عندما دعت أمريكا لإنشاء التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن يحارب التحالف كل الجماعات الإرهابية, ولا يقتصر علي داعش فقط, وهاهو يطالب كل دول العالم بأن تتفق جميعا علي إغلاق البوابات الدعائية لجميع التنظيمات الإرهابية, خاصة مواقع التواصل الاجتماعي علي شبكة الإنترنت. وكما قال سامح شكري, وزير الخارجية: إنه إذا صدقت الدول الأوروبية في حربها ضد الإرهاب فعليها أن تتعاون أمنيا وسياسيا مع مصر في تسليم الإرهابيين المطلوبين علي قوائم الإنتربول. لا يوجد إرهاب جيد وآخر رديء, فالإرهاب يقتل بشرا في كل مكان, ولا يمكن الصمت علي ازدواجية معايير الغرب تجاه الإرهاب, وليس خافيا أن عددا من دول أوروبا وأمريكا تقدم أنواعا مختلفة من الدعم للجماعات الإرهابية, ولا ننسي كيف راوغت الولاياتالمتحدة في تسليم مصر الطائرات المروحية من طراز أباتشي, التي يحتاج إليها الجيش المصري في ضرب معاقل الإرهابيين في سيناء, والضغوط التي ظلت تمارسها لصالح جماعة الإخوان الإرهابية. لقد أعلنت مصر تضامنها مع فرنسا فور وقوع العملية الإرهابية ضد الصحيفة الفرنسية, لأن موقفنا واضح ومتسق في مواجهة كل جماعات الإرهاب, وهو ما نطالب به أوروبا وأمريكا, التي آن لها أن تراجع مواقفها, وأن تعترف بأخطائها, وأن تعرف أن ازدواجية المعايير, والتغاضي أحيانا عن الإرهاب أو مساعدته قد يلحق الضرر بمصالحها وأمنها, فالإرهابيون أيضا مراوغون, وتنقلب مواقفهم, مثلما حدث مع تنظيم القاعدة, الذي شجعته ودعمته الولاياتالمتحدة عندما كان يحارب الاتحاد السوفييتي في أفغانستان, ثم انقلب علي الأمريكان ودول أخري قدمت له الدعم العلني أو المستتر. ومن بين الأخطاء الأوروبية هو أن ترد بعض صحفها علي الإرهاب بإعادة نشر الرسوم المسيئة لرسولنا الكريم, مثلما فعلت بعض الصحف الدانمركية, لتثير غضب المسلمين هناك, وتقع بعض أحداث الشغب والمظاهرات ضد هذا السلوك الشائن, فمواجهة الإرهاب لا تكون بالإساءة إلي الإسلام ولرسولنا الكريم, بل إن إعادة نشر هذه الرسوم يخدم الجماعات الإرهابية, ويمنحها مبررا لأعمالها الإجرامية, ويوسع من دائرة الغضب ضد الأوروبيين, ويمنح الإرهاب حواضن شعبية في أوساط بعض المسلمين في هذه الدول. نجد الآن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي علي اتصال دائم لبحث سبل تقييد حقوق حرية الحركة وتكثيف الرقابة علي الحدود لوقف عودة الإرهابيين إلي أوروبا بعد اشتراكهم في القتال في سوريا أو العراق, بينما كانت هذه الدول تغض الطرف عن سفر هؤلاء الإرهابيين إلي العراقوسوريا, بل هناك معلومات عن تقديم تسهيلات لسفر هؤلاء الشباب للقتال, وظهرت نظرية عش النمل التي تقول إن إخراج هؤلاء الإرهابيين وتجميعهم في سورياوالعراق سيسهل القضاء عليهم, إما بإدخالهم في حروب مع أطراف أخري معادية لأمريكا وأوروبا, فيقضي كل منهم علي الآخر, أو بشن حرب عليهم في هذه المناطق البعيدة عن أراضيهم, غير أن نظرية عش النمل ثبت فشلها, فالإرهابيون عند تجمعهم يتوالدون, ويضمون أعدادا كبيرة تتدرب علي التفجير والقتل, ويتحول عش النمل إلي أعشاش كثيرة, يصعب السيطرة عليها أو إيقاف تكاثرها, وتتسلل الي مناطق أخري لتقيم أعشاشا جديدة. الطريق إلي مكافحة الإرهاب بشكل حقيقي يستدعي وضع معايير واضحة للإرهاب, ومواجهته بشكل جماعي, وبكل سبل المواجهة, وأن تتوقف الولاياتالمتحدة عن تنفيذ إستراتيجية الفوضي الخلاقة التي خلفت لدينا عشرات الآلاف من القتلي وملايين المشردين, فالفوضي لا يمكن أن تكون خلاقة, وإنما تهدم وتقتل, ويتحول خلالها آلاف الشباب ممن فقدوا مدارسهم وجامعاتهم وعملهم إلي قتلة مأجورين, أو إرهابيين محترفين. إطفاء مناطق النزاع والحروب بحلول عادلة هو الكفيل بتحجيم الإرهاب وتجفيف منابعه.. إنه عالم واحد, لا ينبغي إشعال جزء منه, بدعوي تأمين الجزء الآخر, فالشرر يتطاير سريعا في عصر العولمة.