ترتبط مؤسسة القضاء ارتباطا وثيقا بمفهوم العدالة, فهي المؤسسة المسئولة عن إعادة الحقوق لأصحابها, وحماية الملكيات والحقوق, وضمان العدالة الاجتماعية, إلا أن قضية بطء إجراءات التقاضي التي تحولت إلي ظاهرة, تسببت فيما يعرف ب العدالة البطيئة, وهي نوع من أنواع الظلم الذي يتحقق للأسف بسبب إجراءات لا يجب التردد في تعديلها في أسرع وقت ضمانا لأمن واستقرار المجتمع, والحفاظ علي هيبة منظومة العدالة. القضية حظيت بالعديد من المناقشات المتخصصة, وعقدت من أجلها عدة مؤتمرات, كما جري تخصيص دوائر لنظر قضايا الإرهاب, وكذلك تخصيص محاكم للأسرة, وأخري اقتصادية, ورغم ذلك مازلنا نعاني من بطء إجراءات التقاضي. وخلال مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي في الاحتفال بعيد القضاء, تصدرت قضايا الإصلاحات التشريعية وتطوير منظومة العدالة, المناقشات التي جرت في الاجتماع المغلق بين الرئيس والقضاة, مما يعني أننا سنشهد خلال الفترة المقبلة تحركات مكثفة من أجل إنجاز إصلاحات تشريعية, تتفق مع الدستور وتكفل تحقيق التطوير المنشود لمنظومة العدالة, الذي يجب أن تكون في مقدمة أهدافه علاج بطء إجراءات التقاضي. الأمر يتطلب دراسة الإجراءات التي تبدأ من رفع الدعوي إلي تنفيذ الحكم وما تحتاجه من تعديلات لقوانين مثل المرافعات والإجراءات الجنائية, إلي جانب إدخال العنصر التكنولوجي في منظومة القضاء, من خلال ميكنة المحاكم والبدء في تنفيذ نظام التقاضي الإلكتروني لكل القضايا. ولعل الفرصة تكون مواتية لأن تنال هذه القضية المهمة ما تستحقه من مناقشات ومقترحات, خلال المؤتمر الذي يعتزم نادي القضاة تنظيمه بشأن تعديلات التشريعات والقوانين تمهيدا لتقديمها للبرلمان لإصدارها, خاصة أن المستشار عبد الله فتحي, وكيل نادي القضاة ونائب رئيس محكمة النقض أعلن أنه سيتم تلقي المقترحات من جميع الهيئات القضائية وتشكيل لجان قضائية لدراستها, ومعرفة مدي اتفاقها مع الدستور الجديد, لأن الهدف هو إصلاح منظومة العدالة وسد جميع الثغرات القانونية التي يتسبب فيها القصور التشريعي. المطلوب الآن من شيوخ القضاة أن يقدموا الحل العملي والقانوني للتغلب علي ظاهرة بطء إجراءات التقاضي من واقع خبراتهم العملية.. فهناك العديد من القضايا قد يستغرق نظر بعضها عدة سنوات, وبالطبع لا يمكن وضع اللوم علي القضاة, فمنهم من يفترض أن ينظر في يوم واحد عشرات القضايا, وهو أمر يفوق قدرات البشر. لا شك أن القاضي هو حجر الأساس الذي يقوم عليه بنيان العدالة, إلا أنه يحتاج إلي الأدوات اللازمة والنظم الملائمة لتحقيقها, بدءا من المحاكم وتجهيزها, والجهاز الإداري المدرب الذي يعاونه في أداء رسالته, وحتي النظم التي تكفل جودة الأداء وسرعة الانجاز, والعدد المناسب من القضايا المطلوب الفصل فيها في الزمن المحدد بما يحقق العدالة الناجزة. علينا أن ندرك أهمية التعامل مع الإصلاح والتطوير الدائم لمؤسسة القضاء, فبدون هذا التطوير تتراجع هيبة القضاء وتضيع الحقوق ويتهدد الاستقرار. [email protected]