلية ومنظمات مجتمعها المدني‏,‏ وشهدت أيضا عملية انتقال في الفكر لم يكن لها أن تشهدها لولا سياسات الإصلاح الاقتصادي‏,‏وفي الوقت نفسه أيضا شهدت تغييرا في المفاهيم لدي السلطات‏,‏وشهدت فتح مجالات جديدة لكسب الرزق‏,‏ هذه الفترة هي أصعب الفترات‏,‏لأنها تشهد عناصر من القديم وعناصر جديدة في الأفق‏..‏تشهد أوضاعا مفيدة للبعض وضارة بالبعض الآخر‏,‏ تشهد التناقض بين عوالم مختلفة داخل البلد الواحد‏,‏ من يتحركون ويتغيرون بسرعة ويتعاملون بسلاسة مع التغيير‏,‏ ومن يقفون لا يتجاوزن الخطي‏,‏ فيغرقون وسط تناقضات المجتمع الجديدة‏.‏
إنها عجلة تدور بالبعض تجعل آخرين محلا للنسيان‏.‏
وربما يجوز لي أن أقول‏,‏ إنه علي قدر توسيع حجم المستفيدين اجتماعيا من سياسات الإصلاح الاقتصادي‏,‏ علي قدر نجاح هذه السياسات‏,‏ وعلي قدر اتساع قاعدة المحرومين من ثمارها وغير المشمولين فيها‏,‏ علي قدر تراجع كفاءة هذه السياسات وعدم الاقتناع المجتمعي بها‏,‏ وعلي النظام الكفء ألا يحرم قطاعا معينا من المجتمع من الارتقاء به والأخذ بيده ليكون منتجا‏.‏
يروق لي أن أتناول تجربتنا هنا في مصر‏,‏ فيما يتعلق بسياسات الإصلاح الاقتصادي‏,‏ فقد بدأت مصر سياسات الإصلاح الاقتصادي والانتقال من نظام التخطيط المركزي إلي اقتصاد السوق‏.‏
وقد قام الإصلاح الاقتصادي علي ثلاثة أبعاد‏:‏
الأول هو الاستقرار الاقتصادي‏,‏ والثاني‏:‏ هو التكيف الهيكلي للاقتصاد من خلال المزيد من تحرير الاقتصاد في قطاعات الزراعة والصناعة والطاقة والغذاء والتجارة الخارجية‏,‏ وإصلاح نظام البنوك وأسواق رأس المال وأنظمة التأمين والتأمين الاجتماعي‏,‏ وتشجيع الاستثمار وتوفير الضمانات وتشجيع القطاع الخاص‏,‏أما البعد الثالث‏:‏ فهوالاهتمام بالعدالة الاجتماعية ويمثل هذا البعد أهم الأبعاد التي أعطيت المزيد من الاهتمام‏,‏ وقد أعلن الرئيس مبارك علي الدوام وقوفه إلي جانبه الفقراء ومحدودي الدخل‏.‏
ويستند هذا البعد الاجتماعي علي الدستور المصري الذي ينص علي مبدأ العدالة الاجتماعيةباعتباره قيمة رئيسية‏,‏ فهو أحد الأركان التي يقوم عليها الاقتصاد المصري‏(‏ المادة‏4)‏ وهو الركن الذي يقوم عليه النظام الضريبي‏(‏ المادة‏38)‏ وهو أحد المهام التي يسهر علي تأكيدها رئيس الدولة‏(‏ المادة‏73).‏
وفضلا عن ذلك‏,‏ يورد الدستور المصري الكثير من المباديء الأساسية التي يقوم عليها المجتمع‏,‏ فتنص المادة‏(7)‏ علي أن يقوم المجتمع علي التضامن الاجتماعي وتنص المادة‏(13)‏ علي أن العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة
وتنص المادة‏(14)‏ علي أن الوظائف العامة حق للمواطنين وتنص المادة‏(17)‏ علي أن الدولة تكفل خدمات التأمين الاجتماعي والصحي ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعا وتنص المادة‏(18)‏ علي أن التعليم حق تكفله الدولة وتنص المادة‏(25)‏ علي أن لكل مواطن نصيبا في الناتج القومي وتنص المادة‏(26)‏ علي أن للعاملين نصيبا في إدارة المشروعات وفي أرباحها وتنص المادة‏(27)‏ علي أن يشترك المنتفعون في إدارة مشروعات الخدمات ذات النفع العام والرقابة عليها وفقا للقانون والكثير من هذه المواد هي التي طالها التعديل في الدستور المصري تماشيا مع التحولات الاقتصادية للدولة‏.‏
