تشكيل جبهة وطنية, تضم الأحزاب والقوي والشخصيات المؤمنة بمبادئ ثورتي25 يناير و30 يونيو أصبح ضرورة ملحة, فالوحدة الوطنية حول الأهداف الجامعة والضرورية في هذه المرحلة تحمي الجبهة الداخلية من مخاطر الاختراق, في وقت تواجه فيه مصر تحديات ومخاطر لم تشهد لها مثيلا في العصر الحديث. لقد تجمعت كل الأحزاب والقوي والشخصيات الوطنية في30 يونيو لتنسج ملحمة, استطاعت درء أكبر خطر واجهنا, وهو سيطرة جماعة الإخوان الإرهابية علي الحكم في مصر, وانكشاف مشاريعها المعادية لمصر وشعبها, من أجل إقامة دولة خلافة مزعومة, بدعم دول تتربص بوطننا وشعبنا. كما تجمعت القوي الوطنية خلف الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل وفي أثناء الانتخابات الرئاسية وبعدها, بعد أن توسمت فيه القدرة علي قيادة مصر في هذه المرحلة العصيبة. لكن هناك قوي وجهات ووسائل إعلام تسعي جاهدة لشق الصف الوطني, وإشعال الخلافات والانقسامات, تمهيدا لإشعال الفتن, لاستعادة فرصة تقويض الدولة المصرية. بعض الإعلاميين يروجون بقصد أو بدون قصد, لمثل هذه الانقسامات, لتفتيت الجموع التي خرجت في30 يونيو وانتخابات الرئاسة, ويخلقون أجواء تزعزع الثقة في خروج مصر آمنة وقوية من هذه الأنواء التي تهب علي المنطقة. إن إنشاء جبهة للأحزاب والقوي الوطنية ليس بالأمر العسير, فيمكن وضع عدد من المبادئ والأهداف العامة التي يتجمع حولها الشعب المصري, وفي مقدمتها مواجهة الإرهاب, وكل من يروج له أو يدعمه, مع الحفاظ علي الحريات العامة, وعدم النيل منها باسم الضرورة لمواجهة الإرهاب بما يخلق أجواء من الثقة بين الأحزاب والقوي السياسية بمختلف توجهاتها, إلي جانب الاتفاق علي تنفيذ هدف تحقيق العدالة الاجتماعية, بما يحد من الفقر, مع ضرورة مواجهة الفساد الذي استشري, وأصبح يهدد خطط التنمية, ويهدر ثروات المجتمع, لحساب فئة محدودة من المنتفعين. وأن تشمل مكافحة الفساد إعادة هيكلة الجهاز الإداري في الدولة, ليكون أكثر كفاءة, وأقل تكدسا بعمالة لا تعمل, مع تحسين الرواتب, وإدخال التقنيات الحديثة. إن مثل هذه الجبهة ستكون مفتوحة أمام جميع الأحزاب, عدا تلك المؤيدة أو المتواطئة مع الإرهاب, مع تمثيل لمؤسسات المجتمع المدني والنقابات والمؤسسات العلمية, وتتولي الجبهة تشكيل قائمة موحدة لخوض الانتخابات البرلمانية, علي أساس اختيار أكفأ العقول, وليس أصحاب المال, القادرين علي الصرف ببذخ علي الحملات الانتخابية, لنضمن عدم سيطرة أتباع الجماعات الإرهابية أو الفاسدين من رجال الأعمال علي البرلمان الجديد. أتوقع أن يدعو الرئيس السيسي إلي تشكيل هذه الجبهة, لأنها ضمانة مهمة لحماية مصر في الفترة المقبلة, وأن تتجاوب كل الأحزاب والقوي مع هذه الدعوة, والشروع فورا في تشكيل قائمة انتخابية موحدة حول مبادئ الجبهة وأهدافها, وفي حالة حدوث خلافات حول بعض المقاعد يمكن تسويتها من خلال تدخل بعض الحكماء من ذوي الخبرة, أو الرجوع إلي الرئيس السيسي, الذي سيكون بمثابة القائد الروحي لهذه الجبهة, لأنه لن يكون رئيسا لأي من الأحزاب, وإنما هو حارس للمبادئ العامة التي يلتف حولها المصريون جميعا في هذه المرحلة.