تحدثنا بالأمس عن مشكلة البطالة وآثارها وندرة فرص العمل في ظل الاوضاع الاقتصادية الراهنة.. وقلنا إن الكل يشترك في الازمة سواء الحكومة أو القطاع الخاص أو الشباب الذين مازالوا يحلمون بتراب الميري.. إلا أن شعاع من نور أنبري وسط الظلام ليضئ الطريق امام الباحثين عن حل لمشكلة البطالة التي تعاني منها الأسرة والمجتمع.. فقد سجلت بعض محافظات الجمهورية نماذج مضيئة لشباب وعمال في المحافظات المجاورة بعد أن اغلقت في وجوههم سبل الرزق, وأخرون لم ينتظروا الوظيفة الميري وشهروا عن سواعدهم واحترفوا مهنا اخري لا علاقة لها ب الشهادة التي حصلوا عليها ايمانا منهم بأن هذا هو الطريق الصحيح لبناء مستقبلهم. فيما تبلورت عدة افكار لدي بعض المسئولين في عدد من المحافظات ابرزها ما تبحث محافظة الغربية في تبنيه من اقامة مشروع بكل قرية يستوعب شبابها ويوفر لهم فرص عمل وبذلك تكون نجحت في القضاء علي البطالة وأوقفت سبل الهجرة الداخلية من الريف إلي المدن وحققت نهضة تنموية. بينما كثفت محافظات أخري من جهودها لجذب المزيد من الاستثمارات لتوفير فرص عمل اكبر لشبابها وعلي رأسها بني سويف. في الوقت الذي مازالت بعض المحافظات تتخبط وفشلت في استغلال المناطق الصناعية بها في تشغيل الشباب. في الإسماعيلية: فرص محدودة.. والرواتب متدنية القصاص: تنمية قناة السويس سيوفر آلاف فرص العمل البطالة داء خطير يصيب المجتمع في مقتل لو غض الطرف عنه وتعثرت جهود الحد من انتشاره ومعالجته بشكل علمي مدروس والمشكلة بالإسماعيلية تنحصر في تمسك شباب الخريجين بثقافة العمل الحكومي ورفض الاشتغال بالقطاع الخاص لعدم وجود المقابل المادي المناسب الذي يغريهم للبعد عن الوظيفة الميري. يقول محمد عبد الحميد حاصل علي بكالوريوس تجارة- أعياني البحث عن فرصة عمل وطرقت أبواب شركات الكهرباء وهيئة قناة السويس وللأسف لم أجد أحد يعيرني اهتماما وعلمت أن الباب مغلق أمام التعيينات وعند فتحه سيتم نشر إعلان بالوظائف العجيب أن هناك أشخاصا أعرفهم جيدا التحقوا بعقود مؤقتة في هذين القطاعين تمهيدا لتثبيتهم وفقا للقانون ويتساءل: لماذا التعتيم علي فرص العمل وقصرها علي أفراد بعينهم وهل هناك ضوابط تمنع القائمين علي هذه المواقع تشغيل اقربائهم. وأضاف أنا لا أتهم أحدا بعينه وإنما أتحدث عن واقع مرير عشته بنفسي. ويضيف أحمد بكري حاصل علي دبلوم صنايع- قائلا: التحقت بالعمل في أحد المصانع الاستثمارية براتب شهري لا يزيد عن750 جنيها وطوال ثلاثة أعوام بذلت جهدا كبيرا حتي أكون عند حسن ظن صاحبه وفوجئت بمدير شئون العاملين يخبرني بخصم250 جنيها من راتبي نتيجة وجود أزمة مادية يواجهها المصنع بسبب كساد السوق المحلية وصعوبة توفير السيولة المالية وفضلت أن أرحل للبحث عن مكان أخر أفضل من الذي كنت أعمل به لكن لم أعثر عليه حتي الآن ومازلت جالسا في منزلي واعتمد علي أسرتي في المأكل والمشرب والملبس وأتمني أن يكون هناك تنظيم في سوق العمل بعيدا عن الفوضي والعشوائية الموجودة حاليا وتأهيل شباب الخريجين للوظائف المناسبة بعقد الدورات التي تساعدهم علي الالتحاق بالوظيفة المناسبة بالقطاع الخاص. ويوضح الدكتور محمد البرماوي أستاذ بكلية الزراعة جامعة القناة- أن عملية مكافحة البطالة تتطلب تغييرات مؤسسية بعيدة المدي في البنية الاقتصادية والسياسية وتشمل إصلاح الخدمة الحكومية وإقامة نظم فاعلة للضمان الاجتماعي وتشجيع القطاع الخاص المحلي ليأخذ دوره لخفض نسبتها بين الشباب. وأضاف أنه لابد من التوسع في برامج التدريب والتأهيل للقوي البشرية العاملة التي تقف في طابور البحث عن العمل والارتقاء بمستوي التعليم والصحة والإسكان والرعاية الاجتماعية من خلال الاستثمارات الموجهة والمدروسة جيدا. ويري محمد سالم رئيس جهاز تشغيل شباب الخريجين بالإسماعيلية أن مشكلة عزوف أبناء الإسماعيلية عن الالتحاق بالوظائف التي يعلن عنها بالقطاع الاستثماري لن تجد حلا إلا إذا قام أصحاب المصانع بمراجعة الراتب الشهري الذي يمنحونه للعاملين ويتراوح ما بين650 و750 جنيها للعامل وأن يحسنوا التعامل معهم. وأشار سالم إلي ضرورة عقد مؤتمر موسع تدعي له جميع الأجهزة المعنية المهتمة بالقضاء علي البطالة سواء القطاع الحكومي أو الخاص لإصدار توصيات عاجلة قابلة للتطبيق دون أي معوقات لحل المشكلة من جذورها. وأوضح أن ثقافة العمل الحكومي تسيطر علي شباب الإسماعيلية بشكل أكبر من أي مكان أخر ولابد من تغييرها بفتح مجالات جديدة في الاستثمار وإجراء التدريبات اللازمة لهم علي المهن المختلفة حتي يجدوا الفرصة المناسبة في السوق الداخلية والخارجية. من جانبه أكد اللواء أحمد القصاص محافظ الإسماعيلية أن المشروع القومي لتنمية منطقة قناة السويس سيقضي نهائيا علي البطالة بين الشباب من أبناء المحافظة خلال العامين المقبلين علي أقصي تقدير في الحسابات الموضوعة له. وقال إن83 شركة وطنية تضم20 ألف عامل تعمل حاليا في حفر القناة الجديدة والأرقام قابل للزيادة في الأشهر القليلة المقبلة ولن تكون مقصورة علي شباب الإسماعيلية فحسب وإنما الفرصة متاحة للجميع من المحافظات الأخري. وأشار القصاص إلي أنه سيتم تطوير المراكز التدريبية بالتنسيق مع وزارة القوي العاملة في المهن المطلوبة للمشروعات الاستثمارية المختلفة لتخريج الكوادر اللازمة القادرة علي إنجاز المهام الموكلة إليها.