ولذلك‏,‏لم يكن البعد الاجتماعي بعيدا عن فكر الدولة‏,‏ لذلك أقر البرلمان عددا من القوانين التي استهدفت حماية المستهلك ودعم شبكات الأمان الاجتماعي في مجالات التعليم والصحة والتأمين والمعاشات والعلاوات‏..‏وغيرها‏.‏
ولن يكون آخر القوانين في هذا السياق حاليا إصدار قانون لتنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة والخدمات العامة‏,‏ وليس الهدف من وراء هذا القانون إلا توفير مزيد من الإتاحة المالية للانفاق الخاص علي المشروعات العامة كالكهرباء والمياه والتعليم والرعاية الصحية‏,‏ والصرف الصحي‏..‏إلي غير ذلك مما يعود بالنفع علي المواطن محدود الدخل‏.‏
لقد استهدفت هذه التشريعات التعامل مع الآثار الاجتماعية لسياسات الإصلاح الاقتصادي‏,‏ لانستطيع بالطبع أن نقول أن لدينا الآن بنية تشريعية قادرة علي التعامل مع كل جوانب وأبعاد عملية التحول الاقتصادي‏,‏ فمازالت هناك عملية تفاعل بين المجتمع والقوانين الجديدة ومازلنا نرقب التأكد من تحقيق هذه القوانين للمستهدف منها علي الصعيد الاجتماعي‏.‏
وفي هدا السياق‏,‏لاتفوتني الإشارة إلي دور الصندوق الاجتماعي للتنمية‏,‏ ومبادرة تشجيع القروض الصغيرة‏,‏ ودعم وتشجيع المشروعات الصغيرة‏.‏
بالطبع لاتزال هناك فئات معدمة‏,‏ غير أن الحفاظ علي دعم الغذاء والطاقة‏,‏ والزيادة في تمويل الرعاية الصحية من قبل الدولة‏,‏ واستمرار التعليم المجاني في جميع مراحل التعليم في مؤسسات الدولة‏,‏ ظلت في الأغلب الأعم ركائز السياسة الاجتماعية للحكومة‏,‏ بالإضافة إلي الخدمات الأخري‏,‏ وقد شغلت هذه الركائز جانبا كبيرا من موازنة الدولة‏.‏
لم يكن يكفي أن يرتفع حجم الناتج القومي وأن يتغير هيكل الاقتصاد‏,‏ وأن يرتفع حجم الصادرات ويزداد الفائض في ميزان المدفوعات‏,‏ فقد اقترن ذلك
في الوقت نفسه بازدياد البطالة وانتشار الفقر‏,‏ وتدني أوضاع المعيشة بالنسبة لعدد كبير من المواطنين‏.‏ وقد وضعت مصر نصب أعينها بعض تجارب دول العالم اقترن فيها نمو الاقتصاد بتردي أوضاع غالبية المواطنين‏,‏ كما حدث في البرازيل علي سبيل المثال‏.‏
ويهمنا في هذا الصدد أن نستخلص ثلاث حقائق كانت في بؤرة اهتمام البرلمان وهو يراقب عملية التحول الاقتصادي ويضع القوانين اللازمة لها‏,‏ وهي‏:‏
رعاية محدودي ومعدومي الدخل عند صياغة مختلف السياسات الاقتصادية‏,‏ حيث أوضح كثير من الدراسات التطبيقية أن التحول الاقتصادي وبرامج التكيف قد يصحبها تغيير وتوسع في خريطة الفقر والاندماج الاجتماعي‏,‏ بمعني تعزيز التماسك الاجتماعي‏,‏ خاصة بالنسبة للفئات المغبونة والمهمشة‏,‏ ويشمل ذلك علي وجه الخصوص‏,‏ النساء والأطفال والمعاقين والمسنين‏.‏
التشغيل المنتج‏,‏ وهو ما يعني الاهتمام بقضية البطالة وآثار التحول الاقتصادي علي تزايد معدلات نقص التشغيل‏,‏ ومن ثم تفاقم معدلات الفقر‏,‏ والاهتمام أيضا بأسس مشاركة الجميع في عملية التنمية وتطوير الأطر المؤسسة لها‏.‏
ومن ثم كان لمجلس الشعب عين باصرة ويد فاعلة لإصدار أو تعديل بعض القوانين‏,‏ ومراقبة المشروعات الداعمة لشبكة الأمان الاجتماعي أثناء عملية التحول الاقتصادي‏,‏ فعادة ما يؤدي التحول إلي اقتصادات السوق‏,‏ والاندماج المتزايد في السوق العالمي‏,‏ إلي زيادة تهميش فئات اجتماعية بعينها لا تقدر علي المشاركة في العمل المنتج‏,‏ مثل كبار السن‏,‏ والعجزة‏,‏ والأمهات المضطرات لرعاية الأطفال‏,‏ وهذه الفئات أحوج ما تكون للرعاية الاجتماعية‏.‏ ومن هنا تأتي أهمية بناء وتدعيم شبكات أمان اجتماعي كمؤسسات دائمة تسعي إلي التقليل من حدة الآثار الاجتماعية السالبة علي تلك الفئات الاجتماعية المهمشة‏,‏ وأهمية موافقة البرلمان علي رصد نسبة كبيرة من الموازنة لدعم الأسعار‏,‏ حتي تكون في متناول الطبقات غير القادرة‏,‏ فضلا عن البطاقات التموينية التي حصلت عليها فئات كثيرة من المجتمع‏,‏ وفتح منافذ كثيرة لبيع السلع بأسعار مخفضة للمواطنين ونرصد فيما يلي أمثلة للقوانين التي صدرت والمشروعات التي أقيمت في مجال الرعاية الاجتماعية‏:‏
‏(‏أولا‏):‏ نظام التأمين الاجتماعي الذي يغطي العاملين المدنيين بالدولة والخاضعين لأحكام قانون العمل الذين تتوافر فيهم شروط معينة‏(‏ القانون رقم‏79‏ لسنة‏1975),‏ والنظام الذي يغطي أصحاب الأعمال‏(‏ القانون رقم‏108‏ لسنة‏1976),‏ وأيضا قانون الضمان الاجتماعي رقم‏30‏ لسنة‏1977‏ وتعديلاته‏,‏ والذي يختص بالأرامل والمطلقات واليتامي وكبار السن والعاجزين وعائلات المسجونين‏.‏
وهناك كذلك القانون‏112‏ لسنة‏1980‏ الذي يغطي العمالة التي لا تشملها قوانين التأمينات والضمان الاجتماعي‏,‏ وتتراوح أعمار المستفيدين بين‏18‏ و‏65‏ سنة يساهمون باشتراكات رمزية‏.‏
‏(‏ثانيا‏):‏ هناك أيضا مشروع بنك ناصر الاجتماعي الذي بدأ العمل به في عام‏1971,‏ والذي أسهم في تقديم قروض للأفراد ذوي الدخل المحدود لتمكينهم من القيام بأنشطة انتاجية مدرة للدخل‏.‏ وفي تعديل قانون الأحوال الشخصية تم إلزام بنك ناصر بسداد قيمة النفقة المحكوم بها علي الزوج المطلق لسرعة رعاية المطلقة وأولادها‏,‏ وبعد ذلك يسترد البنك ديونه من المحكوم عليه‏.‏
‏(‏ثالثا‏):‏ وبالاضافة إلي ما سبق‏.‏ هناك أيضا بعض البرامج شبه المستقلة مثل الصندوق الاجتماعي للتنمية الذي بدأ ممارسة نشاطه في أوائل عام‏1991,‏ بناء علي اتفاقية بين الحكومة المصرية والبنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية ويتبع رئاسة مجلس الوزراء‏.‏
وقد تم إنشاء الصندوق كمؤسة مؤقتة تهدف لعلاج آثار عمليات الخصخصة‏,‏ من خلال تقديم القروض والمنح الهادفة إلي مواجهة الفقر وتنمية المجتمع المحلي‏,‏ اعتمادا علي عدد من البرامج تستهدف الخريجين الجدد والشباب الذين يعانون من البطالة‏,‏ والأسر الفقيرة‏.‏ وتتوزع هذه البرامج بين برامج تنمية المشروعات التي تسعي إلي مساندة المنشآت الصغيرة والحرفية‏,‏ وبرنامج الأشغال العامة الذي يدعم المشروعات ذات الكثافة في الأيدي العاملة‏,‏ وبرنامج تنمية المجتمع المحلي الهادف إلي تحسين الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم بالتعاون مع الجمعيات الأهلية‏,‏ وبرنامج التشغيل والتدريب‏,‏ ويهدف إلي مساعدة الخريجين الجدد وعمال القطاع العام الذين فقدوا وظائفهم‏,‏ وهناك في النهاية برنامج لتنمية القدرات الادارية والفنية للمشاركين في أنشطة الصندوق‏.‏
‏(‏رابعا‏):‏ ينتشر في مصر العديد من الجمعيات الأهلية المسجلة لدي وزارة التضامن الاجتماعي‏,‏ وتمارس هذه الجمعيات أنشطة اجتماعية متنوعة في مجالات الخدمات الطبية والتعليمية والرعاية الاجتماعية في مختلف محافظات مصر‏.‏ والرؤية الشاملة لهيكل شبكة الأمان الاجتماعي في مصر في ظل التحول الاقتصادي توضح أنه رغم الدور المهم الذي تضطلع به هذه الشبكة في مساعدة الأسر والأفراد الذين يتعرضون للفقر أو التهميش أو الاستبعاد‏,‏ علي تحمل النتائج السلبية لبعض التحولات الاقتصادية والاجتماعية‏,‏ فإن هذه الشبكة تعاني عدة مثالب‏..‏ فهناك المشكلات الشائعة التي عادة ما تعاني منها شبكات الأمان الاجتماعي في دول أخري‏,‏ مثل‏:‏ تدويم بعض الفئات المنتفعة‏,‏ وتسرب المنافع الناتج عن ضعف الاستهداف‏,‏ وسوء أساليب توصيلها‏.‏ يضاف إلي ذلك تشتت الجهات والمؤسسات والمبادرات المسئولة عن المساعدة الاجتماعية في صورة جزئيات منفردة لا يجمعها تصور واضح‏,‏ أو تخطيط متناسق يكفل كفاءة الأداء وفعالية النشاط‏.‏ لقد أدرك مجلس الشعب من أول وهلة لاتخاذ قرار التحول الاقتصادي‏,‏ أنه سوف يكون من الخطورة بمكان الاستسلام للوهم القائل بأن الآثار الاجتماعية للإصلاح الاقتصادي في مصر سوف تظل محدودة‏,‏ فهذا لا بتفق مع القراءة العلمية لمسار الإصلاح الاقتصادي في مجتمعات أخري مشاهبة لمصر‏.‏ ولا تفوتنا الإشارة إلي أن عدم محدودية التكلفة الاجتماعية للإصلاح الاقتصادي يرجع إلي مجموعة من العوامل‏,‏ جزء منها أننا إزاء تجربة جديدة‏,‏ وفي ظل هذه التجربة لا يمكن حساب ما تتحمله مختلف الفئات الاجتماعية بدقة‏,‏ والتجاوب مع تلك النتائج بالسرعة المطلوبة‏,‏ وجزء منها عائد إلي أننا نعيش في عالم مفتوح‏,‏ يتأثر في اقتصادنا بالأوضاع التي يمر بها العالم‏,‏ ولاشك أن ما مر به العالم من أزمة اقتصادية طاحنة تلقي بظلالها حتي اليوم علي الاقتصاد الدولي‏,‏ من المسائل التي أثرت علي الاقتصاد المصري‏,‏ وهذه الأوضاع بعضها يؤثر علينا سلبا‏.‏
جزء من مشكلتنا هو تلك المساحة التي يجب ملؤها بين الدولة والمواطنين‏,‏ في الفكر والتشريعات والمؤسسات وأنظمة العمل وتغيير الثقافات‏,‏ مع الاعتياد علي النظام الاقتصادي المركزي لعقود طويلة واكبت ثقافة مركزية ظلت لآلاف السنين‏.‏ وجزء آخر من مشكلتنا يعود إلي عدم القدرة علي تحديد ساحات فض الخلاف السياسي أو التعبير عن الرأي بالطرق الموضوعية‏,‏ فيتم اللجوء إلي تشويه ما تحقق من نتائج دون القدرة علي تحديد مساحات الاختلاف وحدود الاختلاف‏.‏
وكل تلك الأمور في حاجة إلي جهد كبير من جانب كل المؤسسات‏.‏ وأعتقد أن منظمات المجتمع المدني تتحمل مسئولية كبري في هذه الآونة‏,‏ لأنها هي التي تملأ المساحات بين الدولة والمجتمع في مثل هذه الحالات الناشئة الجديدة‏.‏ انها تمثل جسور التواصل وتوصيل المطالب والتوعية بالسياسات‏,‏ لذلك لم يكن مفاجئا أن يأتي تقرير التنمية البشرية لمصر عام‏2008‏ ليلفت الانتباه إلي دور منظمات المجتمع المدني‏,‏ ويدعوها للشراكة مع الحكومة والقطاع الخاص‏,‏ باعتبارهم شركاء أساسيين في التنمية‏,‏ وليوضح جوانب الشراكة القائمة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني في تخفيف حدة الفقر‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.