وبينما تخوض قواتنا المسلحة الباسلة معاركها الاقدس ضد الارهاب فان مصر تدرك اهمية العامل الاقتصادي, فعلي مدار تاريخ مصر الحديث فان مدركات الامن القومي, و الاعتبارات الجيو سياسية هي التي حددت دور مصر الاقليمي و العالمي, ومصر الجديدة من اجل تحقيق مصالحها القومية وصيانة دورها الاقليمي والعالمي فانها تعيد تعريف وتشكيل سياستها الخارجية و الامنية عبر التركيز علي العوامل الاقتصادية الداعمة لهذا الدور. فالقدرات الاقتصادية تدعم الاهداف السياسية و الدور الاقليمي في شكل الدولة القائد. ولذا فانها تتبني فكرة تسخير السياحة كأداة من أدوات الازدهار الاقتصادي ووفقا للدراسات العالمية الموثوقة, فمن المتوقع أن ينمو قطاع السياحة في العالم بمعدل يبلغ6.9% في المتوسط خلال السنوات العشر القادمة. ومن المتوقع أن يزيد العائد السياحي العالمي ويرتفع من5.7 ترليون دولار في عام2010 إلي11.1 ترليون في عام.2020 مثل هذا النمو الكبير سيؤدي إلي زيادة في معدلات العمالة, و من المتوقع أن يزيد عدد القوي العاملة في القطاع السياحي الدولي من260 مليون شخص في العام2011 إلي320 مليونا في عام.2021 إذن فالسياحة تعد من أفضل الأدوات التي تساعد في زيادة وتعزيز معدلات العمالة, كما أن أكثر من83% من عائدات السياحة تكون بالعملة الصعبة في حين أن النسبة في بقية القطاعات الصناعية لا تزيد علي67%. وتمثل عائدات السياحة6.7% من إجمالي الناتج المحلي, وتمثل30% من صادرات الخدمات الصناعية, وتوفر وظائف لأكثر من75 مليون شخص. و السياحة يمكن أن تكون أداة سحرية لتذليل الأزمات إذا ما تم توظيفها التوظيف الصحيح. ومن ثم تتواصل الجهود المصرية لاجتذاب السائح الي مصر بحكم ان مصر عطية السماء للعالم فمصر تتمتع أصلا بجمال طبيعي لافت وبأماكن سياحية جذابة, ومواقع ذات قيمة أثرية وتاريخية وطبيعية وموقع مصر الجغرافي كوسط العالم اقرب وجهة للسائح من كل العالم مع وقوعها علي البحرين الأحمر والمتوسط, وهي تمتلك معظم آثار العالم القديم. ولكن مصر لم توظف هذه الأماكن التوظيف الصحيح بكل أسف حتي الآن, مما جعل دولا فقيرة في الجاذبية السياحية تحتل مكانها علي الخريطة السياحية ومصر امامها فرصة العمر للاستفادة من نزعة عالمية تنزع إلي ما يمكن تسميته السياحة التفاعلية. فبسبب انتشار التعليم والثقافة صار للكثيرين في العالم رغبة في معرفة أنفسهم ومعرفة العالم من حولهم واستكشاف ثقافات وصور وأشكال حياتية جديدة واكتساب تجارب مختلفة ومتفردة. السائحون من كبار السن وذوي الإمكانيات المالية الممتازة صارت لهم رغبات أكبر في السياحة والانفتاح علي العالم والمغامرة. كما صارت السياحة أحيانا ضربا من ضروب المعالجة النفسية والروحية, حيث صار البعض يتجه للبحث عن وسائل الراحة والطمأنينة والهدوء والراحة النفسية في المصايف البعيدة والمنتجعات وعن طريق التأمل وممارسة اليوجا والمكوث في المعابد القديمة. لم تعد السياحة هي ذلك الشكل القديم من الإنفاق ببذخ وتبذير واستهلاك غير منضبط, بل صارت هناك مفاهيم ومصطلحات سياحية جديدة سائدة تأخذ في الاعتبار أشياء عديدة مثل التلوث والتصحر والتباين الثقافي والسياحة العادلة وما شابه. ولا بد من أن تأخذ مصر كل تلك المتغيرات في الاعتبار وهي تتجه لجعل السياحة محرك نمو اقتصادي جديد وفاعل. لا بد من وضع أسس جديدة لضمان وجود سياحة عادلة وتفاعلية وثقافية وفنية في آن واحد, والتركيز علي الأسس والمفاهيم السياحية واللغة السياحية الجديدة التي بدأت تسود العالم الآن. كل هذه أشياء تحتاج لدراسة وافية وتحليل علمي واستخلاص للنتائج ووضع التوصيات اللازمة والعمل علي تنفيذها بالشكل الصحيح. هذه أشياء مطلوبة وضرورية لتوفير الاكتفاء للسائح وإغرائه بزيارة مصر وتزكيتها كوجهة سياحية لأصدقائه ومعارفه. خبير في الشئون السياسية والإستراتيجية