من أكبر مظاهر الحب الإلهى للإنسان إرسال الرسل وإنزال الكتب، وقد تجلت فى النبى الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قمة هذا الحب الإلهي، حيث جعله الله رحمة للعالمين، ومن الآيات القرآنية التى تلفت الانتباه إلى أثر الهدية العظمى ببعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قول الله تعالي: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِى ضَلالٍ مُبِينٍ} آل عمران- 164. وتشير الآية من بين ما تشير إلى الوسائل التى حول بها النبى صلى الله عليه وسلم المجتمع الذى بعث فيه وأرسل إليه، وإن الإنسان العاقل ليقف منبهرًا أمام عظمة هذا التغيير الذى حوَّل المجتمع الجاهلى الذى ضربت فيه البداوة بجذورها إلى مجتمع حضارى ساد الدنيا كلها، وكانت له المقدمة بين الأمم. وبهذه الوسائل التى أنعم الله بها على هذا النبى وأمته أحدث النبى صلى الله عليه وسلم أعظم إنجاز حضارى ليس لهذه الأمة فقط، ولكن للبشرية كلها، حيث كانت الفتوح التى خلصت الناس من ظلم الاستعمار وطغيانه، وتحدد الآية وسائل صنع حضارة خير أمة وهى آيات القرآن والسنة المطهرة التى سماها الله فى الآية حكمة . وأنت معى أخى المؤمن ترى وسائل الإنجاز الحضارى فى القرآن والسنة متوافرة بين المسلمين، فمثلا المصاحف على مستوى العالم مكتوبة ومسموعة، وكتب السنة كذلك، ومئات الآلاف من الدراسات حول القرآن والسنة تملأ رفوف المكتبات. والسؤال الذى يطرح نفسه: ما الذى غاب عن منظومة الحضارة؟ لماذا تخلفنا وتقدم غيرنا؟ وبقدر يسير من التأمل يظهر لك أن الذى غاب عن منظومة الحضارة هو الإنسان القرآني. فحياتهم رضى الله عنهم كانت قرآنًا يمشى على الأرض، والذى يبقى هو: أن نعمل بالقرآن وبالسنة، والحلقة المفقودة هى تحويل القرآن إلى واقع نعيشه، فإن الله تبارك وتعالى قضت سنته فى الكون أنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.