نعيش الآن فصل الشتاء الذي يتميز بنهاره القصير والدافئ وليله الطويل البارد مما يدفع الناس والكائنات إلي السكون ليلا خشية البرد القارس وهذا مايعرف بالبيات الشتوي. ولكن الشتاء للمسلم يجب أن يكون ربيعا. لأن في فصل الربيع تعود الحياة من جديد للكائنات من حيث الحركة والنمو والإزهار وتخرج من بياتها الشتوي إلي الإنطلاق. ولماذا الشتاء يكون ربيعا للمسلم؟ لأن نهاره قصير فيسهل صومه وليله طويل فمن السهل قيامه. أي أن المسلم أصاب نهارا وليلا وكما قال عليه الصلاة والسلام الشتاء ربيع المؤمن طال ليله فأقامه وقصر نهاره فصامه. ومن ثم وجب اقتناص فترة فصل الشتاء في الإكثار من تلك الطاعة لما لها من تأثير علي حياة المسلم في الدنيا والآخرة وكما يقول أحد الصالحين. قيام الليل يحط الذنوب وينور القبور ويحسن الوجه ويذهب الكسل وينشط البدن وتري الملائكة موضعه في السماء كما يتراءي الكوكب الدرس لنا من السماء. وعندما كنت طالبا بالجامعة تعرضت لمشكلة كبيرة وعرضتها علي شخص آخر بعد أن عجزت عن حلها من باب التشاور حيث إنك إذا شاورت رجلا ملكت عقله. فأخبرني بأن حلها بسيط. وعندما لاحظ ملامح الحزن والغضب علي وجهي إعتقادا مني أن يسخر أو يهزأ بي. فسارع قائلا: إذا أردت حلا للمشكلة عليك بركعتين ومعهما دمعتين الساعة إثنين بالليل. وأضاف أن الله تبارك وتعالي في الثلث الأخير من الليل يحب أن يسمع شكوي ومظالم ومطالب العباد. فهل عرضت مشكلتك التي تؤرقك علي من بيده ملكوت كل شئ؟ ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام ينزل ربنا تبارك وتعالي إلي السماء الدنيا كل ليله حين يبقي, ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجب له.. من يسألني فأعطيه.. من يستغفرني فأغفر له حتي ينفجر الفجر. وقال عليه السلام إن في الليل ساعة لايوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرا إلا آتاه إياه وذلك كل ليله. الرسول عليه الصلاة والسلام يدلنا علي سبب من أسباب قضاء الحوائج وفك الكربات وتقوية الأبدان وراحة البال وعلاج النفس من الضغائن والأمراض. إذ يقول عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلي الله تعالي ومنهاة عن الأثم وتكفير للسيئات ومطردة للداء من الجسد. ولذلك كان الصحابة رضي الله عنهم رهبانا بالليل فرسانا بالنهار. حيث قيام الليل يعطي قوة في القلب وقوة في البدن. قال عليه السلام يعقد الشيطان علي قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب علي كل عقده: عليك ليل طويل فارقد. فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقده. فإن توضأ إنحلت عقده فإن صلي انحلت عقده كلها فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان. وذكر عن النبي عليه الصلاة والسلام رجل نام حتي أصبح فقال رجل بال الشيطان في أذنيه. وكما يقولون يصبح يخانق دبان وشه. وقد كشف العلم الحديث الكثير من الفوائد الصحية للاستيقاظ من النوم والصلاة في الثلث الأخير من الليل علي وظائف أعضاء الجسم وعلي النفس البشرية وقايه وعلاجا.