نشرت "العالم اليوم" يوم الخميس الماضي موضوعاً بالغ الأهمية يتحدث عن وجود مؤشرات لانخفاض في حجوزات الفنادق أوائل العام المقبل بنسبة تصل إلي 40% تقريبا مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. أرجع الخبراء ذلك الانخفاض إلي تداعيات الأزمة المالية لتفضيل بعض السائحين الذهاب إلي دول أخري بسبب انخفاض أسعار الطيران لهذه الدول بمعدل 50% عن تذكرة السفر إلي المدن المصرية. اتفقت غرفة السياحة علي أنها رغم ذلك ستؤيد الدعوة التي أطلقها وزير السياحة بعدم تخفيض الاسعار تحت أي ظرف من الظروف..! طالب الجميع في النهاية كحل للأزمة بوجود حوافز جديدة لقطاع السياحة لتقليل الخسائر من تداعيات الأزمة العالمية..! يبدو أننا سندخل دائرة جديدة من المزايدة والتلويح بالأزمة الاقتصادية العالمية للحصول علي مكاسب لم تكن متوقعة أو في الحسبان. فإلقاء اللوم علي الأزمة الاقتصادية العالمية كسبب رئيسي لانخفاض الحجوزات بالفنادق المصرية قد يكون صحيحا إلي حد ولكنه ليس سببا رئيسيا لهذا الانخفاض أو لالغاء بعض الحجوزات لمصر أو لتراجع البعض عن قرار السفر إلي مصر. فالدولة التي تنافس مصر سياحيا قد تكون أسعارها أعلي كثيرا من مصر في الفنادق والأسعار، ولكن ما تقدمه للسائح من خدمات وتسهيلات يفوق ما يتم تقديمه للسائح في مصر الذي يتعرض لكثير من المضايقات والاستغلال أيضا ما يجعله يفكر كثيرا قبل العودة مرة أخري وقبل تقديم النصيحة لآخرين للقدوم لزيارة مصر. وقد أصبحت حوادث السيارات المتلاحقة للسائحين والتي فاقت كل المعدلات تسبب رعبا هائلا لشركات السياحة العالمية ويكفي أن وزارة الخارجية الامريكية قد قدمت تحذيرات لمواطنيها القادمين إلي مصر من خطر الحوادث المرورية والنظام المروري كله في مصر..! وأصبح الازدحام الهائل في شوارعنا والذي يجعل من حركة الانتقال من مكان لآخر أمرا بالغ الصعوبة والمعاناة سببا آخر يقف عائقا أمام السياحة السريعة التي تنظمها بعض الشركات للسائحين علي أمل أن يزوروا معالم القاهرة السياحية في يوم واحد أو يومين وهو أمر أصبح متعذرا إن لم يكن مستحيلا..! وحدث ولا حرج عن الاستغلال في الفنادق والمنشآت السياحية، وعن الأسعار التي لا مثيل لها في دول مماثلة منافسة، وعن جيوش المتسولين التي تلاحق السائح من المطار إلي الفندق مرورا بكل مكان يذهب إليه..! ويضاف إلي هذا أننا لا نملك الثقافة المناسبة للتعامل مع السائح ولكي نجعل هذا البلد سياحيا في مقدمة الدول السياحية في العالم. فلا توجد دولة في المنطقة تملك ما تزخر به مصر من مقومات ومعالم سياحية سواء كانت فرعونية أو إسلامية أو قبطية ويكفينا منطقة مثل القلعة بكل ما فيها من مساحد وآثار لكي تكون مزارا سياحيا علي مدي العام، ولكنها منطقة تفتقر إلي كل مقومات الجذب السياحي، والدخول إليها مغامرة محفوفة بالمخاطر ولا توجد بها خدمات أو دورات مياه عمومية أو وسائل وأماكن لراحة السائح. ومنطقة مثل "الأهرام" بكل ما تحويه من تاريخ وسحر وغموض أصبحت تحت سيطرة مجموعة من الدخلاء علي السياحة الذين فرضوا قوانينهم الخاصة في الغش واستغلال السائح بأي شكل وبأي طريقة. إن هناك حملة توعية جيدة تبث حاليا علي احدي محطات الاذاعة وهي تدعو إلي الاهتمام بالسياحة علي أساس أنها خير لنا جميعا، ولكن هذه الدعوة وحدها غير كافية إذ لابد أن تصاحبها حملات توعية أخري في المدارس والجامعات والنوادي وفي مختلف وسائل الاعلام لكي يدرك الجميع أن صناعة مستقبل أفضل لنا جميعا ترتبط بزيادة عائدات السياحة وتحويل مصر لأن تكون بلدا سياحيا من الطراز الأول، وأن هذا لن يكون إلا بحسن معاملة السائح وتوفير وسائل الراحة له واحترام ثقافته وعاداته. إن قطاع السياحة يبحث دائما عن الحوافز والتسهيلات ويركز دائما في ذلك علي السائحين القادمين من الخارج لتنشيط هذا القطاع، ولكنه في ذلك لم يتخذ أي خطوات نحو تشجيع السياحة الداخلية ونحو ايجاد حوافز للمصريين لزيارة المناطق السياحية الجديدة في بلادهم والاقامة بالفنادق الكثيرة المتواجدة في هذه المدن السياحية. ويبدو في هذا أن قطاع السياحة هو أيضا من القطاعات التي لا تنظر إلي المصري بتقدير كبير في بلاده فالمصري يدفع أسعارا عالية عند التوجه للإقامة بهذه القري والمدن السياحية ولكنه يحصل علي خدمة متدنية وأحيانا يشعر أنه غير مرغوب فيه وأن هذه الأماكن مخصصة للأجانب فقط..! ان السياحة سوف تكون خيرا لنا جميعا إذا عرفنا كيف تكون بلدا سياحيا لنا جميعا أيضا..! [email protected]