أخيرًا تنبهت أمريكا ودول أوروبا إلى خطر «داعش».. طوال فترة صعود هذه الجماعة الإرهابية وغيرها من التنظيمات المشابهة، كانت التحذيرات تتوالى من الخطر.. وكانت أمريكا والدول الأوروبية تدعى أنها لا ترى ولا تسمع، وإذا تكلمت فلكى تتهرب من المسؤولية فقط!! الآن تنتفض بريطانيا وفرنسا وغيرهما من الدول الأوروبية، تطالب بالتحرك لمواجهة الكارثة.. وترسل أمريكا طائراتها لمعاونة أكراد العراق، ويظهر أوباما ليتحدث عن استراتيجية طويلة المدى للمواجهة، وأمس خرج وزير الدفاع الأمريكى ورئيس الأركان لكى يعلنا أن «داعش» أخطر من «القاعدة»، وأن أمريكا ليست بعيدة عن الخطر الذى قد يداهمها فى عقر دارها، كما حدث فى 11 سبتمبر!! التاريخ يكاد يعيد نفسه.. كما دربت أمريكا وسلحت بن لادن ورفاقه ليساعدوها فى حروبها وليقيموا تنظيم «القاعدة» ثم ينقلبوا فى النهاية على الراعى الأمريكى، يحدث الأمر نفسه مع «داعش» وشبيهاتها من منظمات التطرف والإرهاب التى تم زرعها فى المنطقة تحت عين أمريكا، وبدعم حلفائها وعملائها من الدول وأجهزة المخابرات، وتم غض البصر عن كل جرائمها فى حق شعوب ودول المنطقة، حتى انقلب السحر على الساحر، وأصبحت «داعش» خطرا على المصالح الأمريكية والأوروبية، بعد أن كانت فى خدمتها.. وهنا فقط تحركت واشنطن وتحركت معها العواصم الأوروبية!! كانت الفكرة المسيطرة على واشنطن وحلفائها أن وجود «داعش» ومثيلاتها من المنظمات الإرهابية سوف يستنزف المنطقة فى حروب طائفية ومذهبية توفر الفرصة لتغيير خريطة المنطقة وفقا لمصالح أمريكا وحلفائها.. كما أن وجود «داعش» ومثيلاتها سوف يكون فرصة لتجميع قوى الإرهاب «بمن فيهم رعايا أمريكا وأوروبا أنفسهم» لينخرطوا فى ما يعتبرونه جهادا مقدسا فى سورياوالعراق وليبيا «وسيناء قبل أن نحررها»، ليبتعد الخطر قدر الإمكان عن أمريكا وأوروبا، وتجرى أنهار الدماء العربية جريا وراء أوهام الخلافة، أو لحماية الغرب من إرهاب زرعه بيديه! فى هذا الإطار دمروا العراق وتركوه تحت نفوذ إيران وأورثوه نظاما طائفيا لا بد أن ينتج اقتتالا أهليا.. وفى هذا الإطار تركوا «داعش» ومثيلاتها تنمو فى سوريا ثم تنتقل إلى العراق لتقيم «دولتها» وتنشر إرهابها وتقتل المسلمين والمسيحيين والأقليات، ولم يتحركوا إلا بعد أن أصبحت مصالحهم فى «كردستان» تحت التهديد!! وفى هذا الإطار تم تدمير ليبيا وتركها نهبا لعصابات الإرهاب التى حاولوا زرعها أيضا فى سيناء تحت حكم «الإخوان»، ولولا 30 يونيو لكانت المأساة قد اكتملت هنا، وكانت الوقاحة بأشد درجاتها أن يحاول هؤلاء «معاقبة» مصر لأنها أسقطت حكما إرهابيا!! وأن يفرض عليها الحصار وتمنع عنها الأسلحة وهى تخوض حربا مصيرية ضد إرهاب كان يريد استيطان سيناء ونزعها من أحضان الوطن، وضد عصابات إجرامية أعلنت الحرب لهدم الدولة وللثأر من الشعب والجيش لأنهم أنقذوا مصر من مصير نشاهده الآن فى مأساة العراقوسوريا وليبيا التى «نجحت» فيها أمريكا وحلفاؤها فى تنفيذ مخططاتهم.. ليكتشفوا بعد ذلك أن هذا «النجاح» يحمل فى طياته بذور الكارثة التى تقترب منهم!! الآن فقط.. تكتشف أمريكا ودول الغرب أن «داعش» أخطر من «القاعدة»!! وتعلن واشنطن أن هناك 12 ألف أجنبى يقاتلون فى صفوف هذه التنظيمات الإرهابية فى سوريا وحدها!! وتعرف أوروبا أن مواطنيها العائدين من سورياوالعراق لن يعودوا ليرقصوا التانجو، بل ليفعلوا ما فعلوه عندنا، ولكى ينشروا الخراب والدمار، ويثبتوا مرة أخرى خيبة السياسات التى كانت تتصور أن زرع الإرهاب فى بلادنا سيبعده عن أوروبا وأمريكا، أو أن «داعش» وأخواتها لن تكرر ما فعلته «القاعدة» قبل ذلك!! الآن.. يقولون إنهم اكتشفوا مؤخرا أن «داعش» أخطر من القاعدة.. ومع ذلك فعلينا أن ندرك أن المسؤولية ستبقى على عاتقنا، وأن إنقاذ المنطقة من هذا الوباء لن يتم إلا بأيدينا.. الأخ أوباما يريد أن يحارب دون أن يحارب!! وأوروبا تريد حماية نفسها لا مساعدتنا على اقتلاع جذور الإرهاب الذى عقدوا الصفقات مع عصاباته.. بدءا من «الإخوان» إلى «داعش»، وإيران تطلب ثمن تعاونها بمزايا فى الملف النووى، وتركيا «عضو الناتو» أعلنت الحياد مع «داعش» والتحالف مع «الإخوان»!! ولا يبقى إلا التحالف العربى بقيادة مصر والسعودية، الذى أنقذ الموقف بعد 30 يونيو، والذى يمثل قاعدة ارتكاز أساسية لموقف عربى يعرف أن التخلص من إرهاب «داعش» و«الإخوان» ليس إلا مقدمة للتخلص من إرهاب إسرائيل ومن تآمر أمريكا وحلفائها وأذنابها الذين يرعون الإرهاب ليقتلنا، ولا يواجهونه إلا إذا أصبح خطرا عليهم!!