لاشك أن زيادة المنافسة الجيوسياسية على المستوى العالمى أدت إلى عالم أقل قابلية للتنبوء بما سيحدث فيه غدا، فعلى صعيد العلاقات الروسية الغربية فرغم الكراهية المتأصلة بين الجانبين فإن هناك أيضا مجالات للتعاون بينهما أبرزها الملف النووى الايرانى إلى جانب التعاون فى ملف الارهابيين الاجانب، وعمليات حفظ السلام فى افريقيا. وتظل علاقات الصين مع جيرانها أيضا متوترة بما ينذر بأزمة فى الشرق أو فى بحر الصينالجنوبى. هناك أيضا الصراع بين إيران والمملكة العربية السعودية خاصة مع تنوع معالم العنف بين السنة والشيعة فى منطقة الشرق الأوسط بأكملها، كما ان القوى السنية الرئيسية هى نفسها مقسمة ما بين السعودية والإمارات ومصر من جهة، وقطر وتركيا من جهة أخرى، وهناك أماكن أخرى فى القارة الأفريقية حيث تتزاحم القوى المختلفة فى الصومال كما أخذت الحرب فى جنوب السودان بعدا أقليميا على نحو متزايد، وكانت جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ فترة طويلة مكانا للمنافسة ما بين جيرانها على النفوذ والموارد. التنافس بين القوى الكبرى والإقليمية ليس شيئا جديدا بطبيعة الحال، ولكن العداء بين القوى الكبرى قد أحبط مجلس الأمن للأمم المتحدة فى إتخاذ قرارات بشان أوكرانياوسوريا، مما يحول تلك البؤر إلى اماكن خصبة للحروب الأهلية مما يجعل حل الصراعات بها أكثر تعقيدا. ففى العراقوسوريا لا تزال البلدين مؤهلتين للمزيد من الصراعات والحروب، فعلى الرغم من الاطاحة بالمالكى لصالح حيدر العبادى مازال الحكم أكثر شمولية ولاتزال القوى الشيعية التابعة لايران تؤثر على عملية صنع القرار فى بغداد، كما ان تدخل الغرب لدعم الفصائل الكردية أشعل التوترات داخل العراق، وفى سوريا لايزال تنظيم داعش يقاتل القوات الحكومية والمتمردة على حد سواء وسط تراجع القوى المعتدلة. وبالنسبة لاوكرانيا قد ينمو الاضطراب بها سريعا إذا ما ارادت موسكو ان تثير الامور، ربما لفتح الطريق البرى إلى شبه جزيرة القرم من خلال جنوب شرق أوكرانيا. الرئيس الاوكرانى بترو بوروشينكو يدرك أن الإصلاحات الاقتصادية والسياسية الملحة هى امور حاسمة للاستقرار الاوكرانى على المدى الطويل ومع ذلك فانه يتحرك ببطء لتنفيذها. وعلى المدى القصير، فان المهام الرئيسية للمجتمع الدولى هى للفصل بين الأطراف المتحاربة، وتشجيع كييف للوصول إلى المواطنين فى الشرق، وضع الحدود الأوكرانية الروسية تحت سيطرة المراقبين الدوليين بالكامل، وتحول الصراع تدريجيا من المواجهة إلى المفاوضات السياسية. وبالنسبة لجنوب السودان فان الجماعات المسلحة منقسمة ومتفككة، وكثير منها الآن أصبح أبعد من سيطرة الرئيس سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار، بما يؤدى الى تأجيج الصراعات الثانوية التى تتطور فى ظل الحرب الأهلية المستعرة هناك من الاساس. وتشير بعض التقديرات إلى أن الحرب قد أدت الى سقوط ما يصل إلى 50000 قتيل وما يقرب من 2 مليون نازح. وتواجه نيجيريا عاصفة فى عام 2015، تتركز على تمرد وحشى من قبل الحركة الاسلامية المعروفة باسم (بوكو حرام ) التى ألحقت الخراب بأجزاء من الشمال وخصوصا فى شمال شرق البلاد الفقير، واستولت على مجموعة متزايدة من الاراضى فى الصيف الماضى، وامتدت هجماتها الى الكاميرون المجاورة ويمكن أن تتحول الى النيجر وتشاد وقد ترك الصراع أكثر من 13 ألف قتيل وتشريد نحو 800 ألف شخص. وفى الصومال أسفرت العمليات المشتركة التى تنفذها قوات الاتحاد الأفريقى والجيش الصومالى أسفرت عن مكاسب مثيرة للإعجاب ضد حركة الشباب، الا أن الحكومة الاتحادية الصومالية لا تزال تكافح للحكم فعلى ارض الواقع، وعلى الرغم من الدستور الاتحادى المؤقت، تصاعدت حدة التوتر بين الرئيس ورئيس الوزراء فى صراع سييء فى أواخر عام 2014 مما أسفر عن الاطاحة بالأخير. الخلاف السياسى على المستويين الاتحادى والإقليمى يهدد الآن طموح الحكومة المعلنة من إجراء الانتخابات والاستفتاء على الدستور بحلول عام 2016. وعلى الرغم من وقوع المزيد من الأراضى تحت السيطرة الاسمية للحكومة المركزية أكثر من أى وقت مضى منذ التسعينيات، فإن الواقع هو أن خليط من العشائر المسلحة المحلية لا تزال تتمتع بنفوذ كبير. وكما هو الحال فى نيجيريا تعد الانتخابات القادمة فى جمهورية الكونغو الديمقراطية هى التحدى الأكثر شراسة فى بيئة سياسية هشة بالفعل، حيث ان الرئيس جوزيف كابلا يطمع فى فترة ولاية ثالثة ولان الدستور ينتعه من ذلك فقد يتخذ قرارا بتأجيل الانتخابات للبقاء وقت أطول فى السلطة. وفى أفغانستان، فإن عدد هجمات طالبان تشير إلى أن المتمردين سوف يستمرون فى اختبار قوتهم ضد الجيش الأفغانى, مما ينذر بان يكون القتال عنصرا أساسيا من عناصر المساومة بين الجانبين ومن ثم فمن المتوقع أن يكون 2015 عاما آخر يتسم بالعنف بالنسبة للأفغان. وبينما لا يوجد لدى اليمن تاريخ من العنف الطائفى، فأنها بدأت فى اكتسابه خلال عام 2014 حيث أدى استيلاء الحوثيين على السلطة لاشعال المزيد من الصراع مع التجمع اليمنى للإصلاح، وهو حزب سياسى يتضمن الفرع اليمنى لجماعة الإخوان المسلمين، وكذلك مع تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية، كما ان قرار السعودية وقف تمويل الحكومة الجديدة يهدد بسقوط اليمن فى المزيد من الفقر والأزمات الاقتصادية. وفى ليبيا تتركز الصراعات على الثروة النفطية والغاز، والتنافس بين الميليشيات والقبائل والمصالح المتنافسة بين القوى الاجنبية، الى جانب الخلافات حول كيفية تنظيم دولة ما بعد القذافى كل ذلك يهدد بتمزيق البلاد، وتمثل ليبيا مشكلة لجيرانها أيضا حيث تدفق الأسلحة والمرتزقة للدول المجاورة . وفى فنزويلا أعلنت الميليشيات عودة الهدوء إلى شوارع كراكاس بعد اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن الموالية للحكومة والتى اسفرت عن سقوط عدة عشرات من الأرواح، ومعظمهم من المحتجين فى وقت مبكر من عام 2014، ولكن الأسباب الكامنة وراء الأزمة يجعل فنزويلا معرضة لنوبة أخرى من عدم الاستقرار خلال هذا العام، حيث تواجه حكومة الرئيس نيكولاس مادورو أزمة اقتصادية التى تفاقمت بسبب الانخفاض الحاد فى أسعار النفط، والتى تعتمد فنزويلا على 96 % من عائداتها